لماذا الآن؟ يقول العالم الروسي فيل ميرزايانوف، الذي لجأ إلى الولايات المتحدة عام 1995 إن موسكو «أرادت تخويف أحد. ربما معارض لبوتين أو للكرملين». ويضيف، ميرزايانوف، الذي عمل قرابة ثلاثين عاماً في معهد أبحاث الدولة السوفياتية للكيمياء والتكنولوجيا (غنيوخت): «هم يوجهون له رسالة: انظر واعتبر مما حدث لسكريبال».
بعد عشرة أيام من العثور على سكريبال وابنته فاقدي الوعي في جنوب غربي إنجلترا، بدا ميرزايانوف مقتنعاً بأن موسكو تصرفت بهدف «التخويف»، متحدثا من منزله في برنستون في نيوجيرسي حيث يعيش مع زوجته الأميركية. وقال، في تصريحات نقلتها الصحافة الفرنسية، إن «الروس هم الوحيدون الذين طوروا غاز نوفيتشوك. لطالما احتفظوا بها سراً ولا يزالون».
ويقول إنها المرة الأولى التي تستخدم فيها هذه الغازات التي استغرق تصنيعها 15 سنة لقتل إنسان علما بأنها اختُبرت على حيوانات.
يسأل: «لم يعد سكريبال قادرا على الإزعاج، فلماذا قتله الآن وبهذه الطريقة الوحشية؟ هذا العنصر الكيميائي أقوى بعشر مرات على الأقل (من غاز الأعصاب) وآثاره رهيبة ولا شفاء منها (...) يكفي نصف غرام لقتل شخص وزنه خمسين كيلوغراما».
وميرزايانوف، الذي كشف في بداية تسعينات القرن الماضي عن هذه التركيبة القوية من غازات الأعصاب.
تحدث في البدء إلى وسائل الإعلام خلال فترة الانفتاح مع انهيار النظام السوفياتي ومن ثم في كتابه «أسرار دولة» الذي عرض فيه التركيبة الكيميائية ونشره في 2007، لم يعد ميرزايانوف يعمل لدى المختبرات الروسية، منذ أكثر من 25 عاما، لكنه واثق من أنه ما من «أحد غير الروس» يمكن أن يستخدم غاز الأعصاب «نوفيتشوك» لتسميم سكريبال وابنته في بريطانيا.
ويضيف متهكما أن الإمكانية الوحيدة الأخرى هي أن أحدهم نجح في ذلك مستخدما التركيبة الكيميائية التي شرحها في كتابه، وبالتالي «يمكن للروس أن يقولوا ذلك وأن يوجهوا لي أصابع الاتهام».
ويشرح ميرزايانوف أن من يتعرض له يصاب في البدء بتشويش في الرؤية ثم وفي غياب ترياق مضاد، باختلاجات وضيق في التنفس. وقال: «رأيت ذلك على الحيوانات، أرانب وكلاب، شيء مخيف». ولكن في حال عاش سكريبال وابنته فسيعانيان من آثاره طيلة حياتهم، يقول ميرزايانوف، وربما «أشخاص آخرون كانوا قريبين منهم».
كيف تستخدم المادة؟ «هذا سهل»، يقول نظراً لأنها خليط من عنصرين لا ضرر منهما قبل مزجهما. ويضيف «يمكن بالتالي نقل العنصرين بسهولة منفصلين وتركيب الرذاذ في اللحظة الأخيرة عبر خلطهما في مسدس رش صغير. بعدها يُرش الرذاذ على المستهدف».
ورغم أنه يصف الهجوم على سكريبال وابنته بأنه «فاجعة»، يقول ميرزايانوف أنه يأمل في أن تدرج بريطانيا والغرب غازات الأعصاب هذه على قائمة اتفاقية حظر الأسلحة الكيماوية، وهو الأمر الذي يطالب به منذ أكثر من عشرين عاماً، بعد أن فهم أن «الأسلحة الكيماوية تستهدف في المقام الأول قتل المدنيين». ويقول، في المقابلة مع الصحافة الفرنسية، لو أن هذه المواد كانت خاضعة لحظر دولي «لما حدثت هذه المأساة على الأرجح». ورغم أن أصدقاءه لا يكفون عن نصحه بتوخي الحذر لدى الحديث عن «نوفيتشوك» في العلن حتى لا يتعرض للانتقام، يقول: «لقد عشت طويلاً. لا يمكنهم أن يوقفوني. سأواصل العمل حتى يخضع نوفيتشوك لرقابة دولية».
لماذا الآن؟... يتساءل العالم الروسي الذي كشف أسرار غاز «نوفيتشوك»
لماذا الآن؟... يتساءل العالم الروسي الذي كشف أسرار غاز «نوفيتشوك»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة