السعودية: خطوات نوعية لتجاوز مراحل صعبة في قطاع الإسكان

تمويل عقاري بنكي من دون فوائد... وبناء مساكن في وسط المدن بأسعار منخفضة\

تتسارع الحلول لمشكلة السكن في السعودية من خلال فرص تمويلية كثيرة كتخفيض الدفعة المقدمة وغيرها (تصوير: خالد الخميس)
تتسارع الحلول لمشكلة السكن في السعودية من خلال فرص تمويلية كثيرة كتخفيض الدفعة المقدمة وغيرها (تصوير: خالد الخميس)
TT

السعودية: خطوات نوعية لتجاوز مراحل صعبة في قطاع الإسكان

تتسارع الحلول لمشكلة السكن في السعودية من خلال فرص تمويلية كثيرة كتخفيض الدفعة المقدمة وغيرها (تصوير: خالد الخميس)
تتسارع الحلول لمشكلة السكن في السعودية من خلال فرص تمويلية كثيرة كتخفيض الدفعة المقدمة وغيرها (تصوير: خالد الخميس)

دعا متابعون ومهتمون بالشأن العقاري إلى الاستفادة من الحلول التي اتخذتها الحكومة السعودية، والرامية إلى التعجيل بحل مشكلة السكن، ورفع نسبة تملك المواطنين في البلاد للمساكن من 47 في المائة إلى 60 في المائة بحلول عام 2020.
وأشاروا إلى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لحل مشكلة السكن في السعودية، من حيث تعددها ومن حيث نوعيتها، وكذلك من حيث الجدية في تنفيذها، مستشهدين بنماذج من تلك الأعمال والخطوات التي صنعت فارقاً لافتاً في فترة وجيزة في موضوع السكن.
وقال المهندس محمد بن خالد من جامعة الإمام عبد الرحمن بن فيصل بالدمام: «الحراك المتتالي والمتسارع الحاصل في قطاع السكن هو حراك لافت وإيجابي، حيث تتوالى القرارات والتنظيمات والمبادرات التي في مجملها تعالج وتساهم وتدعم تملك المواطنين للمسكن المناسب بالسعر المناسب في كل مناطق البلاد. واللافت أيضاً في هذا الحراك أنه مؤشر على وجود تركيز وجدية عالية تجاه معالجة حالة السكن».
وأضاف: «الدولة ممثلة في وزارة الإسكان وصندوق التنمية العقاري وبرنامج الإسكان، كسرت المألوف المرتهن لعبارة (النظام لا يسمح) أو عبارة (هذا غير متاح)، وشرعت في سن القوانين وطرح عدة خيارات تيسر من الأنظمة، وتتيح ما كان صعباً لإيجاد المسكن المناسب بالسعر المناسب للمواطن، كما أن الحكومة وذات القطاعات الأخرى تجاوزت أيضاً اتخاذ القرار المستند على معلومات سابقة وتكهنات غير دقيقة إلى النزول إلى الميدان، والاستماع إلى كافة الأطراف ذات العلاقة بموضوع السكن، والعمل مع الجميع كشركاء في وضع الحلول وبناء النجاح».
وتابع المهندس محمد بن خالد: «الجهود التي بذلتها الدولة مع القطاع المصرفي في المملكة لحل مشكلة السكن أثمرت عن نتائج إيجابية تمثلت فيما تم خلال شهري فبراير (شباط) ومارس (آذار) الماضيين وشهر أبريل (نيسان) الحالي، إذ وافق القطاع المصرفي داخل البلاد على تمويل القرض العقاري فقط من دون فوائد للمسجلين في الصندوق وفي وزارة الإسكان، فهذا التفاعل من القطاع المصرفي مع توجهات البلاد شاهد على هذا التطور الإيجابي في موضوع السكن».
وأكد وجود خطوة أخرى تؤكد تسارع الحلول الإيجابية حيال مشكلة السكن، إذ شرعت الحكومة في تنفيذ حلول تمويلية كثيرة، كتخفيض الدفعة المقدمة للراغبين في تملك المسكن عن طريق جهات تمويلية، كما بادرت بدعم فوائد التمويل وجعلته تمويلاً حسناً، واعتمدت برنامجاً خاصاً بالمتقاعدين مقدماً من المؤسسة العامة للتقاعد وبرنامجاً آخر خاصاً للعسكريين، وهو دعم الدفعة المقدمة للعسكريين على رأس العمل بمبلغ قدره 140 ألف (37.3 ألف دولار) كدفعة مقدمة.
وتابع: «هناك خطوة أخرى لا تقل عما ذكرت سابقاً من خطوات صبت في خانة حل مشكلة السكن، وأقصد منخفضي الدخل والضمانيين، إذ بادرت الحكومة بتمكين المسجلين في الضمان الاجتماعي ومنخفضي الدخل - غير القادرين على الحصول على تمويل - من السكن بنظام الانتفاع، وهو نظام جديد تمت موافقة مجلس الوزراء عليه في الربع الأول من هذا العام 2018، ويقضي بالانتفاع من الوحدة السكنية التي يبنيها مطورو الوحدات السكنية حتى يرتفع دخله، ويستطيع تملك وحدة سكنية، ووفقاً لهذه المبادرة من الدولة تم فعلياً توزيع الكثير من الوحدات على المستحقين».
من جانبه قال المطور العقاري عبد الرحمن الهاجري إن هناك قرارات نوعية مؤثرة اتخذتها الجهات الحكومية تباعاً ساهمت بشكل ملاحظ في تجاوز الكثير من المصاعب، التي تواجه موضوع السكن في البلاد، وأضاف: «قبل أسبوعين شاهدت وزير الإسكان في الغرفة التجارية بالمنطقة الشرقية يتحدث إلى المطورين العقاريين، مشخصاً واقع الحال، معترفاً ببعض الصعوبات، وموضحاً التحديات، وشارحاً سبل العلاج».
وأوضح: «طالب الوزير، الحضور، بالمساهمة بالرأي والحلول، وأثناء حديثه علمت أنه التقى قبل يوم من لقائه هذا أصحاب القرار في البنوك المحلية للأسباب ذاتها التي كان يتحدث عنها مع المطورين العقارين. وبحسب علمي فإن ما حدث في غرفة الشرقية تكرر في مناطق أخرى، والشاهد أن هذا الحراك، وهذا الحضور، وهذه اللقاءات والنقاشات، مع المواطنين ومع المطورين ومع البنوك ومع الإعلاميين، ومع أمراء المناطق ومسؤولي الإدارات الحكومية والقطاع الخاص، هي ما جعلتنا نرى أفقاً مختلفاً لما كان عليه الوضع سابقاً حيال موضوع السكن».
وتابع: «لعل الالتفات للمطورين العقاريين وتفعيل نظام رسوم الأراضي البيضاء أحدث نتائج عاجلة رغم مرور سنة واحدة فقط على بدء تطبيقه، إذ حفز هذا النظام مالكي الأراضي الكبيرة 1000 متر مربع وأكثر، التي تقع داخل النطاق العمراني، لتطوير هذه الأراضي وتحويلها إلى مشاريع سكنية، ولعل مشروع (سندس) في مدينة جدة يصلح ليكون مثالاً صارخاً وقوياً للفائدة المباشرة والكبيرة من تطبيق نظام رسوم الأراضي البيضاء بشكل خاص، والحلول المالية والتنظيمية الأخرى التي اتخذتها الحكومة لحل مشكل السكن بشكل عام».
وقال الهاجري «مشروع (سندس) يقع في وسط جدة - تقاطع شارع الحرمين مع شارع التحلة - بمساحة كبيرة مقدارها مليون متر مربع استطاع نظام رسوم الأراضي البيضاء تحويلها إلى مشروع سكني من جهة، واستطاعت الحكومة من خلال الشراكة مع القطاع الخاص، تمكين المواطنين من امتلاك مسكن في وسط جدة متكامل البنى التحتية بسعر يتراوح من 500 ألف (133.3 ألف دولار) إلى 700 ألف ريال (186.6 ألف دولار) من جهة أخرى، وهذا ما كان ليتم مطلقاً، بل لا يمكن تصديق حدوثه لولا تلك الإجراءات والخطوات التي اتخذتها الدولة، لتجاوز مراحل كثيرة وصعبة تواجه موضوع الإسكان في السعودية».


مقالات ذات صلة

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

الاقتصاد يقع البرج في منطقة استثنائية على كورنيش جدة (شركة دار جلوبال على «تويتر»)

إطلاق برج ترمب جدة... علامة فارقة في سوق العقارات الفاخرة بالسعودية

في حدث استثنائي شهدته مدينة جدة، جرى تدشين مشروع برج ترمب، بحضور إريك ترمب، نائب رئيس منظمة ترمب.

أسماء الغابري (جدة)
عالم الاعمال خالد الحديثي الرئيس التنفيذي لشركة «وصف» ورامي طبارة الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في «ستيك» ومنار محمصاني الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في المنصة ويزيد الضويان المدير التنفيذي للعمليات بـ«الراجحي السابعة» وهنوف بنت سعيد المدير العام للمنصة بالسعودية

«ستيك» منصة تتيح للأفراد من مختلف أنحاء العالم الاستثمار في العقارات السعودية

أعلنت «ستيك» للاستثمار العقاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إطلاقها منصتها الرسمية بالسعودية

الاقتصاد «دار غلوبال» أعلنت إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض بالشراكة مع منظمة ترمب (الشرق الأوسط)

«دار غلوبال» العقارية و«منظمة ترمب» تطلقان مشروعين جديدين في الرياض

أعلنت شركة «دار غلوبال» إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض، بالشراكة مع «منظمة ترمب».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منازل سكنية في جنوب لندن (رويترز)

أسعار المنازل البريطانية تشهد ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر

شهدت أسعار المنازل في المملكة المتحدة ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة التوقعات؛ مما يعزّز من مؤشرات انتعاش سوق العقارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص تصدرت «سينومي سنترز» أعلى شركات القطاع ربحيةً المدرجة في «تداول» خلال الربع الثالث (أ.ب)

خاص ما أسباب تراجع أرباح الشركات العقارية في السعودية بالربع الثالث؟

أرجع خبراء ومختصون عقاريون تراجع أرباح الشركات العقارية المُدرجة في السوق المالية السعودية، خلال الربع الثالث من العام الحالي، إلى تركيز شركات القطاع على النمو.

محمد المطيري (الرياض)

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».