«الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي يعلن الإبقاء على سياسته لرفع أسعار الفائدة

باول يقول إن الدول التي تتبع الحمائية تكون نتائجها الاقتصادية أسوأ

رئيس البنك المركزي الأميركي جيروم باول (إ.ب.أ)
رئيس البنك المركزي الأميركي جيروم باول (إ.ب.أ)
TT

«الاحتياطي الفيدرالي» الأميركي يعلن الإبقاء على سياسته لرفع أسعار الفائدة

رئيس البنك المركزي الأميركي جيروم باول (إ.ب.أ)
رئيس البنك المركزي الأميركي جيروم باول (إ.ب.أ)

قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) جيروم باول، إن المجلس يخطط لمواصلة رفع أسعار الفائدة تدريجيا في ظل اقتصاد ينمو بشكل قوي وارتفاع التضخم، ما يقلل بدرجة كبيرة من آثار تصاعد المناوشات التجارية الأميركية مع الدول الأخرى.
وأضاف باول، خلال الإدلاء بشهادته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أمس: «مع وجود سوق قوية للوظائف، والتضخم قريب من هدفنا، والمخاطر على التوقعات المتوازنة، يعتقد (الاحتياطي الفيدرالي) أن أفضل طريقة للمضي قدما في الوقت الراهن هي الاستمرار في رفع معدل الأموال الفيدرالية تدريجياً».
وأشار إلى أن عدد الوظائف الجديدة التي يتم إنشاؤها كل شهر تصل إلى 215 ألف وظيفة، وذلك خلال النصف الأول من العام الحالي. وهذا الرقم أعلى بعض الشيء من المعدل الشهري لعام 2017. كما أنه أعلى من متوسط عدد الأشخاص الذين يدخلون قوة العمل كل شهر.
وأوضح أن معدل التضخم ارتفع خلال الشهور الماضية ليظل عند مستوى أعلى من 2 في المائة، وهو المستوى الذي تعتقد اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، أنه الأفضل لتحقيق استقرار الأسعار وأهداف التوظيف على المدى الطويل، مشيرا إلى أن الزيادة الكبيرة في أسعار الوقود والطاقة ساهمت بشكل كبير في الإبقاء على معدل التضخم مرتفعاً.
وأضاف باول في شهادته، أن الاقتصاد الأميركي ينمو بوتيرة قوية هذا العام، وارتفع الناتج المحلي الإجمالي بمعدل سنوي معتدل بلغ 2 في المائة في الربع الأول بعد تعديل التضخم. وتشير أحدث البيانات إلى أن النمو الاقتصادي في الربع الثاني كان أقوى من الربع الأول.
وتستند وتيرة النمو القوية هذا العام على عدة عوامل أهمها المكاسب القوية في سوق العمل وارتفاع صافي الدخل بعد الضريبة، وهو ما أدي إلى رفع الإنفاق الاستهلاكي للأسر في الأشهر الأخيرة. كما استمر معدل استثمار الشركات في النمو بمعدل صحي، بالإضافة إلى أن الأداء الاقتصادي الجيد في الدول الأخرى ساهم في زيادة إنتاج وصادرات الولايات المتحدة. وعلى الرغم من أن قطاع الإسكان لم ينمُ هذا العام، إلا أنه مرتفع بشكل ملحوظ عما كان عليه قبل بضع سنوات.
وعن تداعيات الحرب التجارية، أوضح رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» أنه من الصعوبة التنبؤ بالنتيجة النهائية للمناقشات الحالية حول السياسة التجارية، بالإضافة إلى حجم وتوقيت الآثار الاقتصادية للتغيرات الأخيرة في السياسة المالية، مشيرا إلى أن خطر الاقتصاد بشكل عام تراجع بشكل غير متوقع، ويرجع ذلك إلى إمكانية نمو الاقتصاد بوتيرة أسرع مما نتوقعه حالياً. وقال: «النتائج الاقتصادية التي نتعرض لها غالبا ما تكون صفقة جيدة أقوى أو أضعف من أفضل توقعاتنا».
وأضاف باول، أن الدول التي تتبع منهجاً حمائياً في التجارة تكون نتائجها الاقتصادية أسوأ من الدول المنفتحة تجاريا، «بشكل عام، فإن الدول التي ظلت منفتحة على التجارة، والتي لم تُنشأ حواجز بما في ذلك التعريفات الجمركية، نمت بشكل أسرع، ولديها دخل أعلى، وإنتاجية أعلي. أما الدول التي دخلت في اتجاه أكثر حمائية فنتائجها الاقتصادية أسوأ. وأعتقد أن هذه هي النتيجة التجريبية».
وأوضح أنه منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي قام «الاحتياطي الفيدرالي» بتخفيض الاحتياطي لديه من الأوراق المالية المدعومة بالقروض العقارية، وهو ما يعكس الأداء القوي للاقتصاد، مشيرا إلى أن دفع الفوائد على الأرصدة التي تحتفظ بها البنوك في حساباتها في بنك الاحتياطي الفيدرالي لعب دورا رئيسيا في تنفيذ هذه السياسات.
وتابع أن دفع الفائدة على هذه الأرصدة هو الأداة الرئيسية للحفاظ على سعر الفائدة على الأموال الاتحادية في النطاق المستهدف للجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة.



