بدأ رئيس تيار المستقبل اللبناني فؤاد السنيورة مشاورات مع باقي أقطاب فريق 14 آذار بمسعى لإنضاج آلية لتطبيق المبادرة التي طرحها رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، الأسبوع الماضي، لوضع حد للفراغ في سدة رئاسة الجمهورية المستمر منذ 59 يوما. ولا يتوقع أن تخرق مبادرة الحريري جدار الأزمة مع تبلور مواقف فريق 8 آذار غير المرحبة بها.
وقالت مصادر تيار المستقبل إن فحوى المشاورات التي بدأها السنيورة «محاولة لتحديد آلية تنفيذ خارطة الطريق التي طرحها الحريري»، لافتة إلى أن السؤال الكبير الذي يجري تداوله بين أقطاب 14 آذار هو «إلى أين؟».
وأشارت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إلى أن اللقاءات التي يجريها السنيورة سوف تقتصر على أفرقاء ضمن فريق 14 آذار، ولن تطال حاليا باقي الأفرقاء.
وفي موقف سلبي وغير مباشر لـ«حزب الله» من مبادرة الحريري، قال نائب الأمين العام لـ«حزب الله» الشيخ نعيم قاسم إن «كل برنامج وخطة واقتراحات من هنا وهناك لا قيمة لها ولا معنى لها، لأن المحرك هو التوافق وعمل المؤسسات».
وأشار قاسم إلى أن «التوافق على رئيس الجمهورية يوجد الانتخاب خلال 24 ساعة»، وقال: «لا يستطيع أي طرف أن يختار أي رئيس جمهورية من دون التوافق مع الأطراف الأخرى، وإذا لم يحصل توافق يعني لا رئيس للجمهورية، ويعني أن هناك مشكلة كبيرة في البلد».
ويبدو أن التيار الوطني الحر الذي يتزعمه النائب ميشال عون لا يزال متمسكا بالمبادرة التي طرحها الأخير، التي تقضي بانتخاب رئيس الجمهورية مباشرة من الشعب. وفي هذا الإطار، قال ماريو عون القيادي في التيار لـ«الشرق الأوسط»: «لا شك أن في مبادرة الرئيس الحريري نقاطا إيجابية، لكن بالمقابل هناك نقاط لا يمكن أن نسير بها كما وردت»، مشددا على تمسك التيار بالمبادرة التي طرحها «والتي تضم أسمى أسس الديمقراطية باللجوء مباشرة إلى الشعب». ولفت عون إلى أنه «ليس المهم تكاثر المبادرات التي لا تقترن بآليات عمل، بل الخروج بطرح عملي كفيل بتحقيق الهدف المرجو بانتخاب رئيس للجمهورية بأسرع وقت ممكن لتجنيب بلدنا الخضات التي تشهدها المنطقة».
وكان السنيورة ومدير مكتب الحريري، نادر الحريري، التقيا مساء أول من أمس (الأحد)، رئيس حزب الكتائب أمين الجميل، وبحثا معه «الأبعاد الأساسية التي تضمنتها مبادرة الحريري»، بحسب بيان صادر عن الجميل. ولفت البيان إلى أن اللقاء «شكل مناسبة للبحث في عمق الأزمة التي حالت حتى الآن دون انتخاب رئيس للجمهورية، مع ما لهذا الشغور من محاذير على كل المستويات الداخلية والخارجية، خصوصا في ضوء انشغال الدول في النزاعات الدائرة في الجوار، سواء في غزة أو في سوريا والعراق».
وأوضح أن «الإرادة كانت متوافقة على وجوب الخروج سريعا من مربع الانتظار، وأحياء دينامية تقوم على تفعيل مؤسسات الدولة وطرد شبح التعطيل، بدءا بانتخاب رئيس للجمهورية يكون قادرا على مواجهة الأحداث وتداعياتها».
وأضاف البيان: «من المتوقع أن يتابع الرئيس السنيورة والسيد نادر الحريري حلقة الاتصالات سعيا لبلوغ تصور مشترك والبناء عليه».
