عاد ملف «المرتزقة الروس» الذين يقاتلون في سوريا إلى الواجهة أمس، بعد نشر الأجهزة الخاصة الأوكرانية تفاصيل تدل على تقديم الجيش الروسي تسهيلات واسعة لنقل مقاتلي الشركات الخاصة مع أسلحتهم إلى سوريا على متن سفن حربية.
وتعمدت أوكرانيا التي تراقب بدقة تحركات مقاتلي المجموعات الخاصة الروسية المعروفة باسم «جيش فاغنر» الكشف عن معطياتها بالتزامن مع عودة النقاش حول هذا الملف في الكونغرس الأميركي الذي استمع إلى إفادة موسعة قدمها قبل يومين مساعد وزير الخارجية لشؤون أوروبا وأوراسيا، ويس ميتشيل، حول «هجمات شنها مرتزقة روس على مواقع وجود القوات الأميركية في سوريا».
ورغم أنه لم يحدد طبيعة الهجمات المقصودة أو تاريخها، لكن الواضح أنه أشار إلى المواجهة التي وقعت قرب دير الزور في فبراير (شباط) الماضي، وأسفرت عن مقتل وجرح مئات من مقاتلي الشركات الخاصة الروسية. ولفت إلى أن «روسيا تقف خلف هذه الهجمات بشكل غير علني وتعمل على زعزعة الأوضاع أكثر في سوريا، وبات هذا النشاط يشكل خطراً على الدول الغربية».
واستندت الأجهزة الخاصة الأوكرانية في المعطيات التي نشرتها أول من أمس، على نتائج تحقيق أجرته مع عسكري روسي معتقل لها خدم في سوريا في الفترة بين 2015 و2017، واعتقل قبل شهرين من جانب حرس الحدود الأوكرانيين أثناء محاولته التسلل عبر الحدود عند خطوط التماس مع المناطق الانفصالية التي تدعمها موسكو. وهو قال للمحققين الأوكرانيين، إنه خدم على متن الطراد الصاروخي «فارياغ» لمدة سنتين، تم خلالهما نقل دفعات عدة من «مقاتلي جيش فاغنر» إلى سوريا، مع أسلحة ثقيلة وكميات كبيرة من الذخائر كان يتم تحميلها في ميناء طرطوس على أنها مساعدات إنسانية.
وزاد، إن إحدى المرات التي كان شاهداً مباشراً عليها جرت في نهاية عام 2015، وتم خلالها تحميل عشرات المقاتلين «الذين كانوا يرتدون بدلات عسكرية لكن من دون رتب» من ميناء فلاديفوستوك (أقصى شرق) على متن الطراد الصاروخي. وقال: إنه لم يتم تقديم المجموعة لطاقم الطراد، وكان ممنوعاً على العسكريين الروس التعامل معهم. كما أشار إلى أنه تم تحميل «عدد كبير من الصناديق التي تشبه كثيراً صناديق الذخيرة، لكنهم قالوا لنا إنها مساعدات إنسانية».
وكان الحديث عن مشاركة «جيش فاغنر» بدأ منذ عام 2015 بعد التدخل الروسي المباشر في سوريا، ونقلت وسائل إعلام روسية تفاصيل عن «مهمات خاصة» يقوم بها عناصر الجيش الذي قاتل في وقت سابق إلى جانب الانفصاليين في شرق أوكرانيا. بينها عمليات للسيطرة على مواقع نفطية مهمة، كما شارك مقاتلو الجيش في عملية السيطرة على تدمر وعمليات أخرى عدة. ونشرت الصحافة الروسية تفاصيل اتفاق وقّعته الحكومة السورية مع شركات خاصة في موسكو يديرها مقربون من الكرملين لتنفيذ العمليات في مواقع نفطية في مقابل الحصول على عائدات ضخمة قدّرت حينها بربع إنتاج النفط في سوريا. لكن هذا الجيش الخاص تلقى ضربة قوية في فبراير الماضي على يد القوات الأميركية أثناء محاولة ثلاث وحدات تضم نحو 1000 شخص الاقتراب من منشأة نفطية قرب دير الزور، وأسفر قصف أميركي مركّز استخدمت خلاله مروحيات وطائرات مسيّرة عن مقتل مئات الأشخاص تبين لاحقاً أن بينهم 217 شخصاً من عناصر «جيش فاغنر». ونفت موسكو في البداية وجود أي تشكيلات عسكرية غير نظامية في سوريا، ووصفت الناطقة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا في حينها المعلومات التي تقول إن عسكريين روساً قتلوا بفعل ضربة نفذتها القوات الأميركية في سوريا بأنها مضللة.
وأوضحت الخارجية الروسية في بيان، أن «مواطنين من روسيا وبلدان رابطة الدول المستقلة كانوا متواجدين في سوريا دون علم سلطات بلدانهم».
لكنها اعترفت بعد نشر تفاصيل في الصحافة الروسية ومقابلات مع عائلات القتلى بأن العملية الأميركية أسفرت عن «جرح ومقتل العشرات».
ونفت وزارة الدفاع الروسية، أمس، صحة المعلومات التي أعلنتها أجهزة الأمن الأوكرانية حول قيام الأسطول الروسي بنقل مقاتلي «جيش فاغنر» إلى سوريا، وقال المتحدث باسم وزارة الدفاع، اللواء إيغور كوناشينكوف، إن طراد «فارياغ» الصاروخي التابع لأسطول المحيط الهادي للبحرية الروسية «لم يدخل أبداً إلى ميناء طرطوس السوري، كما لم يشارك في نقل عناصر من شركات عسكرية خاصة محملين بالأسلحة الثقيلة والذخائر». وأضاف كوناشينكوف: إن إدارة الاستخبارات الأوكرانية «يتعين لها قبل تأليف قصص خيالية أن تتشاور مع قيادة القوات البحرية الأوكرانية أو المشرفين الغربيين».
أوكرانيا تتهم روسيا بنقل «مرتزقة» إلى سوريا على متن سفن حربية
أوكرانيا تتهم روسيا بنقل «مرتزقة» إلى سوريا على متن سفن حربية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة