نددت السلطة الوطنية الفلسطينية بإحباط الولايات المتحدة، للمرة الثانية في أسبوع، مساعي قامت بها الكويت، نيابةً عن الجانب الفلسطيني - العربي في مجلس الأمن، لإصدار بيان صحافي بسيط يطالب بإنشاء لجنة تحقيق «مستقلة وشفافة» في الأحداث الدامية التي وقعت على حدود غزة مع إسرائيل ويشدد على حق المدنيين الفلسطينيين في التظاهر السلمي.
وفي تحرك مشابه لما حصل يوم الجمعة 30 مارس (آذار) الماضي، عند سقوط 20 قتيلاً ونحو 1500 جريح فلسطيني، تحركت الدبلوماسية الفلسطينية - العربية بقيادة الكويت، العضو العربي الوحيد في مجلس الأمن، أول من أمس (الجمعة)، مع سقوط العديد من القتلى ومئات الجرحى من الفلسطينيين برصاص القوات الإسرائيلية على حدود غزة مع إسرائيل، سعياً إلى إصدار بيان يدعو إلى إجراء تحقيق «مستقل وشفاف» لمعرفة ملابسات الأحداث على حدود القطاع، ويطالب باحترام القانون الدولي، واحترام حق الفلسطينيين في التظاهر السلمي.
وقال المندوب الكويتي الدائم لدى الأمم المتحدة منصور العتيبي: «طلبنا من مجلس الأمن أن يتبنى بياناً على غرار بيان آخر قدمته الكويت قبل أسبوع، وعرقلت الولايات المتحدة إقراره». وأشار إلى أن بلاده تجنبت في مشروع البيان الجديد الإشارة إلى إدانة القوات الإسرائيلية حتى لا يتم الاعتراض عليه.
وجاء في مشروع البيان الذي وزّعته الكويت على بقية الأعضاء الـ15، أن «أعضاء مجلس الأمن يعبّرون عن قلقهم البالغ من الوضع على حدود غزة للأسبوع الثاني على التوالي»، ويؤكدون «الحق في الاحتجاج السلمي»، ويعبّرون عن «أسفهم للخسائر في الأرواح الفلسطينية البريئة»، ويطالبون كذلك بـ«تحقيق مستقل وشفاف في هذه الأحداث»، ويدعو إلى «احترام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، بما في ذلك حماية المدنيين». ويدعو مشروع البيان، كل الأطراف إلى «ممارسة ضبط النفس والحيلولة دون أي تصعيد إضافي»، ويشدد على «ضرورة تشجيع آفاق عملية السلام في الشرق الأوسط بين الإسرائيليين والفلسطينيين، استناداً إلى حل الدولتين والسلام العادل والدائم والشامل».
وعلمت «الشرق الأوسط» أن 12 من الدول الأعضاء في مجلس الأمن عبّرت كتابةً عن تأييد مشروع البيان، وكذلك أيّدته شفوياً كل من إثيوبيا وساحل العاج، قبل أن تعترض الولايات المتحدة عليه. ويتطلب إصدار البيانات الصحافية أو الرئاسية من مجلس الأمن موافقة جماعية لكل الأعضاء، وتملك أي دولة عضو إمكانية تعطيل صدور هذه البيانات بمجرد إعلان اعتراضها.
وبعد هذا التعطيل الأميركي، أكد دبلوماسيون أن «الكويت تفكّر في الخطوات التالية»، علماً بأن «أي اجتماع لم يتقرر على الفور لمجلس الأمن».
وطالب المندوب الفلسطيني المراقب لدى الأمم المتحدة رياض منصور، بتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. وقال: «حاولنا الأسبوع الماضي أن يقوم مجلس الأمن بدوره ويوقف المذبحة التي ترتكبها القوات الإسرائيلية، ولكن لسوء الحظ رفضت إسرائيل الاستماع للمجتمع الدولي». وحمّل الولايات المتحدة مسؤولية تعطيل إصدار البيان، مندداً بـ«التعطيل الأميركي لمجلس الأمن، للأسبوع الثاني». وأضاف أن «البيان المقترح يدعم الأمين العام للأمم المتحدة في طلبه بالقيام بتحقيق محايد وشفاف»، معتبراً الموقف الأميركي «في غاية السلبية، خصوصاً لأهلنا في غزة». وأكد أن «خياراتنا كلها على الطاولة، بما فيها الذهاب إلى كل أجهزة الأمم المتحدة لتحمل مسؤولياتها في هذا الشأن (…) سنبقى نقرع باب مجلس الأمن، وفي اتصالات مستمرة مع الأمين العام (أنطونيو غوتيريش) ليتحمل مسؤوليته، وسنطرق أبواب أجهزة أخرى من مكونات الأمم المتحدة، بما فيها الجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان». وقال أيضاً: «حان الوقت لكي يعيش الشعب الفلسطيني كشعب حر في دولة فلسطين المستقلة الخاصة به، وعاصمتها القدس الشرقية».
وقال مندوب الجامعة العربية لدى الأمم المتحدة ماجد عبد العزيز إن «اتصالات وثيقة تجري حالياً مع الأمين العام للأمم المتحدة من أجل الدفع باتجاه محاسبة الإسرائيليين المتورطين في قتل المتظاهرين».
وفي رام الله، نددت السلطة الفلسطينية بإفشال الولايات المتحدة بيان مجلس الأمن رغم أنه «متواضع وغير ملزم». وأصدرت وزارة الخارجية بياناً جاء فيه أن «هذا الموقف الأميركي المنحاز بشكل أعمى للاحتلال يمثل حماية مقصودة وتغطية مباشرة على المذبحة المتواصلة التي ترتكبها سلطات الاحتلال ضد أبناء شعبنا المشاركين في مسيرات العودة السلمية على حدود قطاع عزة، وامتداداً لمواقف أميركية معادية لشعبنا وحقوقه». ورأت الوزارة أن تعطيل أميركا لدور مجلس الأمن ومنعه من تحمل مسؤولياته، يفرض على الدول الأعضاء وعلى المجتمع الدولي البحث عن صيغة جديدة لعمل المنظومة الأممية، بحيث تبطل هذه الصيغة مفعول «الفيتو» والاعتراض الأميركي إذا كان مخالفاً للمبادئ والمواثيق والأهداف التي أنشئت على أساسها المنظومة الأممية.
إلى ذلك، رفضت السلطة الفلسطينية بشدة تصريحات مسؤولين أميركيين حول «مسيرة العودة» في غزة.
وهاجم أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، صائب عريقات، سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، وقال إنها أثبتت جدارتها بـ«عدائها للشعب الفلسطيني»، بحسب رأيه. كما هاجم وزارة الخارجية الأميركية واتهمها «بلعب دور قادة جيش الاحتلال في إعطاء التعليمات حول ما ينبغي على أبناء شعبنا القيام به أو عدمه، وفي تحديد المساحة الفاصلة غير الشرعية التي تفرضها قوات الاحتلال بالأمر الواقع داخل قطاع غزة»، في إشارة إلى بيان أصدره جيسون غرينبلات، مبعوث الرئيس الأميركي الخاص للمفاوضات الدولية، وحمّل فيه المتظاهرين الفلسطينيين المسؤولية عن التبعات المترتبة على مسيرات العودة في قطاع غزة.
وطالب غرينبلات في بيانه المتظاهرين بـ«البقاء خارج المنطقة العازلة بمسافة 500 متر، وألا يقتربوا من السياج الحدودي بأي طريقة أو أي مكان».
ورداً على ذلك، دانت الخارجية الفلسطينية بأقسى العبارات المواقف الأميركية، لا سيما تصريحات السفيرة هايلي وبيان غرينبلات، وقالت إن الأخير «تحدث كأنه ضابط في جيش الاحتلال، يعطي التعليمات لأبناء الشعب المشاركين في مسيرات العودة السلمية، موجّهاً لهم التهم ويحملهم المسؤولية».
تنديد فلسطيني بإحباط واشنطن «تحقيقاً مستقلاً» في أحداث غزة
تنديد فلسطيني بإحباط واشنطن «تحقيقاً مستقلاً» في أحداث غزة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة