يجذب المهرجان القومي للمسرح بمصر في دورته الحادية عشر، عدداً ملحوظاً من الحضور الشبابي، منهم من اعتاد حضور مسرحيات سابقاً، أو من جلس أمام خشبة المسرح لأول مرة، فيما ذكر مسرحيون أن إقبال الشباب في ازدياد من عام إلى عام.
في قاعة المسرح القومي بوسط القاهرة، زاد الزحام على بوابة المسرح قبل بدء عرض مسرحية «السيرة الهلامية»، أمس (الخميس)، الذي يُعتَبَر معالجة ساخرة لرواية «هاملت» للروائي الإنجليزي ويليام شكسبير، بالاستعانة بشخصيات من الصعيد المصري، كواحدة من 37 عرضاً في المهرجان هذا العام.
* آراء شابة
وبعد حضور العرض الأول في فعاليات المهرجان بعنوان «قلعة الموت»، اختارت فاطمة محمد (22 عاماً) أن تكون «السيرة الهلامية» المسرحية التالية لتحضرها بصحبة شقيقها. وكان عشق فاطمة التي تدرس السياحة والفنادق، لعالم المسرح والتمثيل دافعا وراء قدومها من محافظة الإسكندرية (شمال) إلى القاهرة لحضور فعاليات المهرجان.
وترى الفتاة السكندرية أن الدعاية للمهرجان، خصوصاً في أوساط الشباب، هي السبب في الإقبال المتزايد منهم على العروض هذا العام؛ فمن منشور عبر «فيسبوك» بين معارفها، تحمست للسفر إلى لقاهرة ومتابعة العروض.
ولم يأتِ محمد صالح (23 عاما) وحيداً إلى عرض «السيرة الهلامية»، وإنما صحبته والدته وأشقاؤه، الذين حضروا لأول مرة لمشاهدة مسرحية. ويقول صالح لـ«الشرق الأوسط»: «أول مرة شاهدت فيها مسرحاً خارج الكلية، كانت بالمهرجان الثلاثاء الماضي، في مسرحية (الزيارة)». مضيفا أنه لم يتخيل أن يملك شباب الجامعات هذه المواهب وأن يستمتع بالعرض.
ويُثمّن الشاب العشريني مشاركة الشباب في الإقبال على المهرجان، وكذلك في صناعة الأعمال المقدمة بأقل التكاليف، مثل فرق من كليات ألسن وآداب جامعة عين شمس، أو حتى من كليته (هندسة القاهرة).
أما محمد عبد العليم (28 عاماً) فقد اعتاد حضور المهرجان القومي للمسرح منذ سنوات، لكن هذه المرة وجد الحضور كثيفاً عما سبق، يضيف: «الشباب متعطش للفن، ووجود أسر وأطفال في عرض كوميدي، يظهر أننا بحاجة إلى فن راقٍ لكل الأعمار.. المسرح القومي لا يخص فئة محددة فحسب».
ومن الجمهور إلى رواد خشبة المسرح، فيرى محمد الصغير، مخرج «السيرة الهلامية»، والمشارك لثلاث دورات في المهرجان القومي، أن الإقبال الشبابي من فنانين وجمهور على المهرجان بدأ حين نال الشباب الجوائز، مثل عمله الإخراجي «روميو وجولييت»، الذي نال معه جائزة أفضل مخرج عام 2008، وبالتالي تحمس الجميع للمشاركة صُنّاعاً وجمهوراً.
وتابع الصغير أن احتفاء الجمهور بعرضه أمس (الخميس) كان «جائزة بحد ذاتها»، مضيفاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن العمل جذب عدداً كبيراً من الحضور كونه العرض الوحيد الساخر بين عروض المهرجان.
وحققت «السيرة الهلامية»، 75 ليلة عرض، على مسرح الطليعة بالقاهرة، قبل أن تُعرض على خشبة المهرجان.
ويرى المخرج المصري محمد جبر أن إقبال الشباب متكرر كل عام على أكبر تجمع مسرحي تنظمه الدولة، مضيفاً أن التنوع الذي تشكله الفرق المشاركة من جامعات وشركات وفرق إقليمية يُعد سبباً رئيسياً لكي يتابع الجمهور «حال المسرح المصري».
جبر الفائز بجائزة أفضل مخرج في المهرجان بدورته عام 2014 عن عرض «1980 وأنت طالع»، ويشارك في المهرجان القومي للمسرح منذ قرابة ستة أعوام، موجود هذا العام بمسرحيتين وهما «الزيارة» و«22+ لجميع الفئات العمرية».
ويقول جبر لـ«الشرق الأوسط» إن المساهمة بعملين مسرحيين قد شكّل «ضغطاً ممتعاً من أجل الفن».
وحمل عدد من الحضور انتقادات للمهرجان فيما يتعلق بالتنظيم، مثل توزيع التذاكر مبكراً ونفادها سريعاً، وفي هذا السياق يقول جبر إن المسارح غالباً ما تكون صغيرة الحجم، وربما هذا يجعلها تحت «ضغط الجماهير».
وأكدت الفنانة المصرية سميرة عبد العزيز، عضو لجنة تحكيم بالمهرجان، في تصريحات صحافية، إن الإقبال على عروض المهرجان يُمثل «انتعاشة للمسرح المصري»، خصوصا أن كل العروض تُقدَّم مجاناً.
وتقيم وزارة الثقافة المصرية المهرجان القومي للمسرح في الفترة من 19 يوليو (تموز) الحالي وحتى 2 أغسطس (آب) المقبل، وتُقدَّم عروضه في 13 دار عرض مسرحي. والعروض لفرق شابَّة من مختلف محافظات مصر على مسارح القاهرة. ولأول مرة هذا العام يقام ملتقى لمسرح الطفل، الذي تشارك فيه 7 عروض مقدمة خصيصاً للأطفال.