الجغرافيا وروابط الدم تقتحمان عرسال في أزمة سوريا

استقبلت آلاف اللاجئين والجرحى.. واصطدمت مع الجيش اللبناني

الجغرافيا وروابط الدم تقتحمان عرسال في أزمة سوريا
TT

الجغرافيا وروابط الدم تقتحمان عرسال في أزمة سوريا

الجغرافيا وروابط الدم تقتحمان عرسال في أزمة سوريا

يُنظر إلى المعركة الحالية بين الجيش اللبناني، ومسلحين متشددين في بلدة عرسال الحدودية مع سوريا في شرق لبنان، على أنها الفصل الأخير من فصول أزمة بدأت في مطلع العام 2012، حين انطلقت المعارك بين القوات الحكومية السورية ومقاتلي المعارضة على الضفة السورية من الحدود، وامتدت إلى عرسال التي استقبلت اللاجئين السوريين، فيما وفرت تلالها وجبالها الشرقية ملاذاً آمناً لمقاتلين هاربين من ملاحقة النظام.
ولم تتمكن عرسال أن تعزل نفسها عن الجغرافيا وروابط الدم مع السوريين، والروابط الاقتصادية القائمة على التهريب التجاري بين البلدين، منذ عشرات السنين، إذ «وجدت نفسها مضطرة لاستقبال اللاجئين، وتقديم الدعم الطبي للجرحى من المعارضين السوريين، فيما إنخرط بعض أبنائها، وهم قلّة، في دعم المعارضين المقاتلين لوجيستياً»، كما يقول سكانها. إزاء هذا الدور، تحولت تلال عرسال إلى قاعدة خلفية للمقاتلين السوريين، ما دفع القوات النظامية السورية لاستهداف جرودها بغارات جوية، كان آخرها أول من أمس.
وتمتد حدود عرسال على مسافة 52 كيلومتراً حدودياً مع محافظتي حمص وريف دمشق السوريتين. البلدة التي تقارب مساحتها 5 في المائة من مساحة لبنان، عرفت بخطوط تهريبها غير الشرعية مع سوريا، عبر أكثر من 12 معبر غير شرعي يعرفه الجميع كان يُستخدم لتهريب مادة المازوت من سوريا إلى لبنان الذي تحول إلى تجارة رابحة، وازدادت تلك المعابر بعد انطلاق الأزمة السورية واستخدم بعضها لانتقال المقاتلين السوريين في الاتجاهين، وتصل إلى بلدات قارة وسحل والنبك وفليطا وجراجير ويبرود السورية.
يقول سكان البلدة إن الحدود مفتوحة، منذ خروج الجيش السوري من لبنان في أبريل (نيسان) 2005. قبل هذا التطور، كانت القوات النظامية تحكم السيطرة على ما يعرف بالمرصد، وهي سلسلة قمم جبلية، تفصل لبنان عن سوريا، وتتبع للأراضي اللبنانية، وتطل على وادي الخيل ووادي شبيب، ومناطق واسعة أخرى من جرود عرسال. ومنذ انسحاب القوات السورية، لم تحل محلها إلا أعداد قليلة من نقاط حرس الحدود اللبنانية. وبعد اشتعال الأزمة السورية، فقدت القوات النظامية السيطرة على المواقع الحدودية، وباتت المواقع تحت سيطرة مقاتلي المعارضة.
في تلك الفترة، اصطدم سكان البلدة، غير مرة، مع الجيش اللبناني، ونُفذت عمليات اعتداء على عناصر وضباط الجيش، أبرزها في وادي رافق في شهر فبراير (شباط) 2013، أسفرت عن مقتل عسكريين إتهم بتدبيرها مسلحون سوريون. أما الجيش النظامي السوري، فخرق الحدود باتجاه لبنان عدة مرات، ونفذت مروحياته وطائراته عدة غارات داخل أراضي البلدة، قيل إنها استهدفت مقاتلين سوريين معارضين وشحنات أسلحة.
وكثف الجيش اللبناني من نقاط وجوده في عرسال. وتتوزع نقاط الجيش على أطراف البلدة، إذ توجود خمس مواقع ثابتة على الأقل شرق البلدة على مداخل الوديان المؤدية إلى الأراضي السورية، وهي وادي عطا، وعقبة الجرد ووادي حميد، والمصيدة ووادي الحصن. كما تقع غرب البلدة بمحاذاة بلدة اللبوة، ثكنة عسكرية كبيرة قرب المهنية، و3 مقرات ثابتة هي حاجز عين الشعب، وسرج حسان ووادي الرعيان.
وتضاعفت معاناة سكان عرسال جراء الأزمة السورية، بدءاً من الخريف الماضي، إثر إطلاق القوات الحكومية السورية مدعومة بمقاتلي حزب الله اللبناني حملة لاستعادة السيطرة على القلمون في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. ارتفعت أعداد اللاجئين إلى عرسال إلى ما يقارب المائة ألف لاجئ، فيما تحولت جبال عرسال الشرقية ملجأ لمقاتلي المعارضة. وأكدت شخصيات من البلدة، مراراً، أنها تضم متعاطفين مع الثورة السورية، «وقد يوجد فيها، استثنائيا، مؤيدون للفكر المتشدد، لكنها ليست مرتعا للقاعدة، وليست قاعدة لتهريب السلاح إلى سوريا».
مع اشتداد الأزمة، باتت نقاط الجيش اللبناني في جبال عرسال نقطة استهداف من المجموعات السورية المسلحة التي عبرت الحدود. وتضاعفت الاعتداءات على الجيش، بعدما استعادت القوات الحكومية السورية سيطرتها على بلدات القلمون، ما دفع بكثير من المقاتلين إلى الفرار باتجاه المناطق اللبنانية.
وكانت أبرز الاستهدافات في شهر مارس (آذار) الماضي، حين إنتحاري فجر نفسه عند حاجز للجيش اللبناني في عين عطا بجرود عرسال أسفر عن مقتل 3 عسكريين لبنانين. وتلا هذا الحادث، إطلاق النار على حاجز للجيش في عرسال بتاريخ 21 أبريل (نيسان) الماضي، فيما قام ثلاثة مسلحين قادمين من الأراضي السورية، يستقلون سيارة رباعية الدفع من نوع «جي أم سي»، تجاوزوا حاجز الجيش في محلة وادي عطا في عرسال، بإطلاق النار على عناصر الحاجز باتجاههم، في 15 يونيو (حزيران) الفائت، كما هاجم في 24 يوليو (تموز) الماضي، مسلحون سوريون حاجزاً للجيش اللبناني في وادي حميد في عرسال بالأسلحة الرشاشة.
وتقع البلدة التي تسكنها أغلبية سنية، وتعد الخزان البشري لتيار المستقبل في البقاع الشمالي، في محيط شيعي، بأغلبه مؤيد للنظام، ولحزب الله الذي يقاتل ضد المعارضة في سوريا.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.