بعد وقوعها في مجموعة واحدة في التصفيات مع فرنسا وهولندا ومواجهة إيطاليا في ملحق التصفيات ربما لم يكن بوسع الكثيرين الاعتقاد أن السويد يمكن أن تتأهل إلى نهائيات كأس العالم لكرة القدم لكن حققت مفاجآت عديدة ويمكن أن تزيد من وتيرة هذا الأمر في روسيا.
وتخوض السويد غمار منافسات كأس العالم للمرة الحادية عشرة في تاريخها.
واحتل فريق المدرب يان أندرسون المركز الثاني على حساب هولندا في المجموعة الأولى للتصفيات ليضمن الفريق خوض الملحق الأوروبي. وأعتقد الكثيرون أن السويد ستغيب عن كأس العالم للمرة الثالثة على التوالي عندما أوقعتها قرعة الملحق القاري بمواجهة إيطاليا بطلة العالم أربع مرات، لكن لاعبي أندرسون خالفوا التوقعات وتسببوا بغياب «الأزوري» عن النهائيات للمرة الأولى منذ 60 عاما بفضل الهدف الذي سجلوه ذهابا (1 - صفر ثم صفر - صفر إيابا).
وفعلت السويد ذلك رغم فقدان جهود زلاتان إبراهيموفيتش هدافها عبر العصور الذي اعتزل اللعب الدولي بعد بطولة أوروبا 2016. ورغم أن عصر إبراهيموفيتش شهد العديد من الأهداف المذهلة لم تنجح السويد في كأس العالم وغابت عن آخر بطولتين في 2010 و2014.
وبعد رحيل إبراهيموفيتش والمدرب ايريك هامرين أعاد أندرسون اكتشاف فريقه وفقا للأسس المترسخة في ارث كرة القدم في البلاد.
واعتمد أندرسون على العمل الجاد والروح المعنوية التي شهدت احتلال البلد البالغ تعداد سكانه 10 ملايين نسمة المركز الثاني في نسخة 1958 خلف البرازيل عندما استضافت البطولة والثالث في أميركا 1994.
واهتزت شباك فريق أندرسون تسع مرات في عشر مباريات قبل مواجهة إيطاليا في ملحق التصفيات لكنها سجلت 26 هدفا متفوقة بثمانية أهداف على فرنسا صاحبة الصدارة.
ويأمل منتخب السويد في البناء على ما حققه في الملحق عندما يصطدم في النهائيات بعملاق آخر يتمثل بالمنتخب الألماني حامل اللقب الذي وقع معه في المجموعة السادسة إلى جانب كوريا الجنوبية والمكسيك.
والمشاركة في كأس العالم تعتبر أفضل إنجاز في مسيرة أندرسون الذي أمضى كامل مسيرته كلاعب محلي، حيث بدأ مشواره في السبعينات مع اليتس أي كاي في مدينة هالمشتاد الجنوبية، حيث لا يزال حتى الآن الهداف التاريخي للفريق. وكمدرب، قاد أندرسون هالمشتاد بي كاي للمشاركة في كأس الاتحاد الأوروبي عام 2005، ثم عاش فترة ناجحة مع اي إف كاي نوركوبينغ من 2011 حتى 2016، توجها بإحراز لقب الدوري السويدي عام 2015.
صحيح أن أحدا لا يتوقع من المنتخب السويدي تكرار إنجاز عام 1958 حين وصل إلى المباراة النهائية على أرضه قبل الخسارة أمام برازيل بيليه 2 - 5، أو حتى الوصول إلى ما حققه عام 1994 حين وصل إلى نصف النهائي قبل أن يخسر أمام البرازيل بالذات بهدف روماريو، لكن الفرصة قائمة لبلوغ الدور الثاني على أقل تقدير.
وخلال حقبة سلفه ايريك هامرن، خرجت السويد من الدور الأول لكأس أوروبا 2012، وخسرت في الملحق القاري المؤهل لمونديال البرازيل 2014 أمام برتغال كريستيانو رونالدو. وفي كأس أوروبا 2016 التي أقيمت في فرنسا، فشل هامرن في تشكيل وحدة متجانسة حول النجم والقائد زلاتان إبراهيموفيتش الذي سيكون أبرز الغائبين عن مونديال 2018 بعدما فضل عدم العودة عن قرار اعتزاله الدولي الذي اتخذه في 2016.
ومعتمدة على دفاعها القوي والتراجع السريع وتشكيل سياج قوي حول المرمى إضافة لانطلاقات الجناح اميل فورزبرغ يمكن أن تتفوق السويد على المنافسين في الهجمات المرتدة.
ورغم ما يتمتع به الفريق من نقل الهجمة سريعا إلى الأمام، فهو لا يعتمد على التمريرات الطويلة ولا يجد المدرب أندرسون مشكلة في أن يستحوذ فريقه على الكرة ويسعى لفتح ثغرات في دفاع المنافسين.
وسيكون العامل المهم للسويد هو مستوى فورزبرغ وعودة الحارس روبن أولسن الذي وعد بالتضحية «بدمائه وعرقه ودموعه» للتعافي من إصابة في الكتف.
ورغم افتقادها لإبراهيموفيتش فإن السويد تمتلك الدهاء سواء على صعيد أفراد التشكيلة الأساسية والاحتياطيين لتحقيق بعض المفاجآت في روسيا.
> التشكيلة
> المدير الفني: يان أندرسون.
> حراس المرمى: روبن أولسن وكريستوفر نوردفيلدت وكارل - يوهان يوهانسون.
> الدفاع: أندرياس غرانكفيست وفيكتور ليندلوف ومايكل لوستيغ ولودفيغ أوغوستينسون وبونتوس يانسون واميل كرافث وفيليب هيلاندر ومارتن أولسون.
> الوسط: سيباستيان لارسون وغوستاف سفنسون ووألبين ايكدال واميل فورزبرغ وفيكتور كلايسون وجيمي دورماز وماركوس رودن وأوسكار هيلييمارك.
> الهجوم: ماركوس بيرغ وجون غيديتي وايزاك كيسي - ثيلن وأولا تويفونن.
> نجم الفريق
> فورزبرغ
> سيذهب الجناح إميل فورزبرغ إلى نهائيات كأس العالم لكرة القدم في روسيا ولديه رغبة في الخروج من ظل زلاتان إبراهيموفيتش وسط طموح بأن يكون مصدر خطورة هجوم السويد. وبعد بداية متوسطة لمشواره مع فريق سوندسفال المحلي بدأ فورزبرغ يخطف الأضواء مع مالمو في دوري أبطال أوروبا قبل أن ينتقل سريعا إلى فريق لايبزيغ الألماني.
وبدأ اللاعب يعزز مكانته في ألمانيا والمنتخب الوطني بشكل تدريجي لكن الأمور لم تكن سهلة.
وفورزبرغ من عائلة كروية وهو يسافر إلى مونديال روسيا 2018، طامحا بأن يحمل معه المستوى الذي ظهر به في الموسمين الأخيرين مع فريقه لايبزيغ.
كرة القدم تجري في عروق عائلة اللاعب البالغ 26 عاما. جده لينارت فورزبرغ دافع عن ألوان ساندسفال شرق السويد، ووالده ليف كان أسطورة الفريق ذاته بتسجيله 143 هدفا في أكثر من 400 مباراة خاضها بين 1980 و1990. وفي حديث له مع صحيفة «بيلد» الألمانية عام 2015، قال فورزبرغ: «أعتقد أني جمعت أفضل ما في كرة القدم من الجهتين: سرعة والدي والمهارات الفنية لجدي». وكانت هناك الكثير من التوقعات بشأنه في بطولة أوروبا 2016 في فرنسا لكنه، وإضافة إلى باقي أعضاء المنتخب، فشل في ترك بصمة وخرج الفريق مبكرا من دور المجموعات.
وأسفر اعتزال إبراهيموفيتش على الصعيد الدولي وقدوم المدرب يان أندرسون عن تطور كبير في مستوى فورزبرغ الذي حصل على القميص رقم 10 وبات يحمل على عاتقه مسؤولية قيادة هجوم منتخب السويد.
ومع وجود لاعبين متحركين يتسمون بالسرعة من حوله مثل ماركوس بيرغ وأولا تويفونن حصل فورزبرغ على المزيد من الخيارات التي لم تكن موجودة عندما كان إبراهيموفيتش، الذي يتحرك بشكل أقل كثيرا، يقود خط الهجوم. وسجل اللاعب أربعة أهداف لتحتل السويد المركز الثاني في مجموعتها بالتصفيات على حساب هولندا وبذل مجهودا كبيرا أيضا خلال التفوق على إيطاليا في المواجهة التي جمعت بينهما في الملحق. وتسبب حصوله على بطاقة حمراء وإيقافه لثلاث مباريات في نيل فترة من الراحة في نهاية الدوري الألماني وقبل انطلاق كأس العالم ومن المفترض أن يصل إلى روسيا في حالة بدنية رائعة.
وأظهرت النتائج خلال مشوار التصفيات أنه عندما يكون فورزبرغ في مستواه يكون بوسع السويد أن تحقق نتائج إيجابية أمام أي فريق.