الحكومة التونسية تستعد لإجراء تعديل وزاري عاجل

إثر إقالة وزير الداخلية وعدد من كبار المسؤولين

TT

الحكومة التونسية تستعد لإجراء تعديل وزاري عاجل

تتواصل المشاورات السياسية غير الرسمية بين الأطراف التونسية الموقعة على «وثيقة قرطاج 2»، بعد أن أخذت منحى جديداً عقب قرار إعفاء لطفي براهم، وزير الداخلية من مهامه، وبات الحديث منصبا هذه الأيام حول التعديل الوزاري، الذي سيجريه رئيس الوزراء يوسف الشاهد على حكومة الوحدة الوطنية، التي يقودها منذ أغسطس (آب) 2016، بدل الحديث عن الإطاحة بيوسف الشاهد نفسه، وهو الحديث الذي كان مهيمنا على الساحة السياسية قبل سلسلة الإعفاءات الأخيرة.
ويرى مراقبون للشأن السياسي، أن أكثر من وزير بات اليوم في مرمى التعديل الوزاري، الذي سيجريه الشاهد، والذي سيحاول الربط بين هذا التعديل ووثيقة «قرطاج 2»، وهو ما يعني ضمنيا تناسي المطالب المتكررة بإقالته، على الأقل في الفترة الحالية، وتمسك اتحاد الشغل وحزب النداء بهذا القرار. وسواء كان هذا التعديل جزئيا، كما تطالب به حركة النهضة ضمانا للاستقرار السياسي قبيل انتخابات 2019، أو شاملا بحيث يشمل أيضا رئيس الحكومة نفسه، كما يطالب بذلك أكثر من طرف سياسي واجتماعي، فإن الأمر يبقى رهناً بمدى التشاور والتنسيق بين رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية من ناحية، وبين الأحزاب الموقعة على تلك الوثيقة، وهو ما ستتضح معالمه خلال الأيام القليلة المقبلة، حسب عدد من المحللين السياسيين.
وفي ظل هذه الأجواء المشحونة بالتكهنات، بدأت وسائل الإعلام المحلية تركز على أداء وزراء حكومة الشاهد، وانتقدت بحدة تصريحات بعضهم، ورشحتهم لمغادرة التركيبة الحكومية. ومن بينهم وزير البيئة التي أدلت بتصريحات كانت مثار تندر واستخفاف المواطنين، كما ركزت على تصريحات وزير النقل، الذي قال إن القضاء أطلق سراح موظفين يعملون في المطارات لأن السرقات التي قاموا بها كانت بسيطة، وهو ما جلب عليه سيلا من الانتقادات اللاذعة.
ووفق متابعين للمشهد السياسي التونسي، لم يعد التعديل الوزاري مجرد فكرة تناقش على طاولة اللجنة العليا للموقعين على وثيقة قرطاج، بل أصبح ضرورة أكيدة وملحة، خصوصا وأن أكثر من طرف سياسي واجتماعي عاد لفتح النقاش حول «وثيقة قرطاج 2» بعد تعليقها من قبل رئيس الجمهورية بسبب الخلافات الحادة حول مصير الشاهد وحكومته.
ووفق مصادر سياسية متطابقة، فإنه من الصعب حاليا تغيير حكومة الشاهد برمتها، وذلك بسبب ضغط الوقت، اعتبارا إلى أن تشكيل حكومة جديدة بأكملها يتطلب وقتا طويلا، وضرورة احترام المراحل الدستورية، التي تفرض منحها الثقة في مجلس نواب الشعب (البرلمان)، وإجراء مشاورات مطولة لتشكيل الحكومة. وبذلك فمن المتوقع الاكتفاء بتعديلات جزئية في الحكومة، وهو المقترح الذي تمسك به راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة (إسلامي). وفي هذا الصدد، قال المحلل السياسي جمال العرفاوي لـ«الشرق الأوسط» إن إقالة وزير الداخلية لطفي براهم «مكنت رئيس الحكومة من تحويل دفة النقاشات ولو مؤقتا، بحيث بات الحديث أكثر عن ضرورة إجراء تعديل وزاري عاجل لتعيين وزير داخلية جديد، يتولى في أقرب الأوقات مواصلة استراتيجية الدولة في مجال مكافحة الإرهاب خلال هذه الفترة الزمنية الحساسة (موسم سياحي وإجازات صيفية ومهرجانات وغيرها من المواعيد)».
وتوقع العرفاوي أن يعلن الشاهد عن هذا التعديل في وقت وجيز. ومثلما تم الاتفاق على 63 نقطة تحدد برنامج عمل الحكومة في الفترة المقبلة، فإن عدة أطراف مشاركة في النقاشات تدفع نحو الاتفاق أيضا على تركيبة الحكومة المقبلة، وحول من سيتولى تنفيذ هذا البرنامج.
وبخصوص اختيار وزير جديد للداخلية، تعددت الأسماء المرشحة. لكن من المنتظر أن يعتمد الاختيار على نتائج المشاورات بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة بدرجة أولى، وعلى النقاشات مع مختلف الأحزاب والمنظمات التي ستتدخل في اقتراح بعض الأسماء نتيجة ارتباط هذه الحقيبة الوزارية بالحريات العامة وحقوق الإنسان.



تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين في تعز

مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (رويترز)

نددت الحكومة اليمنية بتصفية الحوثيين أحد المعتقلين المدنيين في أحد السجون الواقعة شرق مدينة تعز، واتهمت الجماعة بالتورط في قتل 350 معتقلاً تحت التعذيب خلال السنوات الماضية.

التصريحات اليمنية التي جاءت على لسان وزير الإعلام، معمر الإرياني، كانت بعد أيام من فرض الولايات المتحدة عقوبات على قيادي حوثي يدير المؤسسة الخاصة بملف الأسرى في مناطق سيطرة الجماعة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

ووصف الإرياني إقدام الحوثيين على تصفية المواطن أحمد طاهر أحمد جميل الشرعبي، في أحد معتقلاتهم السرية في منطقة الحوبان شرق تعز، بأنها «جريمة بشعة» تُضاف إلى سجل الجماعة الحافل بالانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية، وتعكس طبيعتها الوحشية وعدم التزامها بأي قانون أو معايير إنسانية، وفق تعبيره.

وأوضح الوزير اليمني في تصريح رسمي أن الحوثيين اختطفوا الضحية أحمد الشرعبي، واحتجزوه قسرياً في ظروف غير إنسانية، قبل أن يطلبوا من أسرته، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، الحضور لاستلام جثته بعد وفاته تحت التعذيب.

وقال إن هذا العمل الوحشي من قِبَل الحوثيين يظهر اللامبالاة بأرواح اليمنيين، ويعيد التذكير باستمرار مأساة الآلاف من المحتجزين والمخفيين قسراً في معتقلات الجماعة بما في ذلك النساء والأطفال.

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى تقارير حكومية وثقت أكثر من 350 حالة قتل تحت التعذيب في سجون الحوثيين من بين 1635 حالة تعذيب، كما وثقت المنظمات الحقوقية -بحسب الوزير- تعرض 32 مختطفاً للتصفية الجسدية، بينما لقي آخرون حتفهم نتيجة الانتحار هرباً من قسوة التعذيب، و31 حالة وفاة بسبب الإهمال الطبي، وقال إن هذه الإحصاءات تعكس العنف الممنهج الذي تمارسه الميليشيا بحق المعتقلين وحجم المعاناة التي يعيشونها.

ترهيب المجتمع

اتهم الإرياني الحوثيين باستخدام المعتقلات أداة لترهيب المجتمع المدني وإسكات الأصوات المناهضة لهم، حيث يتم تعذيب المعتقلين بشكل جماعي وتعريضهم لأساليب قاسية تهدف إلى تدمير إرادتهم، ونشر حالة من الخوف والذعر بين المدنيين.

وطالب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان بمغادرة ما وصفه بـ«مربع الصمت المخزي»، وإدانة الجرائم الوحشية الحوثية التي تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والإنساني.

الحوثيون يتعمدون ترهيب المجتمع بالاعتقالات والتعذيب في السجون (رويترز)

ودعا الوزير إلى «ممارسة ضغط حقيقي على ميليشيا الحوثي» لإطلاق صراح كل المحتجزين والمخفيين قسرياً دون قيد أو شرط، وفرض عقوبات صارمة على قيادات الجماعة وتصنيفها «منظمة إرهابية عالمية».

وكانت الولايات المتحدة فرضت قبل أيام عقوبات على ما تسمى «لجنة شؤون الأسرى» التابعة للحوثيين، ورئيسها القيادي عبد القادر حسن يحيى المرتضى، بسبب الارتباط بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في اليمن.

وتقول الحكومة اليمنية إن هذه المؤسسة الحوثية من أكبر منتهكي حقوق الإنسان وخصوصاً رئيسها المرتضى الذي مارس خلال السنوات الماضية جرائم الإخفاء القسري بحق آلاف من المدنيين المحميين بموجب القوانين المحلية والقانون الدولي الإنساني.