30 حملة لمقاطعة البضائع الإسرائيلية في الضفة

فلسطين تستورد بضائع بأربعة مليارات دولار من إسرائيل سنويا

محتجون في الضفة الغربية لدى مواجهات مع عناصر من الجيش الإسرائيلي أمس (أ.ف.ب)
محتجون في الضفة الغربية لدى مواجهات مع عناصر من الجيش الإسرائيلي أمس (أ.ف.ب)
TT

30 حملة لمقاطعة البضائع الإسرائيلية في الضفة

محتجون في الضفة الغربية لدى مواجهات مع عناصر من الجيش الإسرائيلي أمس (أ.ف.ب)
محتجون في الضفة الغربية لدى مواجهات مع عناصر من الجيش الإسرائيلي أمس (أ.ف.ب)

اختفت البضائع الإسرائيلية الشهيرة من على رفوف بعض المحلات الكبيرة والصغيرة في الضفة الغربية، لأول مرة منذ سنوات طويلة، وأهملت إلى حد كبير تلك التي بقيت، وذلك تحت تأثير الحملات الشعبية التي تطالب بمقاطعة البضائع الإسرائيلية ردا على «جرائم إسرائيل» في غزة.
ويوجد في الضفة الغربية أكثر من 30 حملة لمقاطعة البضائع الإسرائيلية. وقال صبيح «سيخلف هذا تأثيرا مباشرا على الاقتصاد الإسرائيلي».
ويتوخى القائمون على الحملات أن ينجحوا في التخفيف من حجم الواردات من إسرائيل من 20 إلى 30 في المائة، وهو ما يساهم بحسب صبيح برفع حصة المنتج الفلسطيني من 11 إلى 18 في المائة وسيخلف عشرات آلاف فرص العمل.
ورغم أن هذه الحملات أو المطالب ليست ملزمة وإنما اختيارية لكن حجم التجاوب من قبل التجار وأصحاب المحلات، والمتسوقين الفلسطينيين بدا هذه المرة غير مسبوق. وقال الطبيب أنصار سعادة لـ«الشرق الأوسط» بأنه «لا يمكن الاستمرار في دعم اقتصاد إسرائيل، أصبح الأمر كمن يمول ثمن الأسلحة التي يقتل بها عدوه شعبه». وأضاف: «أثق بجودة البضائع الإسرائيلية نعم، ولكن هذا ليس محل مساومة مقابل الدم».
وبدأ سعادة في استبدال المنتجات الإسرائيلية التي اعتاد عليها في السابق، واختار من محلات مختلفة في رام الله بضائع محلية أو أوروبية بحسب الحاجة، من دون أن يلتفت للبضائع الإسرائيلية.
وفي صيدلية ابن الهيثم، في بيت لحم توقف عزام الشلبي مطولا عند بعض الحاجيات وتفقدها جيدا ليتأكد أنها ليست إسرائيلية أو حتى جاءت عبر وكيل إسرائيلي، قبل أن يبتاعها، وقال لـ«الشرق الأوسط» بأنه وجميع أفراد عائلته مقاطعون وأقر تجار كبار في رام الله وبيت لحم والخليل ورام الله ونابلس بتراجع حجم مبيعات البضائع الإسرائيلية، هذا الأسبوع، واختار آخرون تفريغ محلاتهم من البضائع الإسرائيلية نهائيا. وأعلنت سلسلة سوبر ماركت «برافو»، قبل يومين أنها بدأت بحملة لتنظيف كافة فروعه المنتشرة في الضفة الغربية من المنتجات الإسرائيلية، إما عبر إعادتها إلى الوكلاء، أو التصرف بها بعديا عن البيع. وقال مسؤول التسويق يوسف سدر: «كيف يمكن لنا أن نبيع ونشتري منتجات من يقتلون أطفالنا». وقال السوبر ماركت في بيان: «انتصارا لدماء الشهداء، ورفضا للمساهمة في تمويل الجيش الإسرائيلي الذي يحتل بيوتنا ويقتل أبناءنا، فقررت إدارة (برافو) البدء بتنفيذ خطة شاملة لمقاطعة البضائع الإسرائيلية التي لها منتج بديل وطني أو مستورد على مراحل».
وجاء في البيان: «سيتم البدء بكبرى الشركات الإسرائيلية (عصائر تبوزينا وسبرينج، تنوفا، شتراوس، عيليت، أوسم، تارا)، واستكمال تحديد البضائع التي سيتم وقف عرضها في برافو تباعا». وأدى هذا إلى تفريغ نحو 40 في المائة من بضائع السوبر ماركت.
ولم يتضح على الفور الخسائر المتوخاة للاقتصاد الإسرائيلي جراء المقاطعة الفلسطينية، لكن مقاطعة شركة «تنوفا» الإسرائيلية من قبل سوبر ماركت «برافو» فقط تكلفها أكثر من 100 ألف دولار شهريا.
