تجاوز مهرجان القطيف (واحتنا فرحانة) حدود الترفيه، على اعتبار أن فعالياته تنطلق في اليوم الثالث من حلول عيد الفطر المبارك؛ بل إن دائرته اتسعت لتحتضن الكثير من الفعاليات والمهارات التثقيفية والعلمية، وتعرج أيضا على تراث المنطقة الشرقية بشكل عام لتعزز مكانة حب الوطن في قلب أبنائه.
فبالإضافة إلى الفعاليات الترفيهية للأطفال التي تركزت في الأيام الأولى، من خلال تنوع الفعاليات الخاصة بالعيد، إلى العروض المسرحية للكبار، والتي يوجد بها عدد من كبار الفنانين المسرحين من دول الخليج العربي، وتحديدا من دولة الكويت الرائدة في المسرح والفنون، لتصل إلى حد إكساب الأطفال مهارات علمية تتعلق بسرعة البديهة في علم الرياضيات، من خلال جناح (الخوارزمي الصغير) الذي يشرف عليه أحد المختصين في هذا المجال، مكلفا من أحد المعاهد الخاصة المهتمة بتطوير علم الرياضيات، وزرع مهارات إضافية للأطفال دون سن العشرة أعوام، خصوصا أن علم الرياضيات يعد من أصعب العلوم التي تعترض طلاب المدارس.
ويقول المشرف على الجناح الدكتور عبد الله المحمود لـ«الشرق الأوسط» عن هذا الركن: «كان الإقبال من الأطفال على هذا الركن يفوق التوقعات، خصوصا أن الفترة التي يقام فيها المهرجان هي فترة عيد الفطر، حيث يحرص الأطفال كثيرا على أكبر عدد من ساعات اللعب والترفيه، ولكن نجح هذا الركن في جلب الأطفال وإبعادهم عن طريق اللهو واللعب إلى طريق الجدية الهادفة إلى اكتساب هذا العلم بهذا الأسلوب الجديد».
وبيّن المحمود أن اكتساب المهارة في هذا النوع من علم الرياضيات يحتاج تركيزا أكبر؛ حيث تطرح بشكل سريع أعداد على الأطفال باستخدام رموز الرياضيات وهي: الجمع والطرح، وبلغة خاصة، وخلال ثوان أو حتى لحظات يطلب من الطفل إيجاد الناتج من الجمع والطرح للأرقام، حيث يستدعي ذلك تركيزا كبيرا جدا، وتحريكا سريعا لأصابع اليد أو إحدى الآلات اليدوية تفوق التوقعات، وتسبق حتى الآلات الإلكترونية المستخدمة في الحساب والرياضيات.
ويضيف: «الأطفال الذين يشتركون في هذا البرنامج، يمكن أن ينسحبوا من الألعاب التي يلهون بها خلال لحظات من سماعهم نداء المعلم أو حتى رمز من الرموز التي تدل على بدء عملية حسابية، وهذا شيء يؤكد أن هذا العلم جذاب، ويفوق حتى جذب الألعاب للأطفال، رغم أن الجميع يدرك ما تمثله الألعاب للأطفال».
وأشار إلى أن هناك مستويات لهذا النوع من العلم تصل إلى عشرة مستويات، وتستخدم فيها أرقام كبيرة في عمليات الحساب الأخرى مثل: الضرب، والقسمة، وغيرهما، ولكن هذه المهارات لا يتم اكتسابها بسرعة؛ بل بالتدريج، وخلال فترة زمنية محددة متى كانت لدى الطفل سرعة بديهة وقدرة على الاستيعاب».
كما يوجد هناك ركن تعليم لمهارات أخرى مثل الغوص للأطفال، حيث يتولى المهمة في هذا الجانب الغواص زيد آل زيد من نادي الساحل الشرقي للغوص والرياضات البحرية، حيث تعد هواية الغوص من الهوايات المحببة لأهالي المناطق الساحلية، ومن بينها المنطقة الشرقية التي تطل على الخليج العربي.