ونشب، أمس (الاثنين)، نوع من السجال بين الحريري وما يعرف بـ«اللقاء المسيحي» الذي يضم عددا من الشخصيات المسيحية، بعد أن اتهم عضو اللقاء نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي، الحريري بالسعي لضرب المناصفة ما بين المسلمين والمسيحيين، حين قال في مبادرته: «لم نعد نستطيع أن نتفرج على تعطيل دائم للنصاب بحجة غياب التوافق المسيحي».
وأعرب المكتب الإعلامي للحريري عن أسفه الشديد، لمحاولة «تحريف مقاصده النبيلة، وإغراقه بتحليلات لمحاسبة نوايا غير موجودة أصلا، والعودة بالحوار السياسي في البلاد إلى مجالات جديدة من التعقيد التي لا وظيفة لها، سوى إبقاء الوضع على ما هو عليه، ورفض التقدم نحو إيجاد المخرج الممكن للشغور المستمر في موقع الرئاسة الأولى».
وكان الحريري أعلن، الأسبوع الماضي، «خارطة طريق» لبنانية أولويتها المصلحة الوطنية والاستقرار على حساب أي مصالح أو ولاءات أخرى، وفق ما أكد في كلمة له ألقاها عبر شاشة من مقر إقامته في السعودية، خلال الإفطار السنوي الذي أقامه «تيار المستقبل» في بيروت ومختلف المناطق اللبنانية.
وتضمنت الخارطة ست نقاط رئيسة، أهمها الدعوة إلى انتخاب رئيس جديد متوافق عليه من المسيحيين، وإنهاء الفراغ بوصفه أولوية تتقدم على أي مهمة وطنية أخرى، وتشكيل حكومة جديدة على صورة الحكومة الحالية تتولى مع الرئيس الجديد إدارة المرحلة، إضافة إلى إجراء الانتخابات النيابية في المواعيد التي يحددها القانون، وتجنب أي شكل من أشكال التمديد للمجلس النيابي. ووصف عضو كتلة المستقبل النائب عمار حوري مبادرة الحريري بـ«خارطة طريق سداسية وضعت النقاط على الحروف، ووضعت منهجا واضحا لتسلسل الأمور، على أن يكون انتخاب رئيس جديد للجمهورية في مقدمة المقدمات».
وأشار حوري، في حديث إذاعي، إلى أن تواصل الحريري مع أفرقاء 14 آذار «سيتخذ بعدا آخرا»، بعد إطلاق المبادرة، «وسيفعل لمحاولة الوصول إلى أرضية مشتركة».
بدوره، قال البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي إن لبنان بحاجة إلى قادة مدنيين وسياسيين مؤمنين مخلصين يحافظون على الكيان اللبناني، وقال: «أولا نريد رئيس جمهورية، إذ من غير الممكن أن تعيش دولة من دون رئيس ولا جسد من دون رأس. لقد بلغ الشر بنا إلى اغتيال رئاسة الجمهورية، بلغ الشر بأن المسؤولين السياسيين يقتلون الشعب، يقهرونه، يجوعونه، ويهجرونه».
وتمنى الراعي خلال ترؤسه قداسا احتفاليا لو تمس معجزة ضمائر المسؤولين السياسيين، ولا سيما نواب الأمة الذين «بلغ بهم القصر والعجز عدم القيام المشرف لانتخاب رئيس للجمهورية، وإن كان من شرف للسادة النواب هو أن ينتخبوا رئيسا للبلاد لا أن يكثروا بذل الجهود».
تيار المستقبل اللبناني يبدأ مشاورات لإنضاج آلية لتطبيق مبادرة الحريري
«حزب الله» يقلل من أهميتها ويرى أنه «إذا لم يحصل توافق فلا رئيس للجمهورية»
تيار المستقبل اللبناني يبدأ مشاورات لإنضاج آلية لتطبيق مبادرة الحريري
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة