مع كل ظهور إعلامي، في برنامجها «صبايا الخير»، تثير الإعلامية المصرية ريهام سعيد، التي برأتها محكمة جنايات مصرية، مساء أول من أمس، من تهمة الاتجار بالأطفال، حالة من الجدل، في وقت يرى فيه أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة، شريف اللبان، في حديثه إلى «الشرق الأوسط»، أن الحكم ببراءة الإعلامية لا يعفيها من انتهاك مواثيق الشرف الإعلامية، «لأن القضاء يعاقب فقط على الأدلة المثبتة لديه».
وكانت محكمة جنايات الجيزة، مساء أول من أمس، برأت ريهام وفريق إعداد برنامجها الذي تقدمه على فضائية «النهار» من تهمة اختطاف الأطفال والاتجار بالبشر، لكنها حكمت بحبس معدة برنامجها غرام عبد الفتاح بالحبس سنة مع إيقاف التنفيذ.
غير أن الاتهامات الموجهة إلى ريهام سعيد ليست وليدة الأزمة الأخيرة، فقد واجهت سيلا واسعا من الانتقادات في وقائع مشابهة، أبرزها استضافتها للمواطنة سمية طارق، المعروفة إعلاميا بـ«فتاة المول»، لعرض قضية الاعتداء عليها في أحد مولات مصر الجديدة، لتفاجئها المذيعة بنشر صور خاصة من هاتفها دون إذنها، قائلة: «ليس كل ما نراه نصدقه، وليس كل مجني عليه بالضرورة ضحية، لأننا لا نعرف ماذا حدث قبل الواقعة وبعدها»، في إشارة إلى التشكك في رواية الفتاة، قبل أن تعتذر فضائية «النهار» عن الواقعة، مؤكدة احترامها لسيدات مصر، فيما قضت محكمة جنح الجيزة بسجنها 6 أشهر، وتغريمها 10 آلاف جنيه، بتهمة الاعتداء على الحياة الشخصية للفتاة، لكنها حصلت على البراءة بعد الاستئناف على الحكم.
قضية أخرى نالت فيها المذيعة قدرا كبيرا من الانتقاد، أثناء تصويرها في أحد مخيمات اللاجئين السوريين، حينما ركزت كاميرا برنامجها على تهافت أطفال ونساء اللاجئين على شاحنة تقف فوقها وتحمل مساعدات وملابس، قائلة: «إحنا فقدنا السيطرة وهجموا على العربية، هي دي الشعوب اللي تشردت وأضاعت نفسها بالفتنة، سابوا (تركوا) عيالهم في الأرض يعيطوا، (يبكون) وجريوا (هرولوا) وراء الهدوم (الملابس)، من كتر الحرمان داسوا على بعضهم».
في حلقة سابقة من برنامجها أيضا، استضافت «سعيد» فتاة ادعت أنها تعاني مسا من الجن، قبل أن تعلن تماثلها للشفاء على يد أحد المشايخ، كما أحالتها نقابة الإعلاميين إلى التحقيق، بعد استضافتها سيدة على علاقة غير شرعية برجل آخر.
أزمات ريهام سعيد تطرقت أيضا إلى الشخصيات العامة، بعدما تقدمت الفنانة زينة ببلاغ ضدها في مارس (آذار) 2014، تتهمها فيه بالتشهير بها، بعد استضافتها صحافيا قدم معلومات دون سند في قضية إثبات نسب نجليها للفنان أحمد عز، قبل أن تقضي محكمة جنح مستأنف الهرم ببراءتها، ويبقى الخلاف بينهما مستمرا.
يبرر محامي ريهام سعيد، محمد صبري، حكم البراءة، موضحا أن المذيعة تعمل في المجال الإعلامي منذ 15 سنة، وتكشف في برامجها قضايا فساد ومشكلات موجودة في الدولة، مشيرا إلى أن فريق «صبايا الخير» أبلغ الداخلية بمعلومات عن العصابة قبل عرض الحلقة، إلا أن هذه العصابة ادعت أن ريهام سعيد هي من حرضتهم على ارتكاب الواقعة.
ويضيف صبري، لـ«الشرق الأوسط»، من داخل سجن القناطر، في انتظار إنهاء إجراءات خروج ريهام سعيد، قائلا: «الحكم على معدة البرنامج سببه أنها كانت على تواصل مباشر مع الوسيط، إلا أن هناك إجراءات للطعن على الحكم بالنقض».
ويرى رئيس مجلس الدولة الأسبق، المستشار محمد حامد الجمل، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن التهمة الجنائية تتم بالإدانة أو البراءة فيها على أساس قناعة المحكمة بالأدلة المتوفرة لديها، وما يتعلق بمدى اعتراف المتهم بالجريمة من عدمه، ومدى وجود شهود كافين لتأكيد نسبة الاتهام، وبراءة ريهام سعيد في هذه القضية يعني عدم توافر أدلة كافية لدى المحكمة.
ويضيف الجمل أن الحكم على معدة البرنامج بسنة مع إيقاف التنفيذ يعني أن هناك دليلا على وجود الجريمة وإدانتها فيها، لكن بوجه عام هناك مبادئ قانونية ثابتة ومستقرة في قضية التواصل الإعلامي مع مجرمين أو متهمين أو عصابات، تقضي بإبلاغ السلطات المختصة بوقوع جناية فور العلم بها، وليس عرضها على الرأي العام أولا، تخوفا من ضياع القضية، أو هروب المتهمين، أو التأثير على التحقيقات فيها، لذا لا يجوز تقديم «الفرقعة الإعلامية» على سير القانون.
ويرى أستاذ الإعلام في جامعة القاهرة، شريف اللبان، أن الحكم ببراءة المذيعة لا يعفيها من انتهاك ومخالفة مواثيق الشرف الإعلامية، لأن القضاء يعاقب فقط على الأدلة المثبتة لديه، مؤكدا أن المخالفات السابقة والحالية لها مهنيا كانت تستوجب التحقيق معها في نقابة الإعلاميين لضبط الأداء الإعلامي، الذي شابه العديد من الانفلات الأخلاقي في الفترة الأخيرة.
ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «هذه الإثارة الإعلامية تستهدف في المقام الأول هوس الشهرة والانتشار من دون النظر إلى طبيعة المضمون، بغرض تحقيق نسب مشاهدة عالية، تجلب بدورها مساحة أكبر من المعلنين، مما يحقق استفادة مادية للمذيع، ويزيد من دخل القناة».
تبرئة الإعلامية المصرية ريهام سعيد من تهمة «خطف الأطفال»
خبير لـ : البراءة لا تعفيها من انتهاك ومخالفة مواثيق الشرف الإعلامية
تبرئة الإعلامية المصرية ريهام سعيد من تهمة «خطف الأطفال»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة