دعت حكومة الوفاق الوطني في ليبيا أمس، بالإضافة إلى بعثة الأمم المتحدة هناك، إلى وقف عاجل لإطلاق النار في مدينة سبها جنوب البلاد حيث سقط عشرات القتلى والجرحى في مواجهات قبلية متعددة الأطراف، بينما أعلنت قوات الجيش الوطني انسحابا مفاجئا لبعض وحداتها العسكرية في المدينة.
ودخلت المواجهات الدامية في سبها يومها الخامس على التوالي، بينما عقد المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني اجتماعا طارئا مساء أول من أمس بمقره في منطقة الرجمة خارج بنغازي بشرق البلاد، لمتابعة التطورات الميدانية في منطقة الجنوب، وسط اجتماع عاجل سيعقده فائز السراج رئيس حكومة الوفاق مع وفود من الجنوب لبحث الأوضاع الأمنية في مدينة سبها.
وقال العميد أحمد المسماري الناطق الرسمي باسم قوات الجيش في بيان مقتضب، إنه وحقنا للدماء قرر آمر منطقة سبها العسكرية اللواء المبروك الغزوي، إعادة تمركز اللواء السادس في معسكر كتيبة فارس سابقا وتكليف إحدى الوحدات التابعة لمنطقة سبها العسكرية للتمركز بالقلعة.
ولم يقدم المسماري أي تفاصيل إضافية، لكن مصادر عسكرية قالت في المقابل لـ«الشرق الأوسط» إن عملية إعادة التمركز تأتي في إطار ما سمته بتكتيك جديد تتبعه قوات الجيش لاستعادة السيطرة على مدينة سبها.
وتخوض قوات الجيش الذي يقوده خليفة، معارك عنيفة منذ ثلاثة أيام في سبها أكبر مدن الجنوب، ما أدى وفقا لما أعلنته البعثة الأممية إلى سقوط 45 ضحية بين قتيل وجريح، من بينهم بعض المدنيين.
وبعدما عبرت في بيان صحافي، عن شديد انزعاجها إزاء تصاعد العنف في مدينة سبها، دعت البعثة لضبط النفس واستئناف الحوار وإعلاء صوت العقل، مؤكدة وضع كل إمكانياتها للمساعدة في تهدئة الأوضاع. كما نبهت الأطراف بواجبها في حماية أرواح وممتلكات المدنيين بموجب القانون الإنساني الدولي، في المدينة التي تشهد مؤخرا اشتباكات ذات طابع «قبلي» هي الأعنف من نوعها منذ شهر فبراير (شباط) الماضي، بين قبيلتي أولاد سليمان العربية والتبو غير العربية، وتسببت في نزوح أكثر من 200 عائلة.
وكان السراج قد دعا إلى وقف مماثل لإطلاق النار في سبها، ورأى أنه لا حل عسكريا لهذا الصراع أو لغيره، قبل أن يؤكد أن حكومته تقف على مسافة واحدة من جميع أطراف النزاع. وقال في بيان له إنه يعمل على اتخاذ التدابير العاجلة لضمان تحقيق وقف إطلاق النار، والاتجاه نحو المصالحة والتسوية، معتبرا أن التصعيد العسكري لا يخدم إلا مصالح الجماعات الإرهابية وكافة المتربصين بالبلاد، على حد قوله.
وسارعت سفارة إيطاليا في ليبيا إلى تأييد دعوة السراج. وقالت في تغريدة لها عبر موقع «تويتر»: «نضيف صوتنا إلى صوت حكومة الوفاق في دعوتها للاستعادة الفورية للهدوء في سبها وتسوية أي نزاع بشكل سلمي».
وحذرت اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان بليبيا، من استمرار تصاعد أعمال العنف في سبها، مشيرة إلى أن هذا النزاع المستمر منذ شهر أدى إلى سقوط عدد 43 ضحية من بينهم 7 من المدنيين وهم (4 أطفال وامرأة واحدة ورجلان)، فضلا عن سقوط 21 جريحاً من بينهم 9 مدنيين. وطالبت مكتب النائب العام ووزارة الداخلية بفتح تحقيق شامل وعاجل حيال ملابسات مشاركة جماعات مسلحة تشادية وسودانية، كمقاتلين أجانب في صفوف مسلحي قبيلة التبو في أعمال العنف القبلي القائم بمدينة سبها. وتتقاسم قوات الجيش الوطني السيطرة على المدينة مع رئاسة أركان الجيش في حكومة السراج، حيث يوجد لكل منهما قوات هناك.
من جهة أخرى، كشفت مصادر ليبية لـ«الشرق الأوسط» أن «المشير حفتر طلب مرتين على الأقل من إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تقديم معلومات لوجيستية وصور الأقمار الصناعية الأميركية حول خريطة الجماعات الإرهابية في البلاد».
وأوضح المسؤول، الذي طلب عدم تعريفه، أن حفتر رفض طلبا أميركيا بمشاركة قوات خاصة أميركية في العملية التي بدأها الجيش الليبي لتحرير مدينة درنة، آخر معاقل الجماعات المتطرفة في المنطقة الشرقية.
وقال إن حفتر رفض أيضا السماح بوجود عناصر أميركية على المناطق التي تسيطر عليها قوات الجيش في الوقت الراهن، داعيا الإدارة الأميركية في المقابل إلى المساهمة في رفع الحظر المفروض بقرار مجلس الأمن الدولي على إعادة تسليح الجيش الوطني الليبي.
ونقل عن حفتر قوله: «تحرير درنة، وأي مدينة ليبية أخرى يوجد فيها الإرهاب، سيتم بقوات الجيش الوطني الليبي، ولن نسمح لأي قوات أخرى بالمشاركة، هذه عملية ليبية بحتة». لكن المسؤول نفسه لمح مع ذلك، إلى أن حفتر أبقى الباب مفتوحا أمام احتمالية الحصول على مساعدات لوجيستية أميركية بما في ذلك «ما توفره القوات الأميركية عن خريطة انتشار العناصر المتطرفة على الأراضي الليبية»، على حد تعبيره.
في المقابل، رحب المجلس المحلي لدرنة بحل مجلس شورى مجاهدي درنة وضواحيها، المجلس والاندماج مع قوة لحماية درنة، ووصفها بـ«الخطوة الحكيمة»، قبل أن يدعو سكان المدينة إلى دعم القوة الجديدة.
وكان عطية الشاعري قائد «مجلس شورى مجاهدي درنة» المتطرف، قد أعلن مؤخرا وفي أول ظهور رسمي له، حل المجلس الذي تأسس نهاية عام 2014 لمواجهة قوات الجيش الوطني، وإعادة دمج ميليشيات المجلس مع عناصر أخرى تحت اسم «قوة حماية درنة».
إلى ذلك، أعلنت دوريات خفر السواحل التابعة للبحرية الليبية إنقاذ 334 مهاجرا غير شرعي من جنسيات أفريقية مختلفة. بينما كشف العميد محمد بشر رئيس جهاز مكافحة الهجرة غير الشرعية بوزارة الداخلية في حكومة السراج عن أن 1.5 مليون مهاجر موجودون خارج مراكز الإيواء الرسمية. وقال بشر، لوكالة أنباء شينخوا الصينية أمس إن «1.5 مليون مهاجر غير شرعي موجودون في ليبيا ويسعون للهجرة إلى أوروبا عبر البحر المتوسط».
حكومة السراج والأمم المتحدة يدعوان لوقف القتال في سبها
حفتر طلب من الإدارة الأميركية مساعدات استخباراتية
حكومة السراج والأمم المتحدة يدعوان لوقف القتال في سبها
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة