دعا صلاح الدين مزوار، وزير الخارجية المغربي، أمس، إلى اعتماد تحرك هجومي بهدف إفشال المناورات المكثفة، التي تقوم بها الجزائر، للتأثير على مسار حل نزاع الصحراء، وحذر من أن فرض أي حل خارج الحل السياسي التوافقي سيؤدي إلى انفجار المنطقة.
وأوضح مزوار، الذي كان يتحدث أمس في اجتماع مشترك للجنتي الخارجية في البرلمان بمجلسيه النواب والمستشارين، أن العام الحالي شهد تصعيدا قويا من قبل الجزائر لأن الواقع على الميدان بدأ يتغير، إذ تعيش جبهة البوليساريو تصدعا وتراجعا في التعبئة، بالإضافة إلى الوضع الداخلي الذي تعرفه الجزائر، وهو ما تسبب، برأيه، في حالة نرفزة جعلت هذه الأطراف تتحرك بشكل قوي لتغطية ضعفها الداخلي، كما رفعت شعارا مفاده أن 2014 هي سنة قضية الصحراء، وسنة 2015 سنة إنهاء وتصفية الاستعمار، وأكد أن المغرب يواجه تحركات ومحاولات متعددة تتجه نحو إقصاء الحل السياسي المقترح من قبل المغرب.
وأوضح مزوار أن بلاده تحاول الخروج من منطق رد الفعل إلى المبادرة، وهو ما أدى إلى إفشال كل المحاولات للتأثير على مسار النزاع، بيد أنه اعترف أن ذلك يتطلب بذل مجهودات كبيرة، مشيرا إلى أن خدمة قضية الصحراء، باعتبارها قضية البلاد الأولى، ينبغي ربطها بالدينامية التي تعرفها البلاد على مستوى تعزيز البناء الديمقراطي لأن {مصداقية خطابنا في الخارج تبنى على ما نقوم به في الداخل}.
وقال وزير الخارجية المغربي إن الجزائر تبنت استراتيجية مختلفة، حيث توجهت نحو البرلمانات والمجتمع المدني والجامعات والإعلام، مضيفا أنها خاضت معركة تتعلق باتفاقية الصيد البحري بين المغرب والاتحاد الأوروبي، إذ وضعت ثقلها كله لنسف الاتفاقية والحيلولة دون المصادقة عليها.
واستعرض مزوار المراحل التي قطعها مسلسل المفاوضات منذ 2007 حتى إعلان كريستوفر روس، المبعوث الشخصي للأمم المتحدة إلى الصحراء، عن مقاربة جديدة أطلق عليها الدبلوماسية المكوكية، موضحا أن المغرب، بقدر تعاونه لتسهيل مهمة روس، إلا أنه يؤكد دائما على أنه لا حل خارج السيادة، وينبه المنتظم الأممي إلى ضرورة اعتبار الجزائر طرفا في النزاع، وقال إن {الصراع ليس بين المغرب وجبهة البوليساريو، بل بين المغرب والجزائر}.
وتطرق المسؤول المغربي إلى تقرير الأمين العام للأمم المتحدة بشأن الوضع في الصحراء الصادر في أبريل (نيسان) الماضي، والذي طالب بمراقبة دائمة لحقوق الإنسان في الصحراء، مشيرا إلى أن العاهل المغربي كان له رد فعل قوي على التقرير، كما كانت هناك تحركات كثيرة مع بعض الدول أدت إلى خلو التقرير من مطلب توسيع مهمة {مينورسو} لتشمل مراقبة حقوق الإنسان، وتأكيده على أولوية الحكم الذاتي ومركزية الحل السياسي للنزاع.
وعد مزوار تقرير الأمين العام للأمم المتحدة غير متوازن ومنحازا بشكل مفضوح.
ولخص مؤاخذات المغرب على هذا التقرير في التكتم عن مسؤولية الجزائر في هذا الملف، ووضع دولة ذات سيادة وعضو بالأمم المتحدة على قدم المساواة مع كيان وهمي، (إنشاء ما يسمى بمجلس وطني صحراوي لحقوق الإنسان)، وكذا وضع استحقاقات غير واقعية للقيام بعملية تقييم المسلسل السياسي أمام مجلس الأمن في أبريل (نيسان) 2015.
وأشار وزير الخارجية المغربي إلى أن بلاده قامت بعدة تحركات بعد صدور التقرير، أبرزها المكالمة الهاتفية للعاهل المغربي مع الأمين العام للأمم المتحدة في 12 أبريل الماضي، قصد إثارة انتباهه إلى ضرورة الاحتفاظ بمعايير التفاوض كما جرى تحديدها من طرف مجلس الأمن، وضرورة الحفاظ على الإطار والآليات الحالية لانخراط منظمة الأمم المتحدة، وتجنب المقاربات المنحازة والخيارات المحفوفة بالمخاطر. وكذا الرسالة التي وجهها الملك محمد السادس إلى الأمين العام للأمم المتحدة، التي أكدت أساسا على الالتزام الثابت للمملكة من أجل التوصل إلى حل سياسي نهائي للنزاع المفتعل في إطار السيادة المغربية، وضرورة التمسك بمحددات الحل السياسي للنزاع، كما وردت في قرارات مجلس الأمن.
وأكد مزوار أن المغرب انتهج مقاربة استباقية بهدف تصحيح المغالطات والمقاربات المتحيزة التي تضمنها تقرير الأمين العام للأمم المتحدة، وتفادي انسياق مجلس الأمن وراءها، والتي تندرج في إطار التواصل المستمر مع الدول الفاعلة، وفي إطار دينامية الإصلاحات التي يعرفها المغرب.
وكشف مزوار على أنه كان من المقرر أن يزور روس المغرب في يونيو (حزيران) الماضي، بيد أن الرباط طلبت إرجاء الزيارة حتى يجري توضيح بعض الأمور وتدقيقها فيما يتعلق بمدى احترام ضوابط المسلسل التفاوضي بشأن النزاع. ولم تحدد بعد أي أجندة بهذا الخصوص.
وتطرق مزوار إلى قرار الاتحاد الأفريقي تعيين ممثل خاص مكلف ملف الصحراء، الذي اعترض عليه المغرب بشدة، وقال إن ما حدث يدخل ضمن المناورات المعهودة للجزائر، مشيرا إلى أن القرار أعلن عنه قبل شهر ونصف الشهر، وطلب هذا المبعوث لقاءات مع بعض الدول، لكن المغرب حذرها من أن أي إقحام للاتحاد الأفريقي في نزاع الصحراء سينعكس سلبا على العلاقات الثنائية بينها وبين المغرب، وسجل مزوار وجود تفاعل إيجابي لعدد من الدول.
وأضاف مزوار أنه بإيعاز من خصوم المغرب، وبتأثير من رئيسة مفوضية الاتحاد الأفريقي، برزت محاولات كثيرة لإقحام الاتحاد الأفريقي في تدبير ملف الصحراء، أبرزها تكليف لجان تابعة للاتحاد الأفريقي إعداد تقارير موجهة ومسيسة تخدم مصالح خصوم المغرب، وإصدار قرار للقمة الأفريقية لإعداد تقرير حول آخر مستجدات قضية الصحراء المغربية، لكن هذه المحاولات، يضيف الوزير، اصطدمت بوجود نواة صلبة من الدول الأفريقية الصديقة للمغرب والتي عارضتها بفضل التحرك المكثف الذي قام به المغرب على أكثر من صعيد لرفض أي تدخل للاتحاد الأفريقي في تدبير هذا الملف.
وكنتيجة لهذا التحرك لم يستقبل الممثل الشخصي إلا على مستويات إدارية دنيا في الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة، في حين لم تعط الصين بعد موافقتها على استقباله، وأكدت كل هذه الدول أن الملف من اختصاص الأمم المتحدة ولا حاجة إلى متدخل جديد.
كما عرض مزوار بعض المكتسبات التي تحققت بشأن نزاع الصحراء، وقال إنه منذ عام 2000 حتى اليوم سحبت 33 دولة اعترافها بـ{الجمهورية الصحراوية} التي أعلنتها جبهة البوليساريو عام 1976 بدعم من الجزائر، وبقيت 33 دولة أخرى، يوجد من بينها من هي على استعداد لسحب اعترافها، لكنها تنتظر توفر الشروط الملائمة، فيما تقر دول أخرى بأنها تتعرض لضغوط بسبب تلقيها مساعدات.
وزير خارجية المغرب: أي مبادرة بشأن حل نزاع الصحراء خارج الحل السياسي ستؤدي إلى انفجار المنطقة
مزوار يدعو إلى إفشال محاولات التأثير على مسار القضية
وزير خارجية المغرب: أي مبادرة بشأن حل نزاع الصحراء خارج الحل السياسي ستؤدي إلى انفجار المنطقة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة