يتميز شهر رمضان في بغداد، إضافة إلى طقوسه وعباداته المعروفة، بروائح أكلاته المفضلة وأشكالها المميزة التي لا تطبخ في العادة في كل الشهور، وعادة ما تحرص العوائل البغدادية على تجهيزها للصائمين قبل فترة من الشهر الفضيل كجزء من تقاليده، على الرغم من ارتفاع أسعار موادها، واضطراب الأوضاع الأمنية التي أسهمت في تراجع بعض طقوسها، واقتصارها على العوائل التي تقطن المناطق الآمنة.
ومع منافسة بعض الأكلات الغربية الجديدة التي طرأت في المجتمع العراقي ويفضلها الشباب وافتتاح مطاعم حديثة لها، مثل اللازانيا والكنتاكي والفاهيتا، إلا أن أيام رمضان تعيد للمشهد الأكلات العراقية التقليدية التي لا بد أن تتوسط أي سفرة رمضانية، خاصة عند قدوم ضيوف في تعبير عن الضيافة الحقيقية، وأهمها أطباق الكباب المعمول بالخضراوات والبصل، والتكة، والشوربة، والبرياني، والمقلوبة، والقوزي، والرز مع مرق البامية أو الباذنجان (التبسي) أو الفاصوليا، والكبة بكل أنواعها، والمحاشي، والدولمة العراقية بنكتها المعروفة وطعمها الحار، وهناك أيضا أكلة الشيخ محشي؛ الصفراء والحمراء، والسمك المسقوف، والمقبلات، والمخللات، واللبن الرائب.
ولا تكاد تخلو أي مائدة عراقية من الأكلات الدسمة التي تحتوي على سعرات عالية، لأجل تعويض النقص الحاصل للصائم خلال النهار بحسب رأي البغاددة القدماء.
تقول أم سعد (55 سنة)، التي تسكن منطقة بغداد الجديدة، لـ«الشرق الأوسط»: «سفرة رمضان من أهم الطقوس التي نحرص على أن تكون منوعة وغنية بالأكلات الشهية، خصوصا في حالة وجود ضيوف مدعوين على الإفطار، وهي رغم تسببها بعسر الهضم فإنها تعد جزءا من الكرم العراقي المعروف»، وأضافت: «هذا العام اكتفيت بتسوق بعض المواد الرمضانية الخاصة بالأكلات، والعصائر، والفواكه المجففة، والحبوب، ولم أشترِ الكثير لأني مثل غيري أنتظر أن تستقر أوضاع البلاد».
وعن أهم الأكلات الرمضانية، تقول: «أحرص على تجهيز أكلة (الهريسة) للعائلة في رمضان، خصوصا أنها شهية ومقوية، وأكلة تشعرك بالشبع طيلة النهار، وتتكون من أنواع من الحبوب المجففة، وأهمها مادة الحبية التي تطبخ على اللحم وعظامه؛ مما يعطيها نكهة خاصة وغنية».
أما أم يوسف (32 سنة)، موظفة تعمل في وزارة الصناعة والمعادن، فقد تهيأت لرمضان بشراء بعض الأكلات الجاهزة، لأنها، وبحسب قولها، لا تستطيع تجهيزها كلها خلال الشهر الفضيل بسبب ارتباطها بالعمل خارج البيت، لكنها تحاول أن تصنع لعائلتها بعض الشوربات الخفيفة والسلطات التي يفضلونها، وتقول في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد أشهى من الأكل العراقي؛ لذا هو مطلوب في كل البلدان المجاورة، وهي تفضل ما تصنعه والدتها أو ما تراقبه من طبخات على الفضائيات».
ركن الحلويات العراقية ليس ببعيد عن السفرة الرمضانية، فأغلب البيوتات تحرص على تجهيز أو اقتناء أحد الأنواع منها في كل يوم، تقدم بعد وجبة الإفطار، ومن أشهرها الزلابية، والكنافة، وزنود الست الشهيرة.
ومن داخل الحضرة الكاظمية في شمال العاصمة العراقية بغداد (أحد أهم المراقد الدينية في المدينة) يعج الصحن الشريف بالمئات من العوائل العراقية في رمضان وهي تفترش سفرة الإفطار وتتنوع الأكلات، وبالقرب منهم يوزع التمر واللبن ساعة الإفطار للصائمين كجزء من طقوس رمضان، بعد أداء صلاة الجماعة، كذلك تبادل الدولمة الشهيرة بين العوائل القريبة، والحلويات، وأقداح الشاي، والحامض.
أطباق بغدادية قديمة تتفوق على الأكلات الحديثة في رمضان
أشهرها «الدولمة» و«البرياني» و«القوزي»
أطباق بغدادية قديمة تتفوق على الأكلات الحديثة في رمضان
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة