إجلاء دفعة من معارضي حرستا... واستمرار الغارات على غوطة دمشق

حافلات لنقل معارضين من حرستا إلى إدلب أمس (أ.ف.ب)
حافلات لنقل معارضين من حرستا إلى إدلب أمس (أ.ف.ب)
TT

إجلاء دفعة من معارضي حرستا... واستمرار الغارات على غوطة دمشق

حافلات لنقل معارضين من حرستا إلى إدلب أمس (أ.ف.ب)
حافلات لنقل معارضين من حرستا إلى إدلب أمس (أ.ف.ب)

بدأ إجلاء مقاتلين معارضين ومدنيين من مدينة حرستا في الغوطة الشرقية قرب دمشق بموجب اتفاق يأتي بعد سنوات من الحصار وبعد هجوم عنيف بدأته قوات النظام قبل أكثر من شهر بهدف استعادة آخر معقل لمقاتلي المعارضة قرب دمشق. وبالتزامن مع عملية الإجلاء، تواصل القصف الجوي والمدفعي مسفراً عن مقتل 20 مدنياً في مناطق أخرى في الغوطة الشرقية، التي تمكنت قوات النظام من السيطرة على أكثر من 80 في المائة من مساحتها. بينما قتل أربعة مدنيين في دمشق في قصف من مقاتلي المعارضة.
ويأتي الإجلاء بموجب اتفاق أعلنت عنه حركة «أحرار الشام»، الأربعاء، بعد مفاوضات مع روسيا. وأفاد التلفزيون السوري الرسمي حتى الساعة الخامسة عصراً (03.00 ت غ) عن خروج 1824 شخصاً، بينهم 319 مقاتلاً من حرستا الواقعة على بعد نحو خمسة كيلومترات شرق العاصمة. وتجمع الحافلات التي تقل المدنيين والمقاتلين، وفق مصدر عسكري آخر، في «منطقة تماس بين الطرفين قبل أن تنطلق إلى مناطق سيطرة الجيش ومنها إلى إدلب» في شمال غربي سوريا.
وستستغرق الطريق إلى إدلب ساعات طويلة. وقال مصدر عسكري «من المتوقع أن يخرج اليوم (أمس) نحو ألفي شخص، بينهم 700 مسلح في دفعة أولى على متن 40 حافلة»، على أن تخرج «آخر دفعة غداً».
وتجمع عند أطراف حرستا، بحسب مراسل لوكالة الصحافة الفرنسية في المكان، صحافيون وعدد من الجنود الروس والسوريين إلى جانب دبابات وسيارات إسعاف. وكانت عشرات الحافلات البيضاء توقفت منذ الصباح الباكر على جانب الطريق المؤدي من دمشق إلى حرستا قبل أن يدخل عدد منها إلى المدينة لنقل المغادرين.
وكان من المفترض أن تبدأ عملية الإجلاء عند الساعة السابعة صباحاً (05.00 ت غ)، لكنها تأخرت ساعات. وأوضحت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، أن العدد الإجمالي للأشخاص الذين سيخرجون بموجب الاتفاق يصل إلى «1500 مسلح وستة آلاف من عائلاتهم» على دفعات.
ولطالما شكلت الغوطة الشرقية هدفاً لقوات النظام كونها إحدى بوابات دمشق. وقد فرضت عليها حصاراً محكماً منذ عام 2013 رافقه طوال سنوات قصف منتظم شاركت فيه روسيا. وأسفر الحصار عن أزمة إنسانية تجلت بنقص فادح في المواد الغذائية والطبية، ووفيات ناتجة من سوء التغذية. ورداً على سؤال حول الأسباب التي دفعت إلى إبرام الاتفاق، قال رئيس المجلس المحلي لحرستا حسام البيروتي: «حرستا حوصرت من دون مقومات طبية وإغاثية، تدمرت بالكامل وأحوال الناس باتت في الويل». وأضاف: «خلال الأسبوع الأخير، لم تجد 50 في المائة من العائلات ما تأكله، وانتشر الجرب والمرض في الأقبية، وبالإضافة إلى ذلك كانت الصواريخ تطال حتى الأقبية، نحو خمس مجازر حصلت في الأقبية». ومع تقدمها في الغوطة، تمكنت قوات النظام من تقطيع أوصالها إلى ثلاثة جيوب منفصلة، هي دوما شمالاً تحت سيطرة فصيل «جيش الإسلام»، وبلدات جنوبية يسيطر عليها فصيل «فيلق الرحمن»، إضافة إلى حرستا التي تسيطر حركة «أحرار الشام» على الجزء الأكبر منها. وخلال سنوات النزاع، شهدت مناطق سورية عدة، بينها مدن وبلدات قرب دمشق عمليات إجلاء لآلاف المقاتلين المعارضين والمدنيين بموجب اتفاقيات مع القوات الحكومية إثر حصار وهجوم عنيف، أبرزها الأحياء الشرقية في مدينة حلب في نهاية عام 2016.
وعادة تشكل محافظة إدلب في شمال غربي سوريا وجهة هؤلاء، وهي واقعة بمعظمها تحت سيطرة «هيئة تحرير الشام» (النصرة سابقاً) مع تواجد لفصائل أخرى، أبرزها حركة «أحرار الشام».
وتعرضت بلدات عدة في القطاع الجنوبي ومدينة دوما لقصف جوي ومدفعي الخميس.
ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان مقتل 20 مدنياً الخميس في الغوطة الشرقية، قتل 16 منهم في غارات روسية وسورية على بلدة زملكا جنوباً. وأشار إلى أن «الغارات مستمرة بكثافة». وارتفعت بذلك حصيلة الحملة العسكرية منذ أكثر من شهر إلى أكثر من 1560 مدنياً بينهم 316 طفلاً، وفق «المرصد».
وترد الفصائل المعارضة على التصعيد في الغوطة باستهداف دمشق ومحيطها بالقذائف؛ ما تسبب الخميس بمقتل أربعة أشخاص في دمشق، وفق ما أفاد التلفزيون الرسمي. وفتحت قوات النظام قبل فترة ثلاثة معابر لخروج المدنيين الراغبين من الغوطة الشرقية، هي حرستا ومخيم الوافدين قرب دوما وحمورية جنوباً. ودفع القصف والمعارك أكثر من 80 ألف مدني للنزوح منذ 15 من الشهر الحالي باتجاه مناطق سيطرة قوات النظام. وعبر معبر الوافدين، غادر أكثر من أربعة آلاف مدني الخميس مدينة دوما، وفق «المرصد».
وأعرب كثيرون في وقت سابق عن خشيتهم من تعرضهم للاعتقال أو الاحتجاز للتجنيد الإلزامي بالنسبة إلى الشبان، لكنهم لم يجدوا خيارات أخرى أمامهم مع كثافة القصف والمعارك.
وتوجه نازحو الغوطة الشرقية إلى مراكز إيواء أنشأتها الحكومة في ريف دمشق، وصفت الأمم المتحدة الوضع فيها بـ«المأساوي»، وطالبت بإعادتهم إلى منازلهم أو عدم إخراجهم منها. وتسبب النزاع السوري المستمر منذ سبع سنوات بمقتل أكثر من 350 ألف شخص ونزوح الملايين داخل سوريا وخارجها. وتمكن النظام الذي خسر في سنوات الحرب الأولى سيطرته على مساحات شاسعة من الأراضي السورية من استعادة السيطرة على أكثر من نصف البلاد بعد تدخل روسيا العسكري منذ 2015.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.