الحكومة تتخطى سجال «أمل» و«الوطني الحر» حول ملف الكهرباء

عون يعرض ملخصاً يظهر العجز... والحريري يعد بجلسة خاصة

TT

الحكومة تتخطى سجال «أمل» و«الوطني الحر» حول ملف الكهرباء

تخطت الحكومة اللبنانية، أمس، السجال المتواصل بين «حركة أمل» و«التيار الوطني الحر» حول ملف الكهرباء، حيث لم يبحث مجلس الوزراء فيه، وانحصرت مقاربته في الملخص الذي عرضه الرئيس اللبناني ميشال عون حول أزمة الكهرباء التي تراكم عجزها وانعكاساته السلبية على الاقتصاد، وحجم إنتاج واستهلاك الكهرباء في لبنان، والكلفة الإجمالية لإنتاج وشراء الكهرباء في لبنان، والتطور المرتقب لكلفة فاتورة الكهرباء الإجمالية.
وقالت مصادر مواكبة لاجتماع الحكومة في قصر بعبدا: إن النقاشات لم تتطرق إلى السجالات والاتهامات التي تبادلها وزير المال علي حسن خليل ووزراء في «التيار الوطني الحر» منذ الأحد الماضي، قائلة لـ«الشرق الأوسط»: إن الرئيس عون عرض التقرير، وقال رئيس الحكومة سعد الحريري إنه سيُوزَع على كافة الوزراء، واعداً بعقد جلسة خاصة لمناقشة ملف الكهرباء.
وجددت الاتهامات حول ملف الكهرباء منذ يوم الأحد الماضي، الخلاف بين «التيار الوطني الحر» من جهة، و«حركة أمل» من جهة أخرى على خلفية اتهام رئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل لوزير المال علي حسن خليل بـ«إيقاف مشروع دير عمار الذي كان بإمكانه أن يحسّن إنتاج الطاقية الكهربائية»، قبل أن يرد خليل بالتأكيد، قائلاً: إن السبب في إيقافه يعود إلى أن «فيه محاولة سرقة وهدراً وفساداً»، واتهم التيار بـ«سرقة الضريبة على إقليمية المضافة»، وهو ما نفاه وزير العدل سليم جريصاتي؛ ما استدعى رداً جديداً من علي خليل قال فيه: «نعم، اعترفت بأنني رفضت مخالفة القانون وقرارات أعلى سلطة رقابية ومنعت هدر 50 مليون دولار. نعم أعترف بأنني عطلت على البعض العمولات المنظورة وغير المنظورة».
ويمثل ملف الكهرباء آخر فصول المواجهات والاتهامات المتبادلة بين «أمل» و«الوطني الحر»، بعد تهدئة أعقبت الخلافات حول مرسوم منح الضباط من دورة 1994 سنة أقدمية، وانتهت بتسوية في الشهر الماضي.
ويُنظر إلى ملف الكهرباء بحساسية بالغة؛ كونه واحداً من أكثر الملفات تعقيداً، بالنظر إلى ما يتضمنه من هدر يرهق الخزينة، فضلاً عن فشل الخطط لتحسين القطاع وحلّ مشكلته منذ عام 1992، ويتسلم «التيار الوطني الحر» ملف الكهرباء عبر ثلاثة وزراء يمثلون التيار تعاقبوا على وزارة الطاقة خلال السنوات الماضية. وانتقلت فصول الخلاف إلى مجلس الوزراء مع اصطفاف قوى سياسية، بينها «القوات» في وجه مشروع استئجار بواخر إضافية لتوليد الكهرباء.
وتضمن الملف الذي عرضه عون أمس، أرقاماً تظهر أن إجمالي عجز قطاع الكهرباء المتراكم منذ 1992، 36 مليار دولار، ويمثل هذا العجز 45 في المائة من إجمالي الدين العام. وبلغت التحويلات من مصرف لبنان لتغطية عجز الكهرباء خلال عام 2017، 1.295 مليار دولار، كما تلحظ موازنة 2018 عجزاً بقيمة 1.4 مليار دولار. وتتضمن الدراسة أرقاماً تظهر أن شراء 850 ميغاواط إضافية لتغطية النقص، سيخفض فاتورة الكهرباء الإجمالية بنحو 190 مليون دولار في 2018، و250 مليون دولار في 2019.
والتأم مجلس الوزراء أمس برئاسة رئيس الجمهورية وحضور رئيس الحكومة سعد الحريري. وتحدث الرئيس عون عن مشروع قانون الموازنة العامة لعام 2018، وقال: «لقد شارفت على الإنجاز». وهنا تحدث رئيس الحكومة سعد الحريري قائلاً: «سيعقد غداً (اليوم) اجتماع اللجنة الوزارية في قراءة أخيرة، وإذا تم الاتفاق على الصيغة النهائية سندعو إلى جلسة استثنائية لمجلس الوزراء في مهلة أقصاها النصف الأول من الأسبوع المقبل».
وحول الانتخابات النيابية، قال عون «إن التحضيرات الأساسية استكملت ونترقب إنجاز ما تبقى منها ليكون هناك جهوزية في الموعد المحدد للانتخابات، بحيث تكون المنافسة شريفة بين كافة المرشحين». ولفت إلى «مشاركة المغتربين للمرة الأولى في هذه الانتخابات».
وتطرق عون إلى ما سجل في الأيام الماضية من جدال ونقاش طاول صدقية القضاء والأجهزة الأمنية في ملف زياد عيتاني، علماً بأن هذه التحقيقات سرية ولا يجوز استباق قرار القضاء بالتبرئة أو بالإدانة.
بدوره، تحدث الرئيس الحريري عارضاً لمجلس الوزراء نتائج زيارته إلى المملكة العربية السعودية، التي قال: إنها «إيجابية جداً، وإن المملكة ستشارك في مؤتمرات روما وباريس وبروكسل»، مؤكداً على «سياسة النأي بالنفس التي التزمتها الحكومة»، قائلاً: «هذه السياسة مهمة بالنسبة للمملكة وكذلك بالنسبة للبنان، بحيث إن الحكومة تلتزم أي قرار تتخذه».
وأشار الحريري إلى أن «مؤتمر روما سيعقد الأسبوع المقبل، وبعد ثلاثة أسابيع سيعقد مؤتمر باريس، والعمل قائم على إنجاز الورقة التي سيرفعها لبنان إلى سيدر، وأن الفريق الاقتصادي الذي كلف إعداد هذه الورقة استمع إلى آراء معظم الكتل السياسية وإلى ملاحظاتها، وسيصار إلى عرض هذه الورقة على مؤتمر سيدر، وتتضمن مشروعات عملية للحصول على أموال وقروض ميسرة، أو منح تستعمل لتنفيذ هذه المشروعات».



بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
TT

بيانات أممية: غرق 500 مهاجر أفريقي إلى اليمن خلال عام

رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)
رغم المخاطر وسوء المعاملة يواصل المهاجرون التدفق إلى الأراضي اليمنية (الأمم المتحدة)

على الرغم من ابتلاع مياه البحر نحو 500 مهاجر من القرن الأفريقي باتجاه السواحل اليمنية، أظهرت بيانات أممية حديثة وصول آلاف المهاجرين شهرياً، غير آبهين لما يتعرضون له من مخاطر في البحر أو استغلال وسوء معاملة عند وصولهم.

ووسط دعوات أممية لزيادة تمويل رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي، أفادت بيانات المنظمة الدولية بأن ضحايا الهجرة غير الشرعية بلغوا أكثر من 500 شخص لقوا حتفهم في رحلات الموت بين سواحل جيبوتي والسواحل اليمنية خلال العام الحالي، حيث يعد اليمن نقطة عبور رئيسية لمهاجري دول القرن الأفريقي، خاصة من إثيوبيا والصومال، الذين يسعون غالباً إلى الانتقال إلى دول الخليج.

وذكرت منظمة الهجرة الدولية أنها ساعدت ما يقرب من 5 آلاف مهاجر عالق في اليمن على العودة إلى بلدانهم في القرن الأفريقي منذ بداية العام الحالي، وقالت إن 462 مهاجراً لقوا حتفهم أو فُقدوا خلال رحلتهم بين اليمن وجيبوتي، كما تم توثيق 90 حالة وفاة أخرى للمهاجرين على الطريق الشرقي في سواحل محافظة شبوة منذ بداية العام، وأكدت أن حالات كثيرة قد تظل مفقودة وغير موثقة.

المهاجرون الأفارقة عرضة للإساءة والاستغلال والعنف القائم على النوع الاجتماعي (الأمم المتحدة)

ورأت المنظمة في عودة 4.800 مهاجر تقطعت بهم السبل في اليمن فرصة لتوفير بداية جديدة لإعادة بناء حياتهم بعد تحمل ظروف صعبة للغاية. وبينت أنها استأجرت لهذا الغرض 30 رحلة طيران ضمن برنامج العودة الإنسانية الطوعية، بما في ذلك رحلة واحدة في 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي من عدن، والتي نقلت 175 مهاجراً إلى إثيوبيا.

العودة الطوعية

مع تأكيد منظمة الهجرة الدولية أنها تعمل على توسيع نطاق برنامج العودة الإنسانية الطوعية من اليمن، مما يوفر للمهاجرين العالقين مساراً آمناً وكريماً للعودة إلى ديارهم، ذكرت أن أكثر من 6.300 مهاجر من القرن الأفريقي وصلوا إلى اