أميركا تعلن عن «ضربة كبيرة» قضت على 50 من قادة «طالبان»

انتحاريون يهاجمون مقر وزارة الداخلية في كابل وتصاعد المواجهات في ولايات أفغانية

مواطنون يمرون قرب مقر وزارة الداخلية بعد تعرضه لهجوم شنّه مسلحون «انتحاريون» في كابل أمس   (إ.ب.أ)
مواطنون يمرون قرب مقر وزارة الداخلية بعد تعرضه لهجوم شنّه مسلحون «انتحاريون» في كابل أمس (إ.ب.أ)
TT

أميركا تعلن عن «ضربة كبيرة» قضت على 50 من قادة «طالبان»

مواطنون يمرون قرب مقر وزارة الداخلية بعد تعرضه لهجوم شنّه مسلحون «انتحاريون» في كابل أمس   (إ.ب.أ)
مواطنون يمرون قرب مقر وزارة الداخلية بعد تعرضه لهجوم شنّه مسلحون «انتحاريون» في كابل أمس (إ.ب.أ)

أعلنت القوات الأميركية في أفغانستان، أمس (الأربعاء)، توجيه ضربة شديدة لحركة «طالبان» أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 50 من قادتها الميدانيين الذين كانوا في اجتماع في ولاية هلمند الجنوبية. لكن الضربة لم تؤد، كما يبدو، إلى تراجع فوري في حدة العمليات التي تقوم بها «طالبان» في إطار «هجوم الربيع» الذي أطلقته الحركة في أبريل (نيسان) الماضي تحت مسمى «عملية الخندق». فقد شن مقاتلو الحركة هجمات واسعة في أكثر من ولاية أفغانية ونجحوا في السيطرة على وسط مقاطعة دشت قلعة في إقليم تخار بشمال البلاد.
وتزامنت هذه الهجمات مع تدهور جديد في العاصمة كابل التي شهدت هجوماً شنّه عشرة مسلحين وصفوا بأنهم «انتحاريون» على مقر وزارة الداخلية المحصّن. وتبنّى تنظيم داعش هذا الهجوم.
وتشهد أفغانستان منذ نهاية أبريل الماضي تصعيداً واسعاً في حدة العنف بعدما أطلق مقاتلو «طالبان» هجوم الربيع السنوي تحت مسمى «عملية الخندق» التي تستهدف «سحق وقتل وأسر الغزاة الأميركيين وأنصارهم»، بحسب ما أشارت وكالة الصحافة الفرنسية.
وقال متحدث باسم الجيش الأميركي، أمس، إن أكثر من 50 من قادة «طالبان» البارزين قتلوا في قصف مدفعي استهدف اجتماعهم في إقليم هلمند بجنوب أفغانستان، بحسب وكالة «رويترز». وقال الجيش الأميركي، إن اجتماع 24 مايو (أيار) الذي عقد في منطقة قلعة موسى في هلمند شارك فيه قادة من أقاليم أفغانية مختلفة، بما في ذلك إقليم فراه (فرح) المجاور، حيث هدد مقاتلو «طالبان» لفترة قصيرة باجتياح العاصمة الإقليمية هذا الشهر.
وقال اللفتنانت كولونيل مارتن أودونيل، المتحدث باسم القوات الأميركية في أفغانستان: «نعتقد أن الاجتماع كان للتخطيط للخطوات المقبلة». وأضاف أن القصف بنظام صواريخ المدفعية سيعطّل عمليات «طالبان»، لكنه لن يعني بالضرورة توقف القتال. وقال، إن الهجوم الذي وقع في أحد معاقل «طالبان» يمثّل ضربة قوية للمسلحين. وأضاف: «إنها بالتأكيد ضربة كبيرة»، مشيراً إلى أن قادة عدة آخرين من المستويات العليا والأدنى قتلوا خلال عمليات استمرت عشرة أيام هذا الشهر. ولفتت «رويترز» إلى أن «طالبان» رفضت التقرير ووصفته بأنه «دعاية»، وقالت إن الهجوم أصاب منزلين لمدنيين في قلعة موسى، وأسفر عن مقتل خمسة مدنيين وجرح ثلاثة آخرين. وقال المتحدث قاري يوسف أحمدي في بيان: «هذه منطقة سكنية مدنية لا صلة لها بحركة طالبان».
وفي إقليم تخار بشمال البلاد، قال خليل عسير المتحدث باسم الشرطة، إن مقاتلي «طالبان» سيطروا في منطقة قلعة دشت على مجمع الحاكم ومقر الشرطة أمس، لكن قتالاً عنيفاً لا يزال مستمراً. وقال المتحدث باسم الحاكم الإقليمي سنة الله تيمور لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ) إن ما لا يقل عن اثنين من قوات الأمن أصيبا خلال اجتياح مسلحي «طالبان» لوسط قلعة دشت، مضيفاً أن تعزيزات في طريقها لاستعادة المنطقة التي تقهقرت قوات الأمن الأفغانية إلى مشارفها.
وفي إقليم لوغار (70 كلم جنوب شرقي كابل)، أعلنت «طالبان» مسؤوليتها عن هجوم على مركز للشرطة في العاصمة الإقليمية بولي علم، الذي أسفر عن مقتل ثلاثة من رجال الشرطة وإصابة 12 آخرين، من بينهم أربعة من الشرطة وثمانية مدنيين.
وقال شاهبور أحمد زاي، المتحدث باسم حاكم الإقليم، إن ثلاثة مهاجمين حاولوا دخول مركز الشرطة في الساعات الأولى من الصباح؛ مما أدى إلى تبادل إطلاق النار لثلاث ساعات وانتهى بمقتل الثلاثة، بحسب «رويترز». أما وكالة الصحافة الفرنسية، فنقلت عن مصادر محلية، إن الهجوم أسفر عن مقتل ستة من عناصر الشرطة، بحسب ما قال المتحدث باسم الشرطة الإقليمية شاهبور أحمد زاي.
وفي جنوب البلاد، قال متحدث باسم حاكم إقليم قندهار، إن ثلاثة مدنيين قتلوا و13 آخرين أصيبوا بانفجار وقع في مدينة قندهار. ويبدو أن الانفجار استهدف ورشة ميكانيكا تستخدم لإصلاح مركبات الجيش الأفغاني.
في غضون ذلك، أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم المسلح الذي استهدف مبنى وزارة الداخلية الأفغانية في كابل أمس، والذي أسفر عن مقتل رجل شرطة واحد وإصابة خمسة آخرين، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ). ونشرت وكالة «أعماق» التابعة للتنظيم الإرهابي إعلان المسؤولية عن الهجوم، قائلة إنه هجوم انتحاري، من دون الإدلاء بتفاصيل.
وكان مسؤول في الوزارة طلب عدم الكشف عن هويته، أكد انتهاء الهجوم، قائلاً إن المسلحين المتشددين لم يتمكنوا من اختراق المبنى بعدما اشتبكوا مع قوات الأمن عند المدخل. كما أكد رضا خطيب، المدير العام للتخطيط والسياسة في الوزارة، انتهاء الهجوم، وذلك في رسالة عبر «تويتر».
وقال نجيب دانيش، وهو متحدث باسم وزارة الداخلية، في مقابلة بث مباشر مع وكالة «تولو نيوز» الأفغانية للأنباء، إن ثلاثة مهاجمين فجّروا أنفسهم في حين قتلت قوات الأمن سبعة آخرين. وأضاف: إن الهجوم الذي استمر ساعتين تقريباً أسفر أيضاً عن إصابة خمسة من رجال الشرطة.
أما وكالة «رويترز»، فنقلت عن مسؤول كبير في الشرطة، إن سيارة ملغومة انفجرت عند مدخل وزارة الداخلية في بداية الهجوم، ثم استطاع عدد من المسلحين دخول المجمع. وأضافت أن مسؤولاً كبيراً في وزارة الداخلية قال: إن مهاجماً فجّر نفسه داخل المجمع، وإن آخر كان يقاوم من برج مراقبة في حين ارتفعت سحابة من الغبار والدخان فوق المجمع المترامي الأطراف.
وخلال الشهر الماضي أسفر انفجاران في كابل عن مقتل ما لا يقل عن 26 شخصاً بينهم تسعة صحافيين كانوا قد وصلوا لتغطية انفجار أولي واستهدفهم مهاجم انتحاري. وأعلن «داعش» مسؤوليته عن ذلك الهجوم الذي سبقه بأسبوع مقتل 60 شخصاً وجرح أكثر من 100 بتفجير انتحاري خارج مركز لتسجيل الناخبين في المدينة.
وتسلط الهجمات الضوء على تدهور الوضع الأمني قبل انتخابات برلمانية ومحلية من المقرر أن تجرى في 20 أكتوبر (تشرين الأول). وهددت حركة «طالبان» بمهاجمة مراكز تسجيل اللاجئين.
وذكرت «رويترز»، أن السلطات رفعت حالة التأهب الأمني داخل كابل وحولها في الأيام الأخيرة ووضعت مزيداً من نقاط التفتيش والدوريات. وحذّرت الحكومة من «هجمات معقدة» يمكن أن تشنها «طالبان» على الحكومة أو المنشآت الأجنبية في الأسابيع المقبلة.
والأسبوع الماضي دعت حركة «طالبان» أهالي كابل إلى تجنب المراكز العسكرية والاستخباراتية في العاصمة، وقالت: إنها تعتزم شن المزيد من الهجمات في إطار هجوم الربيع السنوي الذي تطلقه كل عام، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. وأفاد بيان نشرته الحركة على الإنترنت بأنه «لذلك، ولتجنب سقوط ضحايا مدنيين ومن أجل الإضرار بالجيش العدو فقط، نطلب من سكان كابل الابتعاد (...) لا نريد أن يُقتل مدني بريء واحد». ولم تذكر «طالبان» بالتحديد ما تعنيه بـ«المراكز العسكرية والاستخباراتية».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».