انهارت المفاوضات بين تحالف القوى الوطنية العراقية (الكتلة السنية الأكبر في البرلمان العراقي) والتحالف الوطني الشيعي أمس بسبب ما وصفه سلمان الجميلي، رئيس وفد الكتلة السنية، في بيان بإصرار بعض أطراف التحالف الشيعي على «المنهجية القديمة» في التعامل مع الشركاء السياسيين.
وأضاف الجميلي بعد جلسة مفاوضات بين الجانبين إن «المفاوضات مع وفد التحالف الوطني انهارت بسبب إصرار بعض أطراف التحالف الوطني على منهجيته القديمة في التعاطي مع الشركاء السياسيين».
بدوره، أوضح عصام العبيدي، القيادي في تحالف القوى الوطنية العراقية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المشكلة التي نواجهها هي أن بعض أطراف التحالف الوطني (الشيعي) وبالذات أعضاء ائتلاف دولة القانون (بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته) في لجنة المفاوضات لا يقبلون بإعطاء أية ضمانات بخصوص المطالب والحقوق التي تقدمنا بها». وأضاف العبيدي: «إنهم يريدون تقديم أسماء المرشحين لشغل الحقائب الوزارية، بينما نريد نحن الاتفاق على البرنامج، وهو ما لم نتوصل إلى حل بشأنه حتى الآن». وبشأن ما إذا كان هناك مرشحون لشغل الحقائب الوزارية من السنة، قال العبيدي: «نعم لدينا مرشحون، ولكننا لن نقدمهم ما لم نتفق على البرنامج الذي هو شرط مشاركتنا في الحكومة وليس مجرد ملء شواغر وزارية». يذكر أن من بين مطالب الكتلة السنية أن لا تقل حصة المكون من المناصب في الحكومة وسائر مؤسسات الدولة عن 40 في المائة.
ويأتي هذا الانهيار غداة إعلان التحالف الوطني (الشيعي) أنه أنجز ورقة برنامج الحكومة المقبلة برئاسة رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي. وقال بيان لمكتب رئيس التحالف إبراهيم الجعفري، إنه جرى «الاتفاق على طرح الورقة الختامية التي ستمثِّل البرنامج الحكومي للسنوات المقبلة، وتقديمها إلى الكتل الأخرى، للمضي في تأليف التشكيلة الوزارية ضمن المدة القانونية» التي تنتهي في 11 سبتمبر (أيلول).
وطبقا لمصدر سياسي مطلع وقريب من أجواء الحوارات الجارية تحدث لـ«الشرق الأوسط»، شريطة عدم الإشارة إلى اسمه، فإن «الورقة الكردية على وشك الاكتمال بعد أن شهدت المفاوضات بين التحالفين الوطني والكردستاني نقاط تفاهم كثيرة، لا سيما أن مطالب الأكراد ليست بدرجة من التعقيد، وأحيانا عدم المقبولية في جزء منها، مثل مطالب الكتل السنية».
وأضاف المصدر المطلع أن «قوى التحالف الوطني التي تتفاوض مع الأكراد باسم التحالف بدت حتى الآن أكثر تساهلا مع المطالب الكردية، لا سيما أن كلها تقريبا تتعلق بالدستور، وبالتالي لا يجد التحالف الوطني نفسه في حالة من الحرج حتى أمام جمهوره الشيعي، عندما يقدم الضمانات المطلوبة لتحقيق مطالب الأكراد، خصوصا أن الخلافات حول الدستور تشمل الجميع».
لكن، حسب المصدر المطلع، فإن «الورقة السنية بدأت تأخذ أبعادا جديدة، خصوصا بعدما بدا أن الولايات المتحدة الأميركية تقف مع السنة الآن، لا سيما بعد تهديدات (داعش)، وهو ما جعل المفاوض السني يسعى للاستفادة مرتين، مرة من تأييد الأميركيين له، ومرة من وجود (داعش) في المناطق الغربية، وهو ما بات يسعى إلى تسويقه داخل غرف المفاوضات من أنه في حال لم يحصل على ما يريد فلن ترضى عنه البيئة المتمردة التي قد تذهب بعيدا مع (داعش)».
بدورها، انتقدت الجبهة التركمانية في العراق ما تعانيه المكونات والأقليات الأخرى في البلاد من هيمنة الشيعة والكرد والسنة على القرار السياسي في البلاد، بما في ذلك توزيع المناصب السيادية العليا (رئاسة الجمهورية والبرلمان والوزراء) على أساس الاستحقاقات القومية وخارج السياقات الانتخابية.
وقال رئيس الجبهة وعضو البرلمان العراقي، أرشد الصالحي، في حديث لـ«الشرق الأوسط» إنه «رغم الظلم والاضطهاد الذي تعانيه المكونات والأقليات العرقية والدينية في العراق، لا سيما عمليات التهجير والنزوح والحصار، فإن مما نلاحظه أن هيمنة المكونات الكبيرة في البلاد، ونقصد بذلك الشيعة والسنة والأكراد، لا تزال بعيدة عن النظر إلى حقوق تلك المكونات بأي شكل من الأشكال».
وأضاف الصالحي أن «التركمان ليسوا أقلية في العراق مثلما يجري تصويرهم والتعامل معهم من قبل الآخرين، بل هم القومية الثالثة في البلاد، وبالتالي لا بد أن يكون لهم نصيبهم من المناصب السيادية العليا في البلاد، وفقا للاستحقاق القومي لا الانتخابي».
وقال الصالحي إن «التركمان وخلال المفاوضات مع الكتل الأخرى سيقترحون استحداث منصب جديد هو نائب رئيس الوزراء لشؤون المكونات، ويكون من حصة التركمان، لكن ليس على أساس الاستحقاق الانتخابي بل القومي، شأننا في ذلك شأن السنة والشيعة والأكراد، على أن يكون لنا تمثيل وزاري على أساس الاستحقاق الانتخابي».
وأوضح الصالحي: «ورقتنا التفاوضية التي سنطرحها على الكتل السياسية تقوم على أساس عدم استخدام المواد الخلافية في أوراق الكتل حاليا؛ لكي نتجنب الأزمات والتأخير، ونعمل على ترحيلها إلى ما بعد تشكيل الحكومة حتى لا تكون هناك ذريعة لمن يريد عدم تشكيل الحكومة، لا سيما أن الكثير من النقاط الخلافية هي خارج صلاحيات رئيس الحكومة المكلف، وبالتالي لا بد من الفصل بين البرنامج الحكومي الذي يجب أن نتوافق عليه وبين المسائل الخلافية التي تحتاج إلى وقت طويل».
انهيار المفاوضات بين الكتلتين الشيعية والسنية يهدد جهود تشكيل حكومة العبادي
مصدر قريب منها لـ «الشرق الأوسط» : هناك تساهل مع مطالب الأكراد لأن «كلها تتعلق بالدستور»
انهيار المفاوضات بين الكتلتين الشيعية والسنية يهدد جهود تشكيل حكومة العبادي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة