الشرطة الباكستانية تعثر من جديد على متفجرات بالقرب من منزل مشرف

وصف محاكمته بتهمة الخيانة بأنها عملية «انتقام»

الشرطة الباكستانية تعثر من جديد على متفجرات بالقرب من منزل مشرف
TT

الشرطة الباكستانية تعثر من جديد على متفجرات بالقرب من منزل مشرف

الشرطة الباكستانية تعثر من جديد على متفجرات بالقرب من منزل مشرف

أعلنت الشرطة الباكستانية أمس أنها عثرت من جديد على متفجرات على حافة طريق ملاصق لمنزل الرئيس الأسبق برويز مشرف الذي دعي للمثول غدا أمام القضاء للمرة الأولى في محاكمته بتهمة الخيانة. وكان يفترض أن يمثل الجنرال مشرف في 24 ديسمبر (كانون الأول) الحالي أمام محكمة خاصة أنشأتها الحكومة لمحاكمته بتهمة «الخيانة العظمى» التي يعاقب عليها القانون بالإعدام، لكن الجلسة أرجئت في اللحظة الأخيرة بعد العثور على متفجرات على الطريق المؤدي إلى المحكمة. وحاول محامو الرئيس الأسبق حتى الآن إثبات عدم صلاحية هذه المحكمة التي يعدونها «مخالفة للدستور» وتعبيرا عن «انتقام شخصي» من قبل رئيس الوزراء نواز شريف الذي أطاحه مشرف في 1999 وعاد إلى السلطة بعد فوزه في انتخابات مايو (أيار) الماضي. وكان يفترض مبدئيا أن يتلو القضاة الثلاثة أمس الوقائع التي تتهمه بها الحكومة، وبعد ذلك يتلو الرئيس الأسبق روايته للحوادث، ثم تقرر المحكمة اتهامه أو عدم اتهامه «بالخيانة العظمى» التي يعاقب عليها القانون في باكستان بالإعدام. وقالت السلطات إن الاتهامات الموجهة إلى مشرف ستتلى في الجلسة المقبلة التي سيرد فيها القضاة أيضا على طلب محامي الرئيس الأسبق لتعطيل هذه المحكمة الخاصة. ووصف مشرف محاكمته بتهمة الخيانة، بأنها عملية «انتقام». وقال في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية: «كل الجيش الذي كان تحت قيادتي، منزعج.. وهو يناصرني الآن». ومن المقرر عقد الجلسة الأولى لمحاكمة مشرف بتهمة الخيانة، في 1 يناير (كانون الثاني) المقبل.
ووفقا للنيابة العامة، ارتكب مشرف جريمة في عام 2007، عندما فرض حالة الطوارئ وقام باعتقال أعضاء المحكمة العليا.. وإلى جانب تهمة الخيانة، يشتبه في تورط الرئيس الأسبق في أربع قضايا جنائية. ويواجه الرئيس الأسبق، البالغ 70 عاما، عددا من القضايا الجنائية منذ عودته من منفاه الطوعي في مارس (آذار) الماضي. لكن شائعات تحدثت عن إعداد صفقة تتيح له مغادرة البلاد لتجنيب الجيش القوي إحراجا بمحاكمة قائده السابق أمام محكمة مدنية. والقضايا الجنائية التي يواجهها مشرف تعود إلى فترة حكمه بين عامي 1999 – 2008، منذ عودته إلى باكستان، بينها اغتيال رئيسة الوزراء السابقة بي نظير بوتو. وأطلق سراحه بكفالة في أربع قضايا رئيسة ضده، لكنه يخضع للحراسة في منزله الكائن بمزرعة على مشارف إسلام آباد بسبب تهديدات بالقتل من متمردي طالبان. وأعلنت الحكومة الشهر الماضي أنها ستحاكمه بتهمة الخيانة وأمرته بالمثول أمام محكمة خاصة في 24 ديسمبر الحالي. وستكون هذه المرة الأولى في تاريخ باكستان التي يحاكم فيها قائد سابق للجيش بتهمة الخيانة. وكانت محكمة باكستانية أكدت الأسبوع الماضي أنها لا تستطيع رفع حظر السفر عن مشرف، وذلك عشية بدء محاكمته بتهمة الخيانة. وكان محامي مشرف قدم استئنافا لدى محكمة السند العليا الشهر الماضي لشطب اسم الجنرال المتقاعد من «لائحة مراقبة المغادرة» ليتمكن من السفر من أجل زيارة والدته المريضة.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».