شركات الطيران الخليجية تتحدى الأزمات الجيوسياسية وتحقق أداءً مميزاً

والش خلال الإعلان عن توقعات «إياتا» لعام 2025 (الشرق الأوسط)
والش خلال الإعلان عن توقعات «إياتا» لعام 2025 (الشرق الأوسط)
TT

شركات الطيران الخليجية تتحدى الأزمات الجيوسياسية وتحقق أداءً مميزاً

والش خلال الإعلان عن توقعات «إياتا» لعام 2025 (الشرق الأوسط)
والش خلال الإعلان عن توقعات «إياتا» لعام 2025 (الشرق الأوسط)

تواجه صناعة الطيران العالمية تحديات كبيرة في ظل التأخير المستمر في تسليم الطائرات ومشكلات سلسلة التوريد التي تؤثر بشكل ملحوظ في الإيرادات والتكاليف. ومع ذلك، تبرز منطقة الشرق الأوسط مثالاً على النجاح في هذا المجال، حيث تمكنت شركات الطيران في المنطقة من تحقيق أداء مالي متميز في عام 2024 بفضل استثمارات كبيرة في البنية التحتية والسياسات الحكومية الداعمة. وبينما تواجه شركات الطيران العالمية ضغوطاً متزايدة، تواصل الناقلات الخليجية تعزيز مكانتها في السوق، مستفيدةً من فرص النمو التي تقدمها البيئة الاقتصادية والجيوسياسية.

الشرق الأوسط يحقق أفضل أداء مالي

حققت منطقة الشرق الأوسط أفضل أداء مالي في 2024 على صعيد المناطق الجغرافية، حيث سجلت شركات الطيران في المنطقة أعلى ربح صافي لكل راكب بلغ 23.1 دولار، مع توقعات بنمو هذا الرقم بنسبة 8.2 في المائة ليصل إلى 23.9 دولار في العام المقبل.

واستفادت المنطقة من استثمارات كبيرة في البنية التحتية، والسياسات الحكومية الداعمة. كما كانت الوحيدة التي شهدت زيادة في عائدات الركاب في عام 2024، بدعم من أعمال قوية طويلة المدى.

وعلى الرغم من الحرب في غزة، ظلت الناقلات الخليجية غير متأثرة إلى حد كبير. ولكن من الممكن أن تتأثر أهداف النمو الطموحة لعام 2025 بقضايا سلاسل التوريد مع التأخير في تسليم الطائرات ومحدودية توافر المحركات، حسب «إياتا».

وفي هذا السياق، قال المدير العام لاتحاد النقل الجوي الدولي ويلي والش، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»: «هناك مساهمة صافية أعلى لكل راكب قادم من منطقة الشرق الأوسط مما يوحي بأن هذه الشركات لم تتأثر بالاضطرابات الكبيرة التي حدثت في المنطقة». وأوضح أن «هناك شركات طيران في المنطقة تعاني بشدة بسبب الوضع الراهن، وتواجه تحديات كبيرة في التعامل مع الظروف الحالية، في حين أن هناك شركات أخرى تحقق أداءً جيداً بوضوح.

وبيّن والش أن «السبب الرئيسي وراء تركيز الأرقام على الربحية الصافية لكل راكب يعود إلى أن المحاور العالمية في المنطقة تتمتع بنسب عالية من الركاب المميزين، مما يعزز حركة المرور، بالإضافة إلى المساهمة الكبيرة لشحنات البضائع في هذه الأرباح».

وأوضح أن شركات الطيران السعودية تستفيد بشكل كبير من قطاع الشحن الجوي رغم الأوضاع الجيوسياسية.

وأشار والش إلى أن «من المحتمل أن يكون إغلاق المجال الجوي الروسي قد عاد بالفائدة على المنطقة، حيث يتدفق الركاب عبر المحاور الرئيسية في المنطقة مثل دبي وأبوظبي والدوحة بدلاً من الرحلات المباشرة من أوروبا. كما أن قلة النشاط المباشر بين الولايات المتحدة والصين أدت إلى استفادة هذه المحاور من حركة المرور القادمة من أميركا إلى الصين».

وأضاف: «مع ذلك، هناك شركات في المنطقة تأثرت بشكل كبير بالأحداث في غزة، حيث لا تستفيد بنفس القدر من حركة المرور التي تمر عبر المحاور الكبرى في المنطقة، كونها لا تمتلك مراكز تشغيل محورية كبيرة».

تأثيرات سلبية على صناعة الطيران

على الصعيد العالمي، تعاني شركات الطيران العالمية جراء تأخير تسليمات الطائرات، وهي مشكلة يرجّح الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) استمرارها في العام المقبل والتي ستؤدي إلى ارتفاع التكاليف والحد من النمو».

ويكافح عملاقا الطيران «بوينغ» و«إيرباص» من أجل تحقيق أهداف تسليمات طائراتها وسط تحديات سلسلة التوريد. وإذ يتوقع «إياتا» ارتفاع تسليمات الطائرات في العام المقبل إلى 1802 طائرة، فإنه قال إن هذا العدد لا يزال أقل بكثير من توقعاته السابقة البالغة 2293 طائرة بداية العام، متوقعاً استمرار مشكلات سلسلة التوريد الخطيرة في التأثير على أداء شركات الطيران حتى عام 2025.

وتسبب مشكلات سلسلة التوريد إحباطاً لكل شركة طيران، وتؤثر سلباً في الإيرادات والتكاليف والأداء البيئي، وفق ما قال والش. وأضاف: «بلغت عوامل التحميل مستويات قياسية مرتفعة ولا شك أنه إذا كان لدينا مزيد من الطائرات، فيمكن نشرها بشكل مربح، وبالتالي فإن إيراداتنا معرَّضة للخطر. وفي الوقت نفسه، فإن الأسطول القديم الذي تستخدمه شركات الطيران لديه تكاليف صيانة أعلى، ويستهلك مزيداً من الوقود، ويتطلب مزيداً من رأس المال لإبقائه في الخدمة».

كما ارتفعت أسعار التأجير أكثر من أسعار الفائدة، حيث أدت المنافسة بين شركات الطيران إلى تكثيف التنافس لإيجاد كل طريقة ممكنة لتوسيع السعة. وبالنسبة إلى والش، فإن «هذا هو الوقت الذي تحتاج فيه شركات الطيران إلى إصلاح ميزانياتها العمومية المتهالكة بعد الوباء، لكن التقدم مقيد فعلياً بقضايا سلسلة التوريد التي يحتاج المصنعون إلى حلها».

شعار اتحاد النقل الجوي الدولي «إياتا» (الشرق الأوسط)

عائدات ضخمة

وفي توقعات متفائلة ولكنها مليئة بالتحديات، يتوقع الاتحاد الدولي للنقل الجوي أن تتجاوز عائدات صناعة الطيران تريليون دولار بحلول عام 2025، مصحوبةً بأرقام قياسية في أعداد المسافرين. ومع ذلك، فإن نمو الصناعة يعوقه في الوقت الحالي التأخير الكبير في تسليم الطائرات من «بوينغ» و«إيرباص».

ويتوقع والش أن تحقق شركات الطيران أرباحاً بقيمة 36.6 مليار دولار في 2025، بفعل عوامل كثيرة، بما في ذلك الاستفادة من انخفاض أسعار النفط، وتحقيق مستويات تحميل تفوق 83 في المائة، بالإضافة إلى السيطرة على التكاليف والاستثمار في تقنيات إزالة الكربون. لكنه لفت إلى أن هذه الأرباح ستكون محدودة بسبب التحديات التي تتجاوز سيطرة شركات الطيران، مثل القضايا المستمرة في سلسلة التوريد، والنقص في البنية التحتية، والتشريعات المعقدة، وزيادة الأعباء الضريبية.

ومن المرجح أن تسجل صناعة الطيران أرباحاً تشغيلية تبلغ 67.5 مليار دولار، مع هامش ربح تشغيلي قدره 6.7 في المائة، وهو تحسن طفيف عن التوقعات لعام 2024 البالغة 6.4 في المائة، وأن تحقق الصناعة عائداً على رأس المال المستثمَر بنسبة 6.8 في المائة في 2025، وهو تحسن من نسبة 6.6 في المائة المتوقعة لعام 2024.

ويتوقع أيضاً أن يشهد قطاع الطيران نمواً في العمالة، إذ من المتوقع أن يصل عدد موظفي شركات الطيران إلى 3.3 مليون شخص في 2025، ليشكلوا جزءاً من سلسلة القيمة العالمية للطيران التي تشمل 86.5 مليون شخص وتساهم بمبلغ 4.1 تريليون دولار في الاقتصاد العالمي، ما يعادل 3.9 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وعلى صعيد حركة الركاب، يتوقع «إياتا» أن يتجاوز عدد الركاب في العام المقبل 5.2 مليار للمرة الأولى، بزيادة قدرها 6.7 في المائة مقارنةً بعام 2024، وأن ينمو حجم الشحن الجوي بنسبة 5.8 في المائة ليصل إلى 72.5 مليون طن في الفترة ذاتها.

وفيما يتعلق بالشحن الجوي، يتوقع أن تبلغ إيرادات الشحن 157 مليار دولار في 2025، حيث ستنمو الطلبات بنسبة 6.0 في المائة، مع انخفاض طفيف في العائدات بنسبة 0.7 في المائة، رغم أن المعدلات ما زالت تتفوق على مستويات ما قبل الجائحة.

وستنمو تكاليف الصناعة بنسبة 4.0 في المائة في 2025 لتصل إلى 940 مليار دولار.

ومن أبرز التكاليف غير المتعلقة بالوقود، توقعت «إياتا» زيادة كبيرة في تكاليف العمالة، إلى 253 مليار دولار في 2025، وبنسبة 7.6 في المائة عن العام السابق. كما رجحت أن ترتفع تكاليف الوقود بنسبة 4.8 في المائة إلى 248 مليار دولار، رغم انخفاض أسعار النفط إلى 87 دولاراً للبرميل في 2025، وهو انخفاض من 99 دولاراً 2024.

وأشارت البيانات أيضاً إلى أن المخاطر السياسية والاقتصادية، مثل النزاعات الجيوسياسية والحروب التجارية، قد تؤثر في التوقعات المالية للقطاع، خصوصاً في ظل الاضطرابات المستمرة في أوروبا والشرق الأوسط.