تصاعد «حرب الجواسيس» بين روسيا والغرب

موسكو أحبطت «تهريب» خرائط عسكرية سرية إلى الخارج›

أشخاص ينتظرون تسلم تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة أمام السفارة الأميركية بموسكو أمس (أ.ف.ب)
أشخاص ينتظرون تسلم تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة أمام السفارة الأميركية بموسكو أمس (أ.ف.ب)
TT

تصاعد «حرب الجواسيس» بين روسيا والغرب

أشخاص ينتظرون تسلم تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة أمام السفارة الأميركية بموسكو أمس (أ.ف.ب)
أشخاص ينتظرون تسلم تأشيرات الدخول إلى الولايات المتحدة أمام السفارة الأميركية بموسكو أمس (أ.ف.ب)

اتخذت المواجهة الروسية الغربية بعدا أوسع مع تفاقم ما وصف بأنه «حرب الجواسيس» بين الطرفين. وأعلنت موسكو تفكيك خلية تجسس كانت تعمل على تهريب خرائط سرية إلى أطراف خارجية، ورأت أوساط روسية أن الأجهزة الخاصة الروسية وسّعت نشاطها لإسقاط شبكات أجنبية، في رد على النشاط الزائد للاستخبارات الغربية في ملاحقة الجواسيس الروس.
وبعد مرور أيام قليلة على إعلان واشنطن ولندن طرد دبلوماسيين روسا، وصفوا بأنهم جواسيس، بدا أن مرحلة جديدة من المواجهة على هذا الصعيد بدأت بين الطرفين. إذ أعرب مسؤولون أمنيون روس عن تخوف من ملاحقات واسعة قد يتعرض لها روس في عواصم غربية، بذريعة ارتباطهم بعمليات تجسس. وقال برلمانيون روس إن بين الفرضيات المرتبطة بآفاق اتساع المواجهة أن تبدأ عمليات واسعة لتفكيك النشاط الاستخباراتي الروسي في عواصم غربية.
وكان مدير الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريشكين، أقر قبل أيام، أن من بين ممثلي البعثات الدبلوماسية الروسية المطرودين من أوروبا والولايات المتحدة «يوجد ضباط استخبارات، لكن عددهم قليل وكانوا يقومون بتوفير أمن السفارات الروسية». وشدد على أن «لدى الاستخبارات الخارجية أدوات واسعة النطاق لإجراء نشاط استخباراتي يضمن حل المهام الموكلة لحماية مصالح دولتنا ومواطنينا في أي مكان في العالم».
وجاء إعلان هيئة (وزارة) الأمن الفيدرالي الروسي، أمس، عن ضبط مجموعة من أربعة أشخاص خططوا لتسليم خرائط عسكرية سرية إلى جهات أجنبية ليعزز فرضية اشتعال حرب الجواسيس، ويؤكد استعداد موسكو للقيام بخطوات مماثلة لمواجهة النشاط التجسسي الغربي على أراضيها. وأفاد بيان أمني بأن إحباط نشاط الشبكة التي عملت على جمع مواد سرية ذات طابع عسكري لتسليمها لجهات أجنبية يشكل خطوة في اتجاه تضييق الخناق على الأنشطة المماثلة. وضمت الخلية 3 مواطنين روس، وقالت الهيئة إن عمليات تفتيش أسفرت عن العثور على نسخ إلكترونية وأخرى مطبوعة عن خرائط طوبوغرافية سرية، تابعة لهيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الروسية.
في غضون ذلك، واصلت موسكو حملة قوية على التدابير التي اتخذت ضدها، ورأى نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر غروشكو أن مشاركة حلف شمال الأطلسي في حملة طرد الدبلوماسيين عبر طرد 20 دبلوماسيا تعد «تحديا للمجتمع الدولي».
وكان الحلف طرد 20 دبلوماسيا روسيا من بعثة روسيا لديه، وأعلن في وقت لاحق أنه لن يقبل اعتماد مرشحين قد ترسلهم روسيا بدلا عن المطرودين. ورأى نائب الوزير الروسي أن هذه الخطوة «تحد خطير للعلاقات الدولية والمجتمع الدولي»، مشيرا إلى أنه «من مصلحة الجميع عدم المساس بأوجه تعاون لها أهمية خاصة، وخاصة في فترات تصعيد التوتر». ووصف طرد الدبلوماسيين بأنه «مأساة بالنسبة إلى العلاقات الدولية، إذ تم توجيه ضربة ممنهجة للحضور الدبلوماسي الروسي في العديد من الدول الغربية، وقبل كل شيء في الولايات المتحدة وبريطانيا». ووصف قرار الأطلسي بأنه «استفزاز كبير ضد روسيا يهدف إلى تبرير زيادة النفقات العسكرية للناتو».
وأكد غروشكو أن روسيا سترد على أي خطوات غير ودية من الحلف، مشيرا إلى أن روسيا لن تسمح بنجاح محاولات الناتو في جعل الدول المجاورة لروسيا خطوطا أمامية لنشر القوات العسكرية. وزاد أن «لدينا مجمع الصناعات العسكرية الذي يسمح لنا بالرد المناسب في حال الضرورة، واختيار الوسائل التي نعتبرها أكثر فعالية لضمان قدراتنا الدفاعية وحماية مصالحنا الشرعية».
تزامن ذلك، مع سعي موسكو إلى إظهار قدرتها على حشد موقف مؤيد من جانب حلفائها في مواجهة الضغوط الغربية. وعقد أمس وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو، جلسة محادثات موسعة مع نظيره الصيني، وي فنغ خه، الذي يزور موسكو للمرة الأولى منذ تعيينه، على رأس وفد عسكري للمشاركة في مؤتمر موسكو للأمن الدولي. ولوحظ أن الوزير الصيني استهل اللقاء بتوجيه رسالة غير مباشرة إلى الغرب، إذ خاطب شويغو بعبارات: «بصفتي وزيرا جديدا للدفاع في الصين، أزور روسيا بالذات لكي نظهر للعالم كله المستوى العالي لتطوير علاقاتنا الثنائية، وعزم قواتنا المسلحة على تعزيز التعاون الاستراتيجي».
وأضاف أنه تعمد قيادة وفد بلاده إلى المؤتمر الذي تنظمه وزارة الدفاع سنويا لإظهار «دعمنا للجانب الروسي وقد جاء الوفد الصيني كي يؤكد للأميركيين الروابط القوية بين القوات المسلحة الصينية والروسية، وخاصة في الوضع الحالي».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».