مصر تعلن فتح معبر رفح لتخفيف الضغط عن سكان القطاع

فلسطينيون يستعدون للعبور إلى مصر بعد فتح معبر رفح أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يستعدون للعبور إلى مصر بعد فتح معبر رفح أمس (أ.ف.ب)
TT

مصر تعلن فتح معبر رفح لتخفيف الضغط عن سكان القطاع

فلسطينيون يستعدون للعبور إلى مصر بعد فتح معبر رفح أمس (أ.ف.ب)
فلسطينيون يستعدون للعبور إلى مصر بعد فتح معبر رفح أمس (أ.ف.ب)

فتحت السلطات المصرية، أمس (السبت)، معبر رفح البري أمام حركة المسافرين الفلسطينيين في كلا الاتجاهين وذلك بشكل استثنائي لمدة 3 أيام تستمر حتى مساء يوم الاثنين المقبل، بينما سيُسمح بإدخال شاحنات تحمل بعض البضائع وأخرى محملة بالوقود لصالح محطة كهرباء غزة المتوقفة عن العمل منذ أسابيع.
وتدفق العالقون الفلسطينيون من الاتجاهين، وعبر أول فوج من الفلسطينيين من معبر رفح بشمال سيناء، إلى داخل الأراضي المصرية بعد إنهاء إجراءات السفر.
وتمكنت، أمس، عدة حافلات تقلّ المئات من المسافرين من مغادرة قطاع غزة. بينها حافلة لأصحاب الجوازات المصرية، إلى جانب عدة سيارات إسعاف تقلّ مرضى ينتظرون منذ أشهر السماح لهم بمغادرة القطاع للعلاج في مصر.
وقال مصدر أمني مصري، إن تشغيل معبر رفح يأتي وسط إجراءات أمنية مشددة داخل وخارج المعبر، وعلى طول الطريق الدولي «العريش - رفح - القنطرة».
وأعرب سفير فلسطين بالقاهرة ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية دياب اللوح، عن «الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي لحرصه الدائم على تخفيف المعاناة على أبناء الشعب الفلسطيني، وللأجهزة الأمنية المصرية التي لا تتوانى عن تقديم كل المساعدة المستطاعة، متمنياً لمصر دوام الاستقرار والازدهار ولشعبها دوام الأمن والأمان»، حسب نص بيان رسمي عن السفارة.
ويرتبط الافتتاح الاستثنائي لمعبر رفح بمرور الحالات الإنسانية وعبور المرضى والطلاب، وكثيراً ما يتم إغلاق المعبر مواكبةً مع تنفيذ عمليات عسكرية تنفذها قوات الجيش والشرطة في شمال سيناء، لملاحقة عناصر «إرهابية مسلحة» تَدين في معظمها بالولاء لتنظيم داعش.
ويتوجه المسافرون إلى صالة أبو يوسف النجار في مدينة خان يونس لتجهيز الحافلات من قبل وزارة الداخلية التابعة لحماس بغزة. قبل أن تتوجه تلك الحافلات وعلى متنها المسافرون إلى المعبر الذي تسيطر عليه قوة تابعة لحكومة الوفاق الوطني تدير عمل المعبر منذ شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
ومن المرجح أن يغادر نحو ألف مسافر خلال الأيام الثلاثة من فتح المعبر. فيما يتوقع عودة المئات من الفلسطينيين العالقين في مصر ودول أخرى، حيث كانت السفارة الفلسطينية قد أعلنت منذ أيام للراغبين في العودة تسجيل أسمائهم لدى السفارة لكي يتمكنوا من العودة إلى القطاع.
ويطالب فلسطينيون في قطاع غزة، بفتح باب التسجيل للسفر في فترات فتح المعبر. إلا أن وقف التسجيل بسبب عدم وجود عدد كبير من الكشوفات التي تضم قوائم المسافرين تدفع بالعشرات ممن لديهم قدرة مالية على دفع مبالغ مالية تصل إلى أكثر من 2500 دولار لجهات عدة لتمكينهم من السفر تحت كشوفات ما تعرف بـ«التنسيق».
وهذه هي المرة الثالثة التي يُفتح فيها معبر رفح البري أمام حركة المسافرين خلال الشهر الجاري، حيث فُتح في الثاني عشر من الشهر الجاري لمدة 3 أيام في كلا الاتجاهين، كما فُتح يوم الأربعاء الماضي للعالقين في الجانب المصري ليوم واحد فقط.
كما فُتح يوم الخميس الماضي استثنائياً لإدخال جثمان المهندس الفلسطيني فادي البطش الذي اُغتيل على يد مجهولين يُعتقد أنهم من جهاز الموساد الإسرائيلي، في ماليزيا، وفُتح استثنائياً في صباح ذات اليوم لإدخال شاحنات وقود لصالح محطة الكهرباء، حيث سيتم إدخال المزيد منها اليوم.
وهذه هي المرة الأولى منذ أكثر من 5 سنوات التي تشهد فتح معبر رفح لأكثر من مرة في أقل من شهر واحد، حيث تربط السلطات المصرية فتح المعبر عادةً بالظروف الميدانية الأمنية في شبه جزيرة سيناء مع استمرار العمليات العسكرية للجيش المصري ضد أوكار الجماعات المسلحة من التكفيريين وتنظيم داعش الإرهابي.
ويبدو أن السلطات المصرية تعمل من أجل تخفيف الضغط عن السكان الفلسطينيين في قطاع غزة خصوصاً في ظل الظروف الإنسانية والحياتية الصعبة التي يعيشها السكان والأوضاع الأمنية مع استمرار المظاهرات على طول الحدود.
وكانت أكثر من جهة فلسطينية طالبت السلطات المصرية بفتح معبر رفح بشكل دائم لنقل الجرحى الفلسطينيين الذين يعانون من إصابات خطيرة برصاص الجيش الإسرائيلي خلال المسيرات الحدودية. وتعمل مصر منذ أسابيع على محاولة احتواء التصعيد على الحدود لمنع ردود فعل إسرائيلية عسكرية لتنفيذ عملية واسعة رداً على تلك المظاهرات. كما أنها تسعى لاستئناف المصالحة من خلال اتصالات أجرتها مؤخراً ولقاءات عقدها مسؤولون في جهاز المخابرات المصرية مع قيادات من «حماس» و«فتح»، إلا أنه يبدو أنها لم تنجح في ذلك وغادرت الوفود مصر دون أي توافق.
وقالت قيادات من الجبهة الشعبية، أمس، في مؤتمر صحافي، إنهم تلقوا تطمينات ووعود مصرية خلال لقاءاتهم مع المسؤولين في جهاز المخابرات المصرية أنهم لن ينسحبوا من ملف المصالحة وسيواصلون مساعيهم الرامية للوصول إلى اتفاق لاستئنافها، كما أنهم مهتمون بالوضع في القطاع والتخفيف عن السكان والعمل على فتح معبر رفح وفقاً للظروف الميدانية في سيناء.
كانت وسائل إعلام عبرية قد ذكرت على لسان مصادر سياسية إسرائيلية قولها إن إسرائيل طلبت من مصر التدخل في الأحداث على طول الحدود مقابل تحسين ظروف الحياة في غزة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».