تركيا تطالب بإنهاء «زمن البلطجة»

إردوغان: إذا كان هناك «آيفون» فهناك أيضاً «سامسونغ» و«فيستل»

تقول أنقرة إن التقلبات في سعر صرف الليرة التركية مدفوعة بالسياسة وليس لها أي أساس اقتصادي (إ.ب.أ)
تقول أنقرة إن التقلبات في سعر صرف الليرة التركية مدفوعة بالسياسة وليس لها أي أساس اقتصادي (إ.ب.أ)
TT

تركيا تطالب بإنهاء «زمن البلطجة»

تقول أنقرة إن التقلبات في سعر صرف الليرة التركية مدفوعة بالسياسة وليس لها أي أساس اقتصادي (إ.ب.أ)
تقول أنقرة إن التقلبات في سعر صرف الليرة التركية مدفوعة بالسياسة وليس لها أي أساس اقتصادي (إ.ب.أ)

أبدت أنقرة تصميماً على مواجهة العقوبات الأميركية والرد عليها فيما يرجح احتمالات أن تطول الأزمة التي اندلعت مع واشنطن على خلفية الكثير من الملفات وزادت اشتعالاً بسبب قضية القس الأميركي أندرو برانسون، الذي يحاكم في تركيا بتهم دعم الإرهاب والتجسس. وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، إن بلاده ستقاطع المنتجات الإلكترونية من الولايات المتحدة التي فرضت عقوبات، وزادت رسوماً جمركية على أنقرة؛ ما أدى إلى هزة اقتصادية عنيفة انعكست في انهيار سعر صرف الليرة التركية إلى حدود غير مسبوقة. وأضاف إردوغان، في كلمة أمس ضمن فعالية أقيمت في أنقرة بمناسبة الذكرى الـ16 لتأسيس حزب العدالة والتنمية الحاكم، إن تركيا تتخذ الإجراءات الضرورية فيما يتعلق بالاقتصاد، في ظل انخفاض الليرة التركية الذي تفاقم بسبب خلاف مع واشنطن، لكنه أضاف أن «من المهم التمسك بموقف سياسي قوي» واعتبر أيضاً أن قيام البعض بتحويل الليرة إلى عملة أجنبية «يعني الاستسلام للعدو». وقال إردوغان، إن تركيا ستقاطع المنتجات الإلكترونية الأميركية، وستصنع وتصدر منتجات بجودة أفضل من تلك التي تستوردها بالعملات الأجنبية، مشيراً إلى أن بلاده عازمة على تقديم مزيد من الحوافز لرجال المال والأعمال الراغبين في الاستثمار فيها. وقال إردوغان «إن كان لديهم (آيفون)، فهناك في المقابل (سامسونغ)، ولدينا كذلك (فيستل)»، في إشارة إلى هاتف شركة «آبل» الأميركية، وهاتف «سامسونغ» الكوري الجنوبي، والعلامة الإلكترونية التركية «فيستل».
وارتفعت أسهم «فيستل» 7 في المائة في بورصة إسطنبول بعد تصريحات إردوغان. وتنتشر أجهزة «آبل» بكثرة في تركيا، وظهر إردوغان نفسه وبيده هاتف «آيفون» أو جهاز «آيباد». وخلال محاولة الانقلاب في 15 يوليو (تموز) 2016، دعا أنصاره إلى النزول إلى الشوارع من خلال تطبيق «فيس تايم» الخاص بـ«آبل». وأصبح الأمر موضعاً للتعليقات بين مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي، قائلين إن تدهور الليرة يجعل أجهزة «آبل» تفوق قدرة الأتراك في أي حال. وتفاقم انهيار الليرة التركية، الذي بدأ قبل أسابيع، يوم الجمعة الماضي مع إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب مضاعفة التعرفة الجمركية على الصلب والألمنيوم التركيين.
وأعلنت الخطوط الجوية التركية على «تويتر»، أنها ستنضم إلى حملة على مواقع التواصل الاجتماعي تحمل وسماً يدعو إلى عدم بيع الإعلانات لأميركا. وكتب يحيى استون، المتحدث باسم الخطوط التركية على «تويتر»، «نحن، بصفتنا الخطوط الجوية التركية، نقف إلى جانب دولتنا وشعبنا. لقد تم توجيه التعليمات اللازمة حول المسألة لوكالاتنا». وقال إردوغان، إن تركيا تواجه «هجوماً اقتصادياً» و«عملية أكبر وأكثر عمقاً»، وتابع «إنهم لا يترددون في استخدام الاقتصاد سلاحاً»، مضيفاً «ما الذي تريدون فعله؟ إلى أين تريدون أن تصلوا؟» متوجهاً إلى الولايات المتحدة.
أقر إردوغان بأن الاقتصاد التركي يعاني من مشكلات، منها العجز الكبير في الحساب الجاري، وتضخم بنسبة 16 في المائة تقريباً، لكنه أضاف «الحمد الله، اقتصادنا يعمل كالساعة».
غير أن الليرة عوضت بعضاً من خسائرها في الأسواق المالية للمرة الأولى بعد أيام من التدهور؛ إذ خسرت نحو خُمس قيمتها مقابل الدولار الأميركي منذ الجمعة. وتابع إردوغان «بعد أن فشلوا في إرغامنا على تنفيذ ما يريدونه على الأرض لم يترددوا في استخدام السلاح الاقتصادي ضدنا... بلادنا تمتلك أحد أقوى الأنظمة المصرفية في العالم، ولم تُغلق بنوكنا كما حدث في أزمات اقتصادية في آسيا وأوروبا في 1994 و2001».
ولفت إلى وقوع «هجمات اقتصادية» استهدفت تركيا سابقاً، وقال «كانت هذه الأمور تجري في الماضي بشكل محبوك، ومستتر، وفي صورة غير مباشرة، لكننا نشهدها الآن في صورة مباشرة». وأضاف، أنه سيتم العمل على صعيدين اثنين للتعامل مع هذه الإجراءات، الأول اقتصادي، والآخر سياسي... مؤسساتنا المسؤولة عن القطاع الاقتصادي وعلى رأسها وزارتا الخزانة والمالية، تعمل على مدار الساعة لاتخاذ التدابير الاقتصادية اللازمة، ونحن نتابع ذلك عن كثب... نحن لا نغفل حقيقة وجود بعض المشكلات الواجب حلها، وعلى رأسها عجز الحساب الجاري، والتضخم، ونسب الفائدة. وتابع «ورغم ذلك، هناك ضرورة للحفاظ على موقفنا السياسي في صورة متينة، ولا سيما ونحن نعلم أن هذه الهجمات لا تتعلق بالوضع الحقيقي للاقتصاد».
وأضاف إردوغان، أن تركيا لم تتعرض إلى كارثة تمنعها من الإنتاج والتجارة، ولم تدخل حرباً، ولم تتعرض لاحتلال، بل على العكس غالبية قطاعات الأعمال في البلاد تعمل بصورة طبيعية، ولا سيما مجالات التصدير والسياحة وخلق فرص عمل جديدة. واعتبر إردوغان أن الولايات المتحدة لا تستهدف تركيا وحدها من الناحية الاقتصادية، بل تقف أيضاً ضد الصين وروسيا وأوروبا، ودول أخرى، حتى جارتها كندا، لكن الهجمات ضد تركيا أكبر وأكثر عمقاً، فقد حققنا طفرة اقتصادية مهمة للغاية بنمو لثلاثة أضعاف خلال الـ16 عام الماضية، ونعي أنه من الطبيعي وجود أطراف منزعجة من ذلك.
وأضاف «نحن نثق في أنفسنا، وندرك جيداً ما ينقصنا، ولا نبالغ في تقدير حجمنا، وسنواصل العمل بجد، وسنزيد من إنتاجنا وصادراتنا»، مشيراً إلى أن بلاده كانت تقدمت منذ سنوات بطلب للولايات المتحدة لشراء طائرات من دون طيار، لكنها قوبلت برد مفاده أن «الكونغرس لا يسمح بذلك». وأضاف، ها نحن اليوم ننتج هذه النوعية من الطائرات، ولا نواجه أي مشكلات في ذلك، وننتج بالقدر الذي نريده، وحتى شرعنا في تصديرها، هذا ما في الأمر.
من جانبه، قال وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، إن «زمن البلطجة يجب أن ينتهي»، معتبراً أنه «إذا كانت الولايات المتحدة تريد أن تبقى دولة معتبرة فلا يمكن أن يكون ذلك عبر الإملاءات».
وتطرق جاويش أوغلو، في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في العاصمة أنقرة، أمس، إثر مشاركتهما في مؤتمر السفراء الأتراك العاشر، إلى التطورات المتعلقة بقضية القس الأميركي أندرو برانسون، وقال إن القائم بأعمال السفارة الأميركية في أنقرة زار برانسون الذي يخضع للإقامة الجبرية في منزله في إزمير غرب تركيا أمس.
بدوره، اعتبر لافروف العقوبات الأميركية الجديدة على بلاده وتركيا غير مشروعة وتعد وسيلة أميركية لتحقيق أفضلية تنافسية غير عادلة في التجارة العالمية. وقال لافروف، إن «الإجراءات الأحادية من جانب الولايات المتحدة ضد الدول مرفوضة وتخالف كل القوانين الدولية»، لافتاً إلى أن «هناك مساعي لتداول العملة الوطنية في التعاملات التجارية بين تركيا وروسيا وإيران».
في السياق ذاته، تقدم محامي برانسون بطعن على قرار محكمة تركية فرض الإقامة الجبرية وحظر السفر على موكله. وتوجه إسماعيل جيم هالافورت، محامي برانسون، إلى محكمة إزمير أمس لتقديم طعن ثان على قرار صادر من القضاء التركي بفرض الإقامة الجبرية وحظر السفر على القس الأميركي الذي يحاكم في تركيا بتهم «التجسس والإرهاب» بعد رفض طعن آخر مماثل.
من جانبه، قال رئيس البرلمان التركي بن علي يلدريم، إن بلاده «لا ترضخ للإملاءات الاقتصادية المدفوعة بحسابات سياسية، وعلى الجميع، أصدقاء وأعداء، أن يعرفوا ذلك».
وأكد يلدريم، أن التقلبات في سعر صرف الليرة التركية خلال الأيام الماضية، ليس انعكاساً لوضع الاقتصاد التركي، وأن هذه التقلبات مدفوعة بالسياسة، وليس لها أي أساس اقتصادي».
وأضاف في كلمة أمام اجتماع سفراء تركيا بالخارج «أعلن مرة أخرى، أن البرلمان التركي بجميع أحزابه مستعد لاستصدار أي قوانين تحتاج إليها الحكومة»، قائلاً إنه «بدلاً عن أن تحاول الإدارة الأميركية تحقيق ما تريده عن طريق التصريحات والعقوبات والتغريدات غير المسؤولة لرئيسها، عليها البحث عن حل في إطار احترام قوانيننا». وأعرب عن اعتقاده بوجود فرصة للحل، قائلاً إن الإدارة الأميركية هي الطرف الذي عليه أن يخطو الخطوة الأولى في سبيل الحل.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».