جلال غيازة.. من لاعب كرة يد إلى رجل أعمال

مؤسس «دليس».. تونسي وصل إلى {العالمية} بالحلويات والشوكولاته بأقل نسبة من السكر

جلال غيازة
جلال غيازة
TT

جلال غيازة.. من لاعب كرة يد إلى رجل أعمال

جلال غيازة
جلال غيازة

بعد ساعة من الحديث مع جلال غيازة، مؤسس شركة «دليس» للحلويات والشوكولاته، لا بد أن تخرج بشعور بالخفة ممزوجا بالذنب. خفة يشعر بها أي أحد يقابل رجلا عصاميا تلهمك قصة نجاحه، والذنب لشعورك بأنك اكتسبت كيلوغراما كاملا في هذه الساعة بسبب الحلويات التي سيضعها أمامك فوق الطاولة لكي تتذوقها مبررا أن الأمر ضروري لكي تفهم ما يتكلم عنه.
الصورة التي تتبادر إلى الذهن قبل مقابلته هي صورة «شيف» بينما هو في الحقيقة رجل أعمال من الطراز الأول. بادر بفخر «أن تحتل مكانا مميزا واستراتيجيا في محلات (هارودز) اللندنية فهذا أمر يتمناه كل صاحب مشروع، سواء كان من صناع العطور ومستحضرات التجميل والساعات أو من صناع الشوكولاته وغيرها. وأن تسعى إليك هارودز عوض أن تسعى إليها أنت وتطلب ودها، فهذا أمر نادرا ما يحصل، ويدل على أن المنتج أكثر من متميز. وهذا تحديدا ما حصل معي».
تجربته في «دليس» Delices قصة نجاح بكل المقاييس بدأها من الصفر في دبي بقرض قدره 15.000 جنيه إسترليني، والآن تقدر الشركة بـ6 ملايين جنيه إسترليني سنويا، ويتوقع أن يتضاعف هذا الرقم هذا العام بعد افتتاح عدة محلات عالمية، خصوصا أن أي أرباح يجنيها يستثمرها في الشركة عوض إطلاق أي مشاريع أخرى. بدأت قصة هذا الشاب التونسي منذ 32 عاما، عندما شد الرحال إلى قطر كلاعب كرة يد محترف. بعد خمس سنوات، توقف عن اللعب وأسس أول شركة تجارية تخصصت في استيراد وتصدير الكافيار الإيراني. كان ذلك في عام 1987. وبعد سبع سنوات، قرر التوجه إلى دبي، ربما لأن حسه التجاري دله بأن مستقبله سيكون فيها، بحكم أن الإمكانيات فيها أكبر. كان لا بد أن يغير تجارته واتجه لتمثيل مجموعة من الماركات العالمية، مثل قهوة لافازا والمعكرونة الإيطالية وغيرهما. يعترف «كانت هناك نجاحات وأيضا أخطاء تعلمت منها الكثير، لهذا عندما أطلقت شركة (دليس) لم يكن هناك مجال للخطأ، وكان لا بد أن أنجح لا سيما أن فكرتها كانت تتوفر على كل عناصر النجاح بالنسبة لي».
عند سؤاله عن الأخطاء الكثيرة التي يقول: إنه تعلم منها، يجيب:
«تعلمت أن لا أبدأ أي مشروع قبل أن أدرسه تماما من كل الجوانب وبطريقة متحفظة، وعاهدت نفسي بعدم الاقتراض أو الاعتماد ماليا على أي جهة خارجية. وإذا كانت هناك أي نصيحة يمكن أن أسديها لأي شخص يريد أن يطلق مشروعا خاصا به، فهي أن يبدأ بماله الخاص وأن يكون لديه ما يكفي لتغطية أول عامين. طبعا هذا هو الأمثل، لأني أعرف أنه ليس بإمكان الكل أن يبدأ من دون تمويل خارجي، لكني أركز على أهمية هذه النقطة لأن تفكير صاحب المشروع يكون منصبا على التطوير والتوسع وليس على الجري وراء تحقيق الربح لسد الدين. طبعا عدم الخبرة والطموح الجامح أيضا من العناصر التي تشكل عائقا». لا يخفي جلال أن كل إنجازاته وأخطائه كانت ميدانية، فقد تحول من لاعب كرة يد إلى رجل أعمال لأنه شعر بأن العمر يمر وبأن الوقت كان مناسبا لكي يتفرع إلى مجال آخر. لم تكن لديه أي خبرة تجارية أو تكوين إداري، إذ درس الفيزياء والكيمياء والهندسة الميكانيكية، وهي تخصصات لم تحضره لإدارة الأعمال «ربما يكون هذا هو السبب في المطبات التي تعرضت لها في بدايتي والقرارات التي لم تكن مدروسة بقدر ما كانت مندفعة» حسب تعليقه.
أول تجربة له في مجال الأعمال، كانت مع منتج لا يقل ترفا عما يقدمه الآن في «دليس» ألا وهو الكافيار. اعتمد فيه كليا على حسه، وكان درسا مفيدا في مجال التسويق وكيف يمكن تأسيس شركة بأسس قوية وصحيحة. يعترف: «كنت أشتري الكافيار الذي يجلبه الصيادون الإيرانيون إلى موانئ دبي بطريقة غير قانونية. كنت أشتريه بكميات كبيرة ثم أعلبه وأغلفه وأرسله لزبائن في ألمانيا وفرنسا وغيرها من البلدان. لكن لا يصح إلا الصحيح، فبعد بضع سنوات، وقعت دولة الإمارات اتفاقية مع إيران تفيد بأن أي شيء يصل إليها يجب أن تدعمه أوراق قانونية وتوقيعات رسمية، الأمر الذي أثر على كميات الكافيار التي أصبحت تصلني. تجربتي في مجال المنتجات المترفة، شجعتني أن أبقى في نفس المجال. وبالفعل أطلقت بعد ذلك ماركة زيت زيتون باسم (نجلا) ارتقت إلى المرتبة الثانية في الشرق الأوسط من حيث مبيعاتها، لكني عندما وجدت ثغرة في السوق في مجال الحلويات والشوكولاته المتميزة شكلا ومواد، لم أتردد وتفرغت لها تماما، لأني كنت مثل المتخبط الذي وجد ضالته أخيرا».
ما شجعه أيضا أنه يعرف كيف تصنع الحلويات في تونس منذ أن كان طفلا يتابع بعيون فضولية والدته ونساء العائلة وهم يعجنونها ويلولبونها أو يقطعونها ضمن طقوس جميلة، كانت تجعله يترقب بلهفة خروجها من الفرن لكي يتذوقها. أخذ الفكرة وطورها بأسلوب يواكب متطلبات العصر «إذ لم يكن من الممكن أن أطرحها بنفس الشكل التقليدي أو أصنعها بنفس الطريقة، فقد تغير الوقت، كذلك الأذواق لا سيما أني كنت أريد أن أتوجه بها إلى العالم، الذي أصبح واعيا لمخاطر السمنة وتبعاتها الصحية. من هنا جاءت فكرة أن أصنعها بنسبة سكر أقل وبمواد طرية لا تحتاج إليه كثيرا. أوليت أهمية كبيرة للشكل أيضا، وحرصت أن تكون بمثابة تحف فنية صغيرة تغذي العين وتمتعها قبل البطن. لم يكن هناك أدنى شك بأنها يجب أن تكون منتجا راقيا، لكي تبرر سعرها وتواجدها في أماكن بيع مهمة، سواء تعلق الأمر بمحلات مثل (هارودز) أو بفنادق خمس نجوم يزيد عددهم في كل عام».
على ذكر الفنادق، لا ينكر جلال فضل فندق مدينة الجميرة عليه، فنقطة التحول بالنسبة له بعد إطلاقه شركة «دليس» بثمانية أشهر فقط كانت تعاقد الفندق معه على توفير كميات كبيرة تقدر بـ12.000 علبة. بعد ذلك أصبح كل شيء في خبر كان، حيث ترامى الخبر إلى باقي الفنادق الذين تسابقوا للحصول على كميات لا يستهان بها، وبشكل منتظم إلى حد اليوم. بعد أسبوع فقط من تعاقده مع فندق مدينة الجميرة، توسعت شركته التي كانت تعتمد على 4 موظفين فقط لتضم 25 موظفا، يزيد عددهم كلما افتتح فرعا جديدا في بلد ما. فبالإضافة إلى الشرق الأوسط، تتواجد «دليس» حاليا في أرمينيا وأذربيجان كما في لندن وقريبا بلدان أخرى، مثل كوريا الجنوبية والولايات المتحدة.
يشير بكل تواضع: «أعتقد أن أي شخص يمكن أن يحقق النجاح إذا كان يحب عمله وكان مستعدا للتفاني فيه. فكلما أعطاه من جهده ووقته جنى وحصد. أنا، مثلا، لم أطلب ود محلات هارودز بل هم الذين طلبوا التعاون معي، واستغرقت المفاوضات بيننا مدة طويلة لأني كنت في موقف قوة، وكان لا بد لهم أن يقبلوا بشروطي، الأمر الذي لم يكن ليحصل في حال ما كنت أنا بحاجة إليهم. أنا سعيد بالأمر لكن لا يزال أمامنا الكثير، فوجودي في هارودز مهم لأنه بمثابة استثمار للتعريف بالماركة لشرائح جديدة من الزبائن. يمكنني القول بأنه بمثابة مفتاح يمكن أن يفتح لي أبوابا أخرى، لأنني مؤمن بأن دليس ليست مجرد اسم آخر في مجال صنع الحلويات والشوكولاته، بل هي ماركة قائمة بحد ذاتها، بدليل أن زبائننا يتضاعفون كل عام، بعد أن باتوا يعرفونها ويثقون بها، كما أنها ترسخت في ذهنهم كماركة عالمية معروفة ومضمونة».
عندما يذكر اسم «باتشي» أمامه وبأنه قد يكون منافسا قويا، خصوصا أن الزبائن العرب تعودوا عليه وأصبح بينهم وبينه ما يشبه الولاء الناتج عن التعود، يرد متململا لكن بثقة: «أعد الكل منافسا لنا حتى صناع العطور المتخصصة. أما من ناحية المنتج نفسه فإني لا أعد (باتشي) منافسا لأنه مختلف تماما عما نقدمه. نحن نقدم أجود أنواع الشوكولاته في العالم ولا نستعمل أي ملونات ولا أي مواد غير طبيعية، كما توصلنا إلى وصفات نستعمل فيها نسبة أقل من السكر من دون تأثير على المذاق. لهذا اسمحي لي بالقول: إننا مختلفون عن غيرنا. منافسنا في الواقع هو أي شركة أو منتج يمكن أن يشكل هدية قيمة في أي مناسبة من المناسبات».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.