اعتراف متأخر... رسالة تهديد إلى إيران

سياسة الصمت استهدفت مساعدة الأسد لـ«بلع الضربة»

صورتان وزعتهما إسرائيل أمس لموقع الكُبر قبل القصف وبعده (إ.ب.أ)
صورتان وزعتهما إسرائيل أمس لموقع الكُبر قبل القصف وبعده (إ.ب.أ)
TT

اعتراف متأخر... رسالة تهديد إلى إيران

صورتان وزعتهما إسرائيل أمس لموقع الكُبر قبل القصف وبعده (إ.ب.أ)
صورتان وزعتهما إسرائيل أمس لموقع الكُبر قبل القصف وبعده (إ.ب.أ)

بعد 11 سنة من الصمت التام والإجراءات القاسية التي اتخذتها الحكومة الإسرائيلية وقيادة الجيش الإسرائيلي لمنع وسائل الإعلام في تل أبيب من النشر، جاء النشر أمس بالاعتراف الصريح لأول مرة بتنفيذ ذلك الهجوم على المفاعل النووي الذي أقامته كوريا الشمالية في دير الزور السورية.
وفي هذا النشر رسالة كبيرة، توجهها إسرائيل إلى إيران وحلفائها وأذرعها مفادها بأنها مصرة على منعها من تطوير قدرات عسكرية نووية وجادة في تهديداتها بتدمير ترسانة ومصانع الصواريخ، على الأراضي الإيرانية أو السورية أو اللبنانية.
وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمس، إن إسرائيل ستمنع أعداءها من امتلاك أسلحة نووية بعد أن أقر الجيش الإسرائيلي بأنه شن غارة جوية في 2007 لتدمير منشأة يشتبه بأنها مفاعل نووي سوري. وأضاف على «تويتر»: «الحكومة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي والموساد (وكالة الاستخبارات) منعت سوريا من تطوير قدرات نووية، وتستحق كل شكر على ذلك... وسياسة إسرائيل كانت ولا تزال كما هي، وهي منع أعدائنا من امتلاك أسلحة نووية».
وتوجيه هذه الرسالة غير مرتبط بأحداث الأيام الأخيرة. فالقرار الإسرائيلي بهذا النشر اتخذ عمليا قبل ثمانية أشهر من اليوم، عندما طلب رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت، الإذن بكشف هذا الاعتراف. فقد كان أولمرت بدأ مشروع كتابة مذكراته، عندما دخل السجن تنفيذا لحكم قضائي أدانه بتهمة تلقي رشوة. وأنجز الفصل الخاص بعملية الإغارة على دير الزور، قبل بقية الفصول وأرسله بواسطة محاميه إلى الرقابة العسكرية.
وبعد دراسة الطلب في أعلى الهيئات القيادية السياسية في حينه، وافقت غالبيتها على النشر. فالقيادة السياسية برئاسة نتنياهو، رأت في النشر فرصة لتعزيز موقفه الذي يحذر ويهدد إيران باستمرار، ويطالب بإلغاء الاتفاق النووي معها بالطرق الدبلوماسية أو بالقوة، ويذكر من نسي في إيران أن إسرائيل تمتلك معلومات دقيقة أكثر مما يتصورون في طهران، وأنها جادة في تهديداتها بقصف وتدمير المفاعل النووية فيها كما فعلت في دير الزور.
والموساد (جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية)، و«أمان»، شعبة الاستخبارات العسكرية في الجيش الإسرائيلي، اللذان كانا شريكين في العملية، إذ إنهما كانا أول من كشف في إسرائيل عن أسرار المفاعل في دير الزور، يقدران بأن السبب الذي جعل إسرائيل ترفض الاعتراف في حينه (قبل 11 عاما) بالعملية، وهو الخوف من أن يدفع ذلك نظام الأسد إلى الرد، قد خف كثيرا. ففي سنة 2007، كان التقدير أن الأسد سيضطر إلى الرد على العملية، لأنها مهينة له ولجيشه. وأفضل طريقة هي في الامتناع عن الاعتراف، وهذا سيساعده على «بلع» الحادث والعمل على نسيانه. وأما اليوم فالتقدير هو أن سوريا ليست في وضع تثأر فيه من إسرائيل. فهي غارقة في الحرب الأهلية.
ولكن هناك أسبابا أخرى تضاف إلى ذلك، تتعلق بالجيش الإسرائيلي. فالقرار بعدم الاعتراف وبمنع الصحافة الإسرائيلية من النشر كان بطلب حازم من الجيش، بل إن رئيس الأركان في حينها غابي أشكنازي، وضعه باعتباره شرطا للموافقة على القيام بالعملية. وكما روى، أمس، فإنه عندما تلقى البشرى بأن الطائرات الثماني عادت بسلام إلى قواعدها بعدما نفذت القصف، وقف على شباك مكتبه الرحب في الطابق الرابع عشر وراح يدخن سيجارة تلو الأخرى وهو ينظر إلى تل أبيب، المدينة التي لا تنام، ويتضرع إلى الله ألا تنطلق صفارات الإنذار ولا تسقط صواريخ سوريا على عماراتها. وبعد عدة ساعات، اطمأن قلبه بأنه لن يكون هناك رد.
والجيش بقيادة أشكنازي، كان يومها على علاقة طيبة جدا مع رئيس الحكومة، وعلى علاقة سيئة مع وزير الدفاع إيهود باراك، الذي اعتبروه متعاليا. فقد عارض باراك يومها توجيه الضربة. واتهم قادة الجيش بالتسرع والمغامرة. وحاول إقناع رئيس وأعضاء المجلس الوزاري الأمني المصغر في الحكومة بالتريث. فأجابوه بأن التريث يعني أن يصبح المفاعل ساخنا، إذ كان من المفترض أن يعمل المفاعل بشكل منتظم بعد سنة ونصف السنة من ذلك التاريخ. فقال: «وما المشكلة. ندمر المفاعل وهو ساخن». وقد صدم الجنرالات من هذا الجواب. فتدمير المفاعل وهو ساخن ينطوي على أخطار كبيرة بانتشار الإشعاعات النووية في سوريا والعراق، إذ إن المفاعل قائم بالقرب من نهر الفرات. وقد يكون له وقع الكارثة كما في تشيرنوبل الروسية. ولذلك فهموا أن باراك يرمي لشيء آخر في هذا الموقف. فهو كان قد بدأ يخطط لإسقاط أولمرت والحلول مكانه في رئاسة الحكومة. وعندها يحظى هو بمجد إعطاء الأوامر لتدمير المفاعل السوري. وهناك من يرى أن الجيش لا ينسى لأولمرت موقفه هذا، ولذلك فقد وافقوا على النشر ليصيبوا عدة عصافير بحجر واحد.
فأولا النشر يشكل تهديدا لإيران، وثانيا يكون مكافأة لأولمرت، الذي ينظر إليه بصفته أول رئيس حكومة يدخل السجن في قضية فساد، ولا بأس من أن يذكر له أنه رئيس الوزراء الذي منع تسلح سوريا بالنووي. وثالثا، طريقة عمل أولمرت في الموضوع تظهر الفرق بينه وبين رئيس الوزراء الحالي، بنيامين نتنياهو. فعلى الرغم من أن أولمرت حقق مجدا كبيرا في المفاهيم الإسرائيلية، لم يصب بالغرور. وعندما طولب بالاستقالة من منصبه والتفرغ للتحقيقات معه في الشرطة، استقال وترك الحلبة السياسية تماما، على عكس نتنياهو المتشبث بكرسيه.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.