تتطلب خسارة عدة كيلوغرامات من الوزن الكثير من التحدي، لكن هناك بعض الاستراتيجيات التي تؤدي إلى النجاح في النهاية. فإذا كنت ممن يجدن صعوبة كبيرة في خسارة الوزن، ستشعرين وكأن الاحتمالات والظروف كلها قد تحالفت ضدك، ولن تكوني مخطئة بالضرورة لو خالجك هذا الشعور.
في هذا السياق، قال الدكتور ماير ستامفر، أستاذ علم الأوبئة والتغذية بكلية الصحة العامة بجامعة هارفارد: «هناك الكثير من الطعام اللذيذ المتاح بوفرة أمام ناظريك في جميع الأوقات. وبالنسبة لي فإني أجد أن الأمر أشبه بالمعجزة أن ترى الناس وكأنهم لم يزدادوا وزنا عما كانوا هو عليه في ظل كل تلك الإغراءات. وبالإضافة إلى وفرة الطعام، فقد بات أسلوب حياة غالبية الناس اليوم يعتمد على الجلوس أكثر مما كانت تفعل الأجيال الماضية، وحتى الأشخاص النشيطون الذين يؤدون التمارين الرياضية بكثرة لم يعودوا يفقدون الكثير من السعرات الحرارية التي كان أجدادهم يفقدونها».
- صعوبة فقدان الوزن
لذلك فرغم سهولة خسارة الوزن من الناحية النظرية - بفقدان السعرات الحرارية - فإنها صعبة من الناحية العملية. «فإذا ما وضعت بعض الأشخاص في جناح (أيضي) مغلق (مكان مغلق لا يتناولون فيه سوى سعرات غذائية محددة) وجعلتهم يتناولون 60 في المائة فقط من سعراتهم الحرارية المعتادة، فسوف يفقدون الوزن. بيد أن من الصعب تحقيق ذلك مع أشخاص أحرار يعيشون في أماكن مفتوحة»، حسب الدكتور ستامفر.
وفي السياق ذاته، قال الدكتور لو كي، أستاذ مساعد علم التغذية بكلية الصحة العامة بجامعة هارفارد: «بقدر صعوبة خسارة بعض الكيلوغرامات، فإن التحدي الأكبر سيأتي حال نجحت في المهمة. الصعوبة الحقيقية تتمثل في المحافظة على الوزن الذي تم فقدانه».
ينطبق هذا الأمر على السيدات بعد سن اليأس، فحسب الدكتور لو كي: «عندما يتقدم الناس في السن يصبح من الصعب عليهم نزع الطاقة من الطعام. ولذلك عليهم تعديل عاداتهم الغذائية باتباع أنماط غذائية صحية. ولذلك فإن مهمة تغيير العادات الصحية تنطوي على الكثير من التحدي».
ينظر الناس إلى الطعام اليوم على أنه أكثر من مجرد وسيلة للإحساس بالشبع. فهو مصدر الرضا، أو لنقل مكافأة للذات. وهذا هو السبب في أن الكثير من الأنظمة الغذائية تنجح على المدى القصير لكنها تفشل فيما بعد، والسبب يرجع إلى أن «الكثير من برامج الحمية الغذائية تعتمد على التخلي النهائي عما اعتاد الناس تناوله، وهذا التصرف لا يمكن اعتباره مستداما»، وفق الدكتور ستامفر.
- خطوات فقدان الوزن
ولذلك لا تهنئي نفسك بأنك أنجزت المهمة بنجاح بعد أن تكوني قد خسرت بضعة كيلوغرامات، فهناك استراتيجيات للمساعدة في منع استعادة تلك الكيلوغرامات التي خسرتها. وإليك بعض النصائح لتجعل الميزان يسير في الاتجاه الصحيح ويستمر المؤشر في نفس المكان.
> لا تعتمدي على برنامج الحمية الغذائية فحسب، بل اعملي على تطويره. لا تركزي عند تناولك للطعام على خسارة الوزن، لكن ركزي على صحتك العامة. اتبعي نظاما غذائيا غنيا بالفواكه والخضراوات والدهون الصحية. «حتى اليوم، وبرغم البيانات المتاحة أمامنا، ما زال الناس يعتقدون أن تناول الدهون يجعلهم بدينين، ولذلك يسعون للحصول على منتجات قليلة الدهون»، حسب الدكتور ستامفر، الذي أضاف: «لقد ثبت عدم صحة هذا الزعم، حيث إن تناول الدهون لا يؤدي إلى السمنة. فقد أظهرت دراسات قيمة أن تناول الدهون الصحية يساعد الناس على التحكم في وزنهم بطريقة أفضل من أنظمة الحمية الغذائية التي تعتمد على استبعاد الدهون كليا».
>إجمالا، فإن اختيار نظام غذائي يركز على الصحة، وليس فقط الوزن، يمكنه المساعدة في تحقيق تحسن مستدام في الوزن. ولذلك فالنصيحة هي: «اتبعي نظاما غذائيا صحيا، وتناولي كميات أقل بقليل»، وفق الدكتور ستامفر.
> كذلك عليك ممارسة تمارين رياضية منتظمة، وقد قيلت تلك النصيحة مليون مرة، لكن لم يتم تفسيرها بصورة كافية بالقول إن زيادة مستوى نشاطك البدني من شأنها أن تساعد في نقصان الوزن وتثبيته عند مستوى معين. وهنا يقول الدكتور ستامفر: «بالنسبة لغالبية الناس، فإن من الصعب المحافظة على الوزن على المدى البعيد من دون بعض النشاط البدني».
إن عملية التمثيل الغذائي تتباطأ كلما تقدم الإنسان في العمر، ويعني ذلك أنك تحرقين سعرات حرارية أقل للمحافظة على وظائف الجسم الحيوية. وفي نفس الوقت، تتراجع كتلة العظام والعضلات، فيما تزيد كتلة الدهون في الجسم. يحدث هذا التغيير الماكر بصورة طبيعية مع تقدم الإنسان في العمر إذا لم تتخذ خطوات محسوبة لتفادي حدوث ذلك.
استطرد الدكتور ستامفر بقوله: «أنا أحد المتحمسين ليس فقط لتمارين الأيروبيك، بل أيضا لتمارين الوزن وألعاب الجمباز. وبناء العضلات لا يرفع فقط من معدل التمثيل الغذائي بل يحسن من الحالة الجسدية نظرا لفوائده الصحية العديدة التي لا نقدّر قيمتها بقدر ما نقدر قيمة تمارين الأيروبيك».
- حمية غذائية متنوعة
>جربي بعض الاستراتيجيات، فهناك أنظمة حمية تأتي بنتائج جيدة مختلفة مع اختلاف الأشخاص. وأحيانا يتطلب التوصل إلى استراتيجية غذائية صحيحة تكرار التجربة والخطأ. ومن ضمن الأساليب التي أتت بنتائج جيدة أسلوب الانتباه للطعام الذي يعتمد على منح نفسك فرصة للتوقف والتركيز والاستمتاع بما تتناوله. وفي هذا السياق، قال الدكتور ستامفر: «الدليل العلمي على ذلك يبدو أمام عيني هزيلا، لكنني معجب بالفكرة. فجميعنا جرب أن يتناول كميات من طعام ما، ولا نكاد نتذكر أننا تناولنا ذلك الطعام من قبل».
النصيحة الثانية هي أن تضعي الشوكة على الطاولة بين كل مضغة وأخرى بدلا من الإمساك بها بين أصابعك. ولا تمسكي بالشوكة إلا عندما تقدمين على القضمة التالية.
تذكري أن فقدان الوزن أمر صعب وأن الكثيرين والكثيرات يفشلون فيه مرات كثيرة قبل أن يحالفهم النجاح في النهاية. لا تيأسي من تكرار المحاولة كل يوم بتقليل الكمية قليلا. فإذا ما خرجت عن المضمار، ادخلي مرة أخرى في اليوم التالي وواصلي المحاولة، واستمري فيها.
- رسالة هارفارد «مراقبة صحة المرأة»، خدمات «تريبيون ميديا».