في اعتراف نادر، أقر رئيس الوزراء السوداني بأزمة شح النقد الأجنبي في البلاد، وبالاختلالات الاقتصادية الناجمة عن سياسة التحرير والخصخصة المطلقة، وإفرازاتها السلبية على الأداء الاقتصادي بشكل عام.
وقال رئيس الوزراء بكري حسن صالح في خطابه المعني بالسياسات العامة للدولة والذي قدمه للمجلس الوطني (البرلمان)، أمس، إن «الإجراءات الاقتصادية» التي اتبعتها حكومته أخيراً «كانت ضرورية تفادياً للانهيار الاقتصادي الشامل».
ومنذ مارس (آذار) الماضي، شهدت البلاد أزمة حادة في المحروقات، تكررت لمرتين خلال أقل من شهر. وتعيش الخرطوم وولايات البلاد الأخرى شحاً في وقود الديزل والبنزين وغاز الطبخ، أدى إلى تراص السيارات والشاحنات في صفوف طويلة أمام محطات الخدمة، وإلى شح في المواصلات العامة.
وأقر صالح بـ«الظروف الاقتصادية الصعبة والحقيقية التي تعيشها البلاد»، بما في ذلك شح النقد الأجنبي وقلة المتداول منه. وقال إن وزارة النفط طلبت 102 مليون دولار عجزت الحكومة عن تسديدها «ما تسبب في الأزمة». وأضاف: «نحن متألمون لما يحدث في الشارع من صفوف بسبب أزمة الوقود». وتوقع انتهاء أزمة الوقود الحادة خلال يومين، بعد عودة «مصفاة الخرطوم للنفط» إلى العمل بعد اكتمال صيانتها.
وهذه المرة الأولى التي ينتقد فيها مسؤول بهذا المستوى «سياسة التحرير الاقتصادي» التي انتهجتها حكومة الرئيس عمر البشير، بقوله: إن «سياسة التحرير المطلق وعمليات الخصخصة أفرزت درجة من الاختلال، كان لها تأثيرها السلبي على كفاءة الاقتصاد في الداخل والخارج».
ورأى صالح أن الاختلالات التي نجمت عن سياسة الخصخصة والتحرير الاقتصادي «انعكست سلباً على القدرة الاقتصادية للدولة، وعلى سعر صرف العملة الوطنية وميزان المدفوعات، وزيادة الإنتاج والإنتاجية لتحقيق الأمن الغذائي ورفع كفاءة الإنتاج الصناعي».
ومنذ إعلانها مطلع العام، رافقت ميزانية 2018 إجراءات تقشفية جعلت منها الموازنة «الأقسى» في تاريخ البلاد. بيد أنها لم تفلح في معالجة الاختلالات التي يواجهها الاقتصاد. وقال صالح إن «موازنة عام 2018 صعبة، لكنها موازنة عبور لتحقيق الأمن والاستقرار في البلاد».
واتخذت الحكومة إجراءات تضمنت محاولة سحب السيولة من الأسواق، وتقييد السحب من الحسابات الجارية، وإلقاء القبض على المضاربين وتجار العملة. بيد أن تلك الإجراءات أدت إلى ارتفاع في أسعار السلع الأساسية، وعلى رأسها الخبز. ولم تفلح هي الأخرى في وقف تدهور سعر العملة الوطنية الذي بلغ أدني مستوياته (45 جنيهاً للدولار الواحد).
رئيس الوزراء السوداني: التقشف لتفادي انهيار شامل
رئيس الوزراء السوداني: التقشف لتفادي انهيار شامل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة