ليبرمان يهدد بتدمير الصواريخ الروسية في سوريا

قائد سابق للمخابرات الإسرائيلية: نحن عشية صِدام مباشر مع إيران

TT

ليبرمان يهدد بتدمير الصواريخ الروسية في سوريا

في الوقت الذي تقبلت فيه إسرائيل حصول دمشق على صواريخ «إس 300» الروسية، هدد وزير الدفاع أفيغدور ليبرمان، بتدمير هذه الصواريخ إذا تم استخدامها ضد الطائرات الإسرائيلية. وبينما هدد رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو، بأن جيشه «لن يسمح لإيران بتطوير سلاح نووي»، حذر الرئيس الأسبق لشعبة الاستخبارات العسكرية «أمان» في الجيش الإسرائيلي الجنرال عاموس يدلين، من أن «إسرائيل باتت عشية صِدام مباشر مع الإيرانيين». وفي السياق نفسه، كُشف النقاب أمس (الثلاثاء)، عن وصول جنرال أميركي كبير إلى تل أبيب للتباحث السرّي مع قادتها في الملف الإيراني السوري.
وكشفت مصادر عسكرية في تل أبيب أن قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال جوزيف فوتيل، وصل في أول زيارة له بعد توليه المنصب، متعمداً أن تكون سرّية وبعيدة عن الأضواء، واجتمع مع عدد من المسؤولين العسكريين الإسرائيليين، بينهم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي آيزنكوت، ورئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي مائير بن شابات، ومسؤولون آخرون. وأضافت المصادر أن «الزيارة تتم في ظل التوتر الأمني في المنطقة خلال الأشهر الأخيرة، وعلى أثر تعبير إسرائيل عن قلقها من انسحاب القوات الأميركية من سوريا -وهي القوات التي تحت إمرة فوتيل- على خلفية ازدياد النشاط الإيراني».
وقد صادق الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي على خبر الزيارة وقال: «الجنرال في زيارة رسمية وهو ضيف لرئيس الأركان غادي آيزنكوت، وسيلتقي في زيارته مسؤولين حتى يعزز العلاقة بين الجيشين ولبحث القضايا الأمنية في المنطقة».
ويشار إلى أن القيادة المركزية الأميركية المعروفة اختصاراً بـ«سنتكوم» (USCENTCOM)، هي الإدارة المسؤولة عن منطقة الشرق الأوسط ومصر -باستثناء إسرائيل، التي تقع ضمن نطاق القيادة العسكرية الأميركية في أوروبا- لتنظيم القوات الأميركية وحلفائها من داخل حلف شمال الأطلسي ومن خارجه.
وكان نتنياهو قد جدد هجومه على الاتفاق النووي الإيراني، وطالب مجدداً بتعديله أو إلغائه، مع اقتراب نهاية مهلة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لتصحيح الاتفاق الذي وقّعته القوى الكبرى مع إيران قبل 3 سنوات. وقال نتنياهو أمام حضور دبلوماسي في القدس الغربية إن «إسرائيل لن تسمح للأنظمة التي تسعى لتدميرنا بالحصول على أسلحة نووية».
وأشار نتنياهو في كلمته إلى «عقيدة بيغن»، التي تدعو إسرائيل إلى تصفية القدرات النووية لكل الدول المعادية لها، والتي أُطلق عليها اسم رئيس الوزراء الذي خلق سابقة في تاريخ إسرائيل عندما أمر بشن ضربات جوية على المفاعل النووي، الذي جرى إنشاؤه في العراق عام 1981، خلال فترة حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين. وأضاف نتنياهو: «هذه الاتفاقية تمكن إيران خلال سنوات معدودة من تخصيب اليورانيوم بشكل غير محدود، واليورانيوم هو المكون الأساسي في إنتاج القنابل النووية، ولا يوجد أي استخدام آخر له. لهذا السبب يجب إصلاح الاتفاقية من أساسها أو رفضها من أساسها».
وفي ضوء هذه التهديدات، قال الرئيس الأسبق لشعبة «أمان»، ورئيس «معهد أبحاث الأمن القومي» عاموس يدلين، أمس (الثلاثاء): «إننا في مرحلة المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران». وقال في حديث إذاعي، إن شهر مايو (أيار) هو شهر «متفجر». وحسبه يجب النظر إلى الجبهة الشمالية السورية، وغرباً إلى إيران. وأضاف أن «الحديث يجري عن أمور تتصل بأمننا القومي، ولا نزال لا نعرف متى يقرر الإيرانيون الرد على الهجوم المنسوب إلى إسرائيل في سوريا. فالإيرانيون قرروا الرد، ولكن لم تكن لديهم خطة على الرف، وهم يعملون عليها الآن». وحسبه أيضاً، فإن الرد الإيراني قد يكون إطلاق صواريخ باتجاه إسرائيل، أو مهاجمة جنود إسرائيليين على حدود لبنان أو سوريا، أو عملية أخرى ضد أهداف إسرائيلية خارج البلاد.
وأضاف أنه يوجد أمام إيران 3 خيارات: «التمسك بالاتفاق النووي في محاولة لعزل الولايات المتحدة على أمل ألا تكون العقوبات الأميركية ضدها ناجعة، أو اتخاذ قرار بالانسحاب من الاتفاق والعمل بشكل موازٍ وبكل قوة على الوصول إلى تخصيب اليورانيوم بسرعة، أو الانسحاب من ميثاق حظر انتشار الأسلحة النووية وبناء قنبلة نووية». وقال أيضاً إنه في حال لجأت إيران إلى أول خيارين، فإن الكرة سترتدّ إلى الولايات المتحدة وإسرائيل، وستضطران إلى اتخاذ قرارات بهذا الشأن.
وعلى الصعيد السوري، قال وزير الأمن الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، إن إسرائيل سوف تقصف المنظومة المضادة للطائرات «إس 300» في سوريا، إذا ما تم استخدامها ضد إسرائيل. وحسبه فإن هذه الصواريخ موجودة اليوم في سوريا، ولكن بيد الروس وليست موجهة ضد إسرائيل. وهدد قائلاً: «يجب أن يكون واضحاً. إذا أطلق أحد النار باتجاه طائراتنا فسوف نبيده».
وفي تصريحه بدا أنه لا يعارض مبدئياً حصول سوريا على هذه الصواريخ المتقدمة نسبياً، لكنه يرفض استخدامها ضد إسرائيل. وقال ليبرمان إن الأهم بالنسبة إلى إسرائيل هو ألا تعمل منظومات الأسلحة الروسية في سوريا ضد إسرائيل و«إذا حصل ذلك، فسوف نعمل ضدها».
يذكر في هذا السياق أن صحيفة «كومرسانت» الروسية كانت قد نقلت، أمس، عن مسؤولين في الحكومة الروسية قولهم إنه إذا هاجمت إسرائيل منظومات «إس 300»، فستكون لذلك «نتائج كارثية». وحسب الصحيفة فإن المنظومة ستسلم لقوات النظام السوري مجاناً وقريباً جداً. وذكرت مصادر سياسية أن إسرائيل توجهت إلى روسيا بطلب الامتناع عن تسليم سوريا هذه الصواريخ، لكن سفارة روسيا في تل أبيب أصدرت بياناً، أمس، تنفي فيه تلقي موسكو طلباً كهذا من إسرائيل. وما يؤكد الموقف الإسرائيلي، أضاف ليبرمان، أمس، أن «هذه الصواريخ موجودة بكثرة في الشرق الأوسط، بما في ذلك سوريا»، وأن «هناك (إس 300) و(إس 400). ولكنّ ذلك لا يقيد تحركات إسرائيل، كما لا تقيد إسرائيل تحركاتها، بل تحافظ على حرية عملها».
وقال أيضاً: «لن نسمح لإيران بنشر منظومات أسلحة متطورة ليست مرتبطة بالحرب على الإرهاب (داعش)، وإنما موجهة فقط ضد إسرائيل. ولن يكون هناك أي ترسيخ للوجود الإيراني في سوريا، ونحن نعمل بما يتلاءم مع ذلك». وتابع: «إذا أطلق علينا أحد النار، فسوف نرد. وحتى لا يكون هناك أي شك، فليس مهماً أي منظومة، سواء (إس 300) أم (إس 700) أو أي شيء آخر».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».