موسكو تطالب لندن باعتذار... وبوتين يأمل أن «تسود الحكمة»

حذرت من الانزلاق إلى حافة «مواجهة نووية» كما حدث عام 1962 مع «أزمة صواريخ كوبا»

رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين حذر خلال مشاركته في مؤتمر للأمن في موسكو مما وصفه بـ«لعبة غير مسؤولة» تقوم بها أطراف غربية (رويترز)
رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين حذر خلال مشاركته في مؤتمر للأمن في موسكو مما وصفه بـ«لعبة غير مسؤولة» تقوم بها أطراف غربية (رويترز)
TT

موسكو تطالب لندن باعتذار... وبوتين يأمل أن «تسود الحكمة»

رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين حذر خلال مشاركته في مؤتمر للأمن في موسكو مما وصفه بـ«لعبة غير مسؤولة» تقوم بها أطراف غربية (رويترز)
رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين حذر خلال مشاركته في مؤتمر للأمن في موسكو مما وصفه بـ«لعبة غير مسؤولة» تقوم بها أطراف غربية (رويترز)

صعّدت موسكو من حدة لهجتها تجاه لندن، وطالبتها بتقديم اعتذار والتوقف عن «ممارسة سياسة الإملاءات على حلفائها» بعد إقرار مختبر عسكري بريطاني بأنه لا يملك أدلة ضد روسيا في قضية تسميم العميل السابق سيرغي سكريبال وابنته في الرابع من الشهر الماضي. في حين حذرت الاستخبارات الخارجية الروسية من مخاطر الوصول إلى حافة «مواجهة نووية» جديدة في تكرار لسيناريو «أزمة الصواريخ» في كوبا عام 1962، التي كادت أن تؤدي إلى مجابهة نووية بين موسكو وواشنطن، إذا واصل الغرب سياساته الحالية ضد روسيا.
وأعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الأربعاء، عن الأمل في أن «تسود الحكمة» في قضية الجاسوس الروسي. وقال بوتين في مؤتمر صحافي في أنقرة «نأمل بأن تسود الحكمة، وأن يتم الكف عن إلحاق هذا الضرر الهائل بالعلاقات الدولية».
وبالتزامن مع تواصل السجالات الروسية – البريطانية، واستكمال روسيا أمس تنفيذ وعيدها بطرد دبلوماسيين جدد لبلدان تضامنت مع لندن طردت دبلوماسيين روساً، جاء الإعلان عن نتائج الفحوص التي أجراها المختبر العسكري البريطاني في بورتون داون ليعزز الموقف الروسي الذي رفض الاتهامات الموجهة ضد روسيا. وصعّد الناطق باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أمس، من لهجته وقال: إنه يجب على رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، ووزير خارجيتها بوريس جونسون تقديم اعتذار لبلاده بسبب الاتهامات في قضية سكريبال.
وأوضح بيسكوف، أن «نظريتهما (ماي وجونسون) لن تثبت في أي حال؛ لأنه يستحيل تأكيدها... الجانب الروسي قال منذ البداية إنه لا علاقة له بهذه القضية».
ولفت بيسكوف إلى «تسرع المسؤولين البريطانيين في توجيه أصابع الاتهام إلى روسيا»، وقال إن «جونسون اتهم مباشرة الرئيس فلاديمير بوتين بالضلوع في قضية تسميم العميل، بينما نقلت ماي معلومات وصفتها بأنها مؤكدة إلى شركائها في الاتحاد الأوروبي، وسيكون عليهما الآن النظر في عيون هؤلاء الشركاء وقول الحقيقة». واستدرك إنه «من الضروري على جونسون وماي، بطريقة أو بأخرى الاعتذار للجانب الروسي».
لكن بيسكوف تجنب في الوقت ذاته إعطاء انطباع بأن نتائج الفحص تعني إغلاق هذا الملف، مرجحاً أن تتواصل التداعيات الواسعة للأزمة الروسية – الغربية، وقال «هذه القصة لا تزال طويلة، لقد وصل الجنون إلى مرحلة بعيدة جداً». وكان المختبر البريطاني الذي قام بتحليل المادة المستخدمة في تسميم الجاسوس السابق أكد أنه لا يملك دليلاً على أن هذه المادة مصدرها روسيا. وقال رئيس المختبر العسكري البريطاني في بورتون داون غاري آيتكنهيد: «تأكدنا من أن الغاز هو نوفيتشوك، وتأكدنا أنه غاز للأعصاب من النوع العسكري، لكن لم نتمكن من تحديد مصدره». وأضاف آيتكنهيد، أن تصنيع هذا الغاز يتطلب «أساليب متطورة للغاية وقدرات جهة تابعة لدولة».
في الأثناء، قلل نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف من أهمية نتائج فحوص المختبر على الأزمة القائمة، مرجحاً أن تواصل لندن الإصرار على موقفها في اتهام موسكو. وقال ريابكوف إن بريطانيا «حددت المذنبين في قضية تسميم عميل الاستخبارات البريطانية السابق سيرغي سكريبال مسبقاً، ولن تتراجع عن موقفها مهما كانت الوقائع».
ونقلت وكالة أنباء «إنترفاكس» عن الدبلوماسي الروسي، أنه «بناءً على كل ما قيل قبل التوصل إلى نتائج الفحص، وبالنظر إلى تصريحات وتعليقات المسؤولين البريطانيين على مواقع التواصل الاجتماعي، يمكنني الاستنتاج أنه لم تكن لديهم أي أوهام، وأنهم حددوا المذنبين منذ البداية، ولن يتراجعوا عن هذا الموقف»، مرجحاً أن «يتواصل تصعيد الموقف في الفترة المقبلة على الرغم من المنطق والوقائع والتفكير السليم؛ لأن هناك أهدافاً مختلفة تماماً، وتجري إثارة هذه القضية ليس من أجل تحديد ما الذي حدث لسيرغي سكريبال وابنته في الحقيقة، بل لإيجاد ذريعة لشيطنة روسيا على الصعيد الجيوسياسي بصورة شاملة وعزلها».
وأعرب ريابكوف عن أمل في تنجح جلسات الدورة الخاصة للمجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيميائية في لاهاي، التي بدأت أمس بمبادرة من روسيا، في «تحقيق نتائج تكسر الجمود في هذه العملية».
إلى ذلك، حملت تحذيرات مماثلة من احتمال تصاعد المواجهة الروسية – الغربية بعداً جديداً أمس، بعدما لفت رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية الروسية سيرغي ناريشكين إلى أن «الأزمة الحالية قد تصل بالعالم إلى حافة مواجهة نووية».
وحذر ناريشكين خلال مشاركته في مؤتمر للأمن تنظمه وزارة الدفاع، مما وصفها بـ«لعبة غير مسؤولة» تقوم بها أطراف غربية وتستند إلى «رفع سقف الرهان على إحراز نتائج». وقال إنه «لا بد من عدم السماح باندلاع مواجهة سياسية وعسكرية واسعة يمكن أن تصل بالعالم إلى حافة مواجهة نووية وفقاً للسيناريو الذي شهده العالم في عام 1962 خلال أزمة الكاريبي».
ونبّه إلى أن إصرار بلدان غربية على عدم احترام مصالح الأطراف الأخرى، ومحاولة تقويض التوازن في العلاقات الدولية ستكون له تداعيات سيئة على العالم. مشيراً إلى أن «البديل هو العودة إلى حوار بناء، يقوم ليس على الطموحات الأنانية لبعض اللاعبين الدوليين، بل على المبادئ والقيم المشتركة التي تتفق مع المعايير الدولية». ولفت ناريشكين إلى «خطورة حال الاصطفافات» التي سببتها سياسة واشنطن ولندن عبر ممارسة ضغوط وإملاءات على الشركاء في حلف الأطلسي وفي الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى بلدان آسيوية وبلدان من مناطق أخرى لحملها على تبني مواقف معادية لروسيا، لافتاً إلى أن «مشاعر التضامن التي أبدتها بلدان كثيرة مع بريطانيا هي في الواقع انعكاس لسياسة الإملاءات والضغوط من جانب لندن وواشنطن».
وكانت الخارجية الروسية أعلنت، أمس، استكمال تنفيذ وعيدها بطرد دبلوماسيين من البلدان التي أعلنت تضامنها مع لندن وطردت دبلوماسيين روس. وبعد طرد عشرات الدبلوماسيين من 22 بلداً الأسبوع الماضي استدعت الخارجية الروسية أمس سفيري هنغاريا وبلجيكا كل على حدة وأبلغتهما بقرار طرد دبلوماسي هنغاري وآخر بلجيكي. وأفادت الخارجية في بيان بأنها سلمت كلاً من السفيرين مذكرة احتجاج على خطوة مماثلة اتخذتها خارجية بلاده تجاه دبلوماسيين روس.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.