وتبلغ حجم الواردات الفلسطينية السنوية من إسرائيل ما يقارب 4 مليارات دولار، بحسب إحصائيات فلسطينية رسمية.
وهاذ العام أظهر تقرير للجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني أن حجم واردات الفلسطينيين من السلع الإسرائيلية، بلغ 1.5 مليار دولار للشهور الخمسة الأولى فقط.
وبحسب التقرير فقد بلغ إجمالي قيمة الواردات الفلسطينية من مختلف أنحاء العالم 2.174 مليار دولار أميركي، فيما شكلت الواردات من إسرائيل 1.5 مليار دولار أميركي، أي ما نسبته 68.7٪.
وتعد هذه الأرقام مرتفعة إذا ما قورنت بأرقام البضائع التي كانت تأتي من المستوطنات الإسرائيلية وجرى منعها في الضفة الغربية، وتبلغ نحو 500 مليون دولار في السنة. وكانت السلطة الفلسطينية شرعت قبل 4 سنوات في حرب ضد بضائع المستوطنات على الأرض الفلسطينية، وأعلنت أنها ستجرم التجار الذين يتعاطون بها.
ولكنها لم تتخذ خطوة مماثلة تجاه كل البضائع الإسرائيلية، رغم الدعوات المتكررة لذلك من نشطاء ومؤسسات أهلية. وقالت السلطة بأنها لا تريد مقاطعة إسرائيل والتحريض ضدها وإنما فقط ضد المستوطنات. ومنذ نحو 3 عقود لم تنجح دعوات مقاطعة إسرائيل في الأراضي الفلسطينية وإنما بقي الأمر جزئيا.
وقال أيمن صبيح رئيس اتحاد الصناعات الورقية الفلسطينية لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المرة يبدو الأمر مختلفا، المقاطعة أوسع وأشمل ومفاجئة حتى للقائمين عليها».
وأضاف: «السبب الرئيسي هو الحرب على غزة». وتابع: «الحرب ساعدت الناس على اتخاذ قرار بالمقاطعة، كما أن إدارة حملات المقاطعة بشكل أوعى، أدى إلى رد فعل جيد». وأضاف صبيح «سيحرر هذا الاقتصاد الفلسطيني إلى حد كبير من تبعيته للاقتصاد الإسرائيلي».
وتكبل اتفاقيات اقتصادية مرتبطة باتفاق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين يد الاقتصاد الفلسطيني إلى حد كبير.
لكن صبيح يعتقد أن السلطة قادرة على اتخاذ قرارات مؤثرة من غير أن تضطر إلى مقاطعة علنية ومخالفة الاتفاقيات.
وقال صبيح: «تستطيع السلطة تنظيم السوق الداخلية، ومعاملة البضاعة الإسرائيلية بالمثل الذي تعامل فيه بضائعنا في إسرائيل، ويحق للسلطة أن تستورد جميع المحروقات من الخارج وتستطيع كذلك تطوير الصناعة المحلية بما ينعكس على تحسين الاقتصاد وتقويته. وأنا آمل أن تلتقط الفرصة».
لكن بغض النظر عن موقف السلطة لا يتوقف الناشطون أبدا عن سعيهم إلى إقناع الناس بشتى الطرق. ووزع ناشطون في معظم مدن الضفة ملصقات في الشوارع والمحلات، كتب عليها «قاطع» و«لا تدفع ثمن رصاصهم» و«إذا لم تقاطع يموت أطفال غزة» و«اخجل وأنت تشتري وتبيع بضاعة العدو».
وطلب اتحاد جمعيات حماية المستهلك الفلسطيني في بيان التجار وأصحاب المحلات، بالتخلص من البضائع الإسرائيلية لديهم.
وأضاف في بيان «أن صفة المتعاونين مع العدو والعملاء الاقتصاديين للاحتلال ستنطبق من منتصف الشهر المقبل (15 - 9 - 2014) على كل من لم يرضخ لقرارات المقاطعة من التجار وأصحاب الشركات والمزودين ولم ينصع للمهلة المحددة وعلى كل من يتعمد الإمعان في الاستمرار بترويج البضائع والخدمات الإسرائيلية وإغراق أسواقنا بها».
وقدمت وسائل إعلام محلية دعما من نوع آخر للمقاطعة، وقالت إذاعتا «راية» و«24 إف إم» من رام الله بأنهما سيقومان بالترويج للمتجر الذي يقاطع البضائع الإسرائيلية بشكل مجاني.
ولكن هناك أيضا من بين الفلسطينيين من يرفض كل ذلك، وما زال يسافر إلى مول «رامي ليفي» الإسرائيلي الموجود على طرق سريعة مشتركة في الضفة ليشتري حاجياته من هناك طمعا في تخفيضات كبيرة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».