وبيّن آل زيد أن كافة متطلبات الغوص من الأجهزة تستخدم في التدريب الذي يستهدف الأطفال، حيث يلقى هذا الركن إقبالا كبيرا من الأطفال، ولكن ذلك يتطلب موافقة أولياء أمورهم كحال غالبية الفعاليات في المهرجان. ويلقى هذا المهرجان اهتماما كبيرا من قِبَل أهالي الشرقية وزوارها، حيث يقدر المنظمون له عدد زائري فعالياته المتنوعة بأكثر من 10 آلاف زائر.
وللمهتمات بالتراث والفنون، توجد هناك أجنحة تشهد تواجد كبار الفنانين في المنمنمات والبورتريه، وكذلك الرسوم الكاريكاتيرية والتشكيلية، وغيرها، ويقوم الفنانون بالشرح للزوار عن هذه الفنون شرحا وافيا، حيث إن عددا كبيرا من المشاركين في هذه الأجنحة ممن حصدوا جوائز فنية على المستوى الإقليمي، وحتى الدولي في المسابقات الخاصة في الفنون، والرسم، والتشكيل، وغيرها، فيما تم توسيع البيت القطيفي ليكون الحي القطيفي، حيث يشمل ذلك كل مكونات الأحياء في محافظة القطيف من منازل، وخدمات، وأسواق، لتعيد بالذاكرة زوار هذا الركن إلى الوراء عشرات السنين.
وتواجدت عضو مجلس الشورى السعودي الدكتورة نهاد الجشي في الحي القطيفي، حيث ألقت محاضرة بسيطة عن هذا التراث، وهي من أبرز المهتمين بهذا المجال، وصاحبة فكرة وجود هذا النوع من التراث بين أرجاء المهرجان منذ موسمه الأول، من خلال البيت القطيفي.
وعدا هذه الفعاليات توجد فعاليات شبابية مثل: عروض السيارات المعدلة، والدبابات، وكذلك الأركان الحرفية المختصة بمسابقات التوائم، حيث شاركت سيدتان في المسابقة أعمارهما تصل إلى 58 سنة، ولم تختلف ملامح أي منهما، وتحصل الفائزتان في هذه المسابقات على تذاكر سفر إلى باريس. ويستمر المهرجان لمدة عشرة أيام، ليكون من أطول المهرجانات المتعلقة بفرحة العيد وأكثرها حيوية حسب المتابعين.
ويقول عبد رب الرسول الخميس، رئيس اللجنة المنظمة للمهرجان، إن مهرجان واحتنا فرحانة نجح في شق طريق النجاح، نتيجة عدم المكابرة في معالجة السلبيات التي تحدث في أي نشاط، وهناك قدرة لدى القائمين على هذا المهرجان للاستماع إلى كافة وجهات النظر والعمل بالأصلح منها، مشيرا إلى أن هذا المهرجان كشف درجة حب الشباب والشابات السعوديات للتطوع في خدمة الوطن بشكل عام، وهذا المهرجان بشكل خاص، مبينا أن الشراكة مع الجهات الحكومية ذات العلاقة، وفي مقدمتها إمارة المنطقة الشرقية التي مثلها خالد الصفيان، محافظ القطيف، وكذلك بلدية القطيف برئاسة زياد مغربل كان لها دور بارز في النجاح الذي تحقق هذا الموسم تحديدا، متمنيا أن يكون هذا النجاح داعما لتحقيق نجاحات أكبر في المهرجانات المقبلة.
جدير بالذكر أن المهرجان يقام للموسم الخامس على التوالي على مساحة 20 ألف متر مربع في كورنيش القطيف (شرق السعودية).
القطيف: مهرجان «واحتنا فرحانة» يكسب الأطفال مهارات علمية وعملية
استعرض تراث المنطقة الشرقية.. وتنوع في فعالياته
القطيف: مهرجان «واحتنا فرحانة» يكسب الأطفال مهارات علمية وعملية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة