وفاة الجنرال أوساريس الذي أثار عاصفة سياسية في فرنسا باعترافاته حول التعذيب في حرب الجزائر

بول أوساريس
بول أوساريس
TT

وفاة الجنرال أوساريس الذي أثار عاصفة سياسية في فرنسا باعترافاته حول التعذيب في حرب الجزائر

بول أوساريس
بول أوساريس

توفي الجنرال الفرنسي بول أوساريس عن عمر 95 سنة، وهو الذي اعترف بممارسة التعذيب خلال حرب تحرير الجزائر، ما أعاد إلى السطح التساؤل حول ممارسات فرنسا الاستعمارية في هذه الفترة المأساوية، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي 2001 اعترف أوساريس مسؤول المخابرات السابق في الجزائر المستعمرة في كتابه «المصالح الخاصة في الجزائر 1955 - 1957» أنه مارس التعذيب «بموافقة إن لم يكن بأمر» من المسؤولين السياسيين. وتسببت اعترافاته ثم ما تبعها من مقابلات في الصحافة في إثارة عاصفة سياسية في فرنسا. فالرئيس الفرنسي آنذاك جاك شيراك الذي كان ملازما خلال حرب الجزائر قال إنه أصيب بـ«الرعب» من هذه التصريحات العلنية.
ومنذ بداية سنة 2000 اعترف أوساريس بأن «التعذيب فعال جدا، فأغلب الناس ينهارون ويقرون بما يعرفون.. لم يطرح لي أي مشكلات.. لقد تعودت على كل ذلك». وأضاف «سأقوم اليوم بما قمت به في السابق ضد أسامة بن لادن مثلا لو أمسكه بين يدي كما فعلت مع العربي بن مهيدي»، أحد قادة جبهة التحرير الوطني التي قادت حرب التحرير بين 1954 و1962. وكان أوساريس يؤكد دوما أنه ارتكب أفعاله بموافقة مسؤوليه العسكريين والسلطات السياسية. وتساءل «هل أنا مجرم؟ قاتل؟ وحش؟ لا، فأنا لست سوى جندي قام بما قام به من أجل فرنسا بما أن فرنسا هي التي طلبت ذلك».
وكان صدور كتابه «المصالح الخاصة..». ونجاحه سببا في إعادة النظر في فهم الفرنسيين لحرب الجزائر. فبعد الاعتراف بممارسة التعذيب من قبل الجيش الفرنسي إضافة إلى مأساة الحركيين (وهم الجزائريون الذين تعاونوا مع المستعمر) سقطت آخر المحرمات حول ما كانت فرنسا الرسمية تسميه «أحداث الجزائر» قبل أن يعترف البرلمان بأن ما وقع كان «حربا».
عدت المناضلة الجزائرية خلال حرب تحرير الجزائر وإحدى ضحايا التعذيب لويزات ايغيل احريز أنه كان على الجنرال أوساريس أن «يقدم اعتذاره» لممارسته التعذيب.
وقالت «كان صادقا باعترافه بتعذيب الجزائريين (...) لكنه لم يذهب إلى أبعد من ذلك. كان عليه تقديم اعتذاراته».
وأضافت «على الأقل هو اعترف بممارسة التعذيب على عكس الجنرال (مارسيل) بيجار» أحد أبرز ضباط الجيش الفرنسي خلال الحرب العالمية الثانية وحربي الجزائر والهند الصينية، المتوفى في 2010.
وأعادت ايغيل احريز فتح النقاش حول التعذيب من خلال شهادة صادرة في جريدة «لوموند» الفرنسية. وأكدت في شهادتها ثم في كتابها «جزائريات» الصادر في 2001 أنها تعرضت للتعذيب في 1957 على أيدي ضباط فرنسيين من فرقة المظليين العاشرة. كما ترى ايغيل احريز أنه «حان الوقت لأن تعترف السلطات الفرنسية بمساوئ الاستعمار».
وبالنسبة للجنرال فإن التعذيب «يصبح شرعيا عندما يكون الأمر ملحا»، وأكثر من ذلك اعترف الرجل الذي يظهر في الصور وهو يغطي عينه اليسرى أنه «نادرا ما يصبح المعتقلون المستجوبون في الليل أحياء في فجر اليوم الموالي، فهم يتعرضون للتصفية سواء تكلموا أو لا».
وبعد الحكم النهائي ضده بتهمة الإشادة بالتعذيب في 2004 أحيل الجنرال على التقاعد وجرد من وسام الشرف كما منع من حمل شاراته.
وفي 2008 أصدر كتابه الأخير «لم أقل كل شيء» وأكد فيه «لا أريد أن يستمر المنافقون الذين جردوني من وسام الشرف الذي حصلت عليه في المعارك في إنكار تاريخ فرنسا».
ولد أوساريس في السابع من نوفمبر (تشرين الثاني) 1918 في سانت بول كاب دو جو (جنوب غربي فرنسا)، وتطوع في 1941 في المخابرات الفرنسية قبل أن يلتحق بفوج المظليين الصاعقة البريطانيين الذين كانوا يخترقون الخطوط الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية. وبعدما شارك في حرب الهند الصينية كقائد لفرقة من المظليين، كلف في 1957 إعادة النظام في العاصمة الجزائرية، حيث قاد «فرقة الموت» التي قامت باعتقالات في الليل تلتها عمليات تعذيب وتصفية بعض الأشخاص المعتقلين.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.