يوميات مراسل من غزة: غزة ماضية في الأحزان حتى تضع الحرب أوزارها

يوميات مراسل من غزة: غزة ماضية في الأحزان حتى تضع الحرب أوزارها
TT

يوميات مراسل من غزة: غزة ماضية في الأحزان حتى تضع الحرب أوزارها

يوميات مراسل من غزة: غزة ماضية في الأحزان حتى تضع الحرب أوزارها

مرت ليلة أخرى من الليالي الأكثر دموية وأكثرها غارات على غزة، كنت كما الآخرين من سكان القطاع أنتظر المصير الذي سألقاه إلى حين أن تضع الحرب أوزارها، هذه الحرب التي لم ترحم طفلا أو امرأة، وحولت غزة إلى كتلة من اللهب بفعل الصواريخ التي تزن أطنان المتفجرات وتطال كل حي ومخيم وشارع وزقاق في غزة.
ساعات طويلة.. مرت الليلة كأنها أيام، وليست ليلة من عدة ساعات تنجلي سريعا، كنت أعد الثواني حتى تمر هذه الليلة سريعا، ليس خوفا على نفسي، بل حزنا على أطفال عائلتي وجميع أطفال ونساء غزة الذين لم تسعفهم ظلمة الليل ليأخذوا غفوة نوم تريح عيونهم بعد الأرق الذي طال الجميع هنا في غزة المنكوبة.
خرجت هذا الصباح نحو مدارس «الأونروا»، حيث المعاناة الكبيرة التي يعيش فيها مئات الآلاف من السكان النازحين من أحياء شرق وشمال القطاع، هذه المدارس التي باتت هدفا واضحا للطائرات والدبابات الإسرائيلية التي تلاحق الفلسطينيين أينما حلو من مكان إلى مكان، يلاحقهم القتل كلما فروا من حي إلى حي ومن مخيم إلى آخر.
عاتبتني إحدى السيدات في إحدى المدارس وهي تقول بأعلى صوتها: «ارحمونا احكوا عنا تعبنا من هيك حياة بدنا نرجع على بيوتنا، أوقفوا الحرب يكفينا هدرا للدماء»، كلمات تعبر عن مدى الألم والمعاناة التي يعجز اللسان عن التعبير عنها في ظل الصمت الدولي على جرائم الحرب الإسرائيلية المتكررة بحق عائلات بأكملها جرت إبادتها.
عائلات تسكن في المدارس، لا تجد سوى الأرض لكي تفترشها، وتلتحف بسقف تلك المدارس التي تحميها من حر الشمس ورطوبة الأجواء وسخونة وحرارة الصواريخ التي تصيبهم أينما رحلوا، كدت أبكي من شدة هول المنظر والأطفال يتألمون ويبكون؛ يريدون أن يخرجوا لساحة المدرسة يلهون ويلعبون فيها، لكن عائلاتهم تمنعهم خوفا على حياتهم التي لم تعد آمنة حتى في وسط المؤسسات الدولية.
كثير من النازحين إلى المدارس يبحثون عن بعض المعلبات المتوافرة في الأسواق التي بدأت تنفد في ظل ما تعانيه غزة من أزمات، تتضاعف تحت صواريخ الموت والقتل والدمار التي تلاحق الفلسطينيين. تجولت إلى جانب أحد الزملاء في السوق القريبة من منطقتنا، فوجدنا أن الخضار واللحوم باتت تنفد من كل الأسواق، وأصبح الناس يتعلقون بكل أمل صغير من أجل أن تجد ما يلزمها من احتياجات عائلية.
مشاهد مأساوية كثيرة بدت تناظرها عيون الناس، بعيدة عن القتل والدمار والحرب الهمجية التي يتعرض له سكان قطاع غزة، لكن لم يبق من قوة أو حيلة يمكن أن ترفع هذا البلاء عن الناس. هكذا حدثني أحد المسؤولين عن توزيع المساعدات الغذائية للنازحين إلى المدارس.



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.