«8 آذار» تحذر سليمان من المضي بحكومة «حيادية» بعد تحديده موعدا للتأليف

مصادر سلام تنفي أنباء عن سعيه لتقديم تشكيلة مصغرة مطلع العام

الرئيس اللبناني ميشال سليمان مستقبلا أمس السفير الأميركي في لبنان (تصوير: دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال سليمان مستقبلا أمس السفير الأميركي في لبنان (تصوير: دالاتي ونهرا)
TT

«8 آذار» تحذر سليمان من المضي بحكومة «حيادية» بعد تحديده موعدا للتأليف

الرئيس اللبناني ميشال سليمان مستقبلا أمس السفير الأميركي في لبنان (تصوير: دالاتي ونهرا)
الرئيس اللبناني ميشال سليمان مستقبلا أمس السفير الأميركي في لبنان (تصوير: دالاتي ونهرا)

لاقت مواقف الرئيس اللبناني ميشال سليمان، لناحية تحديده تاريخ 25 مارس (آذار) المقبل، موعدا نهائيا لتأليف الحكومة التي يحاول الرئيس المكلف تمام سلام تشكيلها منذ أكثر من ثمانية أشهر، سلسلة ردود أمس جاء أبرزها على لسان نائب أمين عام حزب الله، نعيم قاسم، الذي رأى أن «الحكومة الحيادية أو حكومة الأمر الواقع معطلة لانتخابات رئاسة الجمهورية».
وفي موازاة اعتبار قاسم، في مداخلة عبر قناة «المنار» الناطقة باسم حزب الله، أمس، أنه «عندها يكون الفراغ في قمة المسؤولية وفي كل المؤسسات فهل هذا ما يريدونه؟»، قال رئيس تيار المردة النائب سليمان فرنجية للقناة ذاتها، إن «ناقوس الخطر يدق في حال جرى تأليف حكومة بطريقة خاطئة، أي حكومة حيادية». ورأى أنه «عندها سنذهب إلى المجهول وليتحمل كل من شارك في هذا القرار مسؤولية ما سيحصل في البلد».
وكان سليمان وصف موعد 25 مارس، وهو تاريخ بدء المهلة لانتخاب رئيس لبناني جديد، بأنه «خط أحمر». وأكد بعد خلوة جمعته بالبطريرك الماروني بشارة الراعي أول من أمس أنه «لا يجوز أن نسقط الديمقراطية كرمى لأي أحد، بل يجب تعزيزها والانطلاق في ممارستها بشكل راق جدا»، متابعا: «أعني بذلك الاستحقاقات المقبلة في عام 2014، أي الحكومة ورئاسة الجمهورية وانتخابات المجلس النيابي».
في المقابل، اتهم فرنجية أمس الرئيس اللبناني بأنه «ليس حياديا إنما طرف»، مستغربا الحديث عن «التمديد من مقربين منه في حين أنه في جميع أحاديثه يقول إنه لا يريد التمديد». وأكد فرنجية أنه «لن يسير بالتمديد لسليمان بغض النظر عن قرار حلفائه في قوى (8 آذار)»، معلنا أنه «في فريق (8 آذار) هناك مرشحان لرئاسة الجمهورية هو ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون». ودعا «فريقه السياسي إلى الاتفاق على أحدهما للسير به إلى الرئاسة الأولى».
ونفت مصادر الرئيس المكلف تمام سلام لـ«الشرق الأوسط» الأنباء عن نيته «طرح تشكيلة حكومية تضم إما ستة أو 10 وزراء، بمن فيهم الرئيس، سيقدمها للرئيس سليمان»، وفق ما نقله موقع «ناو» الإلكتروني أمس، انطلاقا من أن «سلام يرى أن حكومة مماثلة لا تستفز أحدا، وليس فيها أقلية أو أكثرية أو ثلث معطل بالمعنى المتعارف عليه». وقالت مصادر سلام إنه «لا صحة لهذه الأنباء»، عادة «موقف الرئيس اللبناني واضحا لناحية أنه لا بد من تسريع تشكيل الحكومة بعد نهاية العام الحالي، واتخاذ الخطوات اللازمة لأن الوضع لم يعد يحتمل أكثر».
وكان النائب في حزب الله، علي فياض، أكد بدوره أمس «جهوزية فريقه تماما للاستحقاقات التي يحتاجها البلد بدءا من تشكيل حكومة شراكة وطنية وفق صيغة (9-9-6)»، وهي صيغة تقضي بمنح كل من فريقي «8 آذار» و«14 آذار»، ثماني حقائب وزارية، على أن ينال الفريق الوسطي المتمثل بسليمان وسلام والنائب وليد جنبلاط، الحقائب الست الأخرى. وتعطي هذه الصيغة كلا من فريقي «8 آذار» و«14 آذار»، القدرة على تعطيل القرارات في قضايا مصيرية ولا سيما تلك التي يتطلب إقرارها موافقة أكثرية الثلثين.
ودعا فياض، في تصريح من بلدة مرجعيون، جنوب لبنان، إلى «المباشرة بالحوار الوطني من دون شروط مسبقة والعمل بكد كي تكون انتخابات الرئاسة في موعدها من دون تأجيل وتلكؤ أو تمديد والعودة إلى طاولة البحث عن نظام انتخابي إصلاحي يمهد لإجراء الانتخابات النيابية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل»، مناشدا «الطرف الآخر التلاقي لمعالجة هذه الملفات التي يحتاجها الوطن وجميع اللبنانيين».
من ناحيته، عد النائب في كتلة عون، سيمون أبي رميا، أن «نية سليمان تشكيل حكومة أمر واقع تدخل لبنان في نفق لا خروج منه»، مذكرا بأن «التكتل كان أول المطالبين بحكومة جامعة تمثل الفرقاء وفق حجم الكتل النيابية». ورأى أن «خطوة سليمان إن حصلت فهي مأزق وانتهاك دستوري»، مؤكدا بدوره «رفض التمديد لرئيس الجمهورية لأن الأولوية لاحترام المهل الدستورية وانتخاب رئيس جديد يملك مشروعا وطنيا». وقال إن عون «لم يعلن ترشحه بعد والتمديد هو تمديد للفراغ»، لافتا إلى أنه «ليس (عون) مرشح (8 آذار) لأننا لا ننتمي إلى (8 آذار) والترشح للرئاسة حق له».
في المقابل، شدد جمال الجراح النائب في كتلة «المستقبل» التي يرأسها النائب سعد الحريري على أن «استحقاق رئاسة الجمهورية هو الاستحقاق الأهم»، لافتا إلى أنه «من الواضح أن حزب الله يريد حكومة على قياسه وبشروطه يفرضها على اللبنانيين بقوة السلاح». ورأى أن «هذا التهديد والتهويل ومحاولة الإيهام بأن تشكيل حكومة حيادية تعنى بشأن المواطنين وتعالج الأزمات التي تهددنا، مرفوض من قبل حزب الله تحت وطأة السلاح»، عادا أنه على سليمان وسلام «مسؤولية قانونية ودستورية بعدم إبقاء البلاد في هذا الفراغ الذي يمهد حكما لفراغ في موقع الرئاسة».
وكان البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي استقبل أمس وفدا من حزب الله مهنئا بالأعياد، أكد أن «الفراغ في موقع رئاسة الجمهورية، إذا ما حصل، فهو إهانة للوطن ولرئاسة الجمهورية»، عادا أن «البلد لا يحتمل فعلا وردود فعل». وسأل الراعي أمام زواره أمس: «لماذا يريدون الفراغ في رئاسة الجمهورية، في حين أنه عندما يجري انتخاب مجلس نواب جديد ينتخب بعده رئيس لمجلس النواب، وعند استقالة الحكومة يكلف رئيس آخر بتشكيل حكومة جديدة؟ فلماذا الفراغ في سدة الرئاسة الأولى؟». وجدد الراعي تأكيده على «ضرورة أن يذهب جميع النواب إلى جلسة الانتخاب»، لافتا إلى أن «هذه مسؤولية كبيرة عليهم تجاه شعبهم ووطنهم وضميرهم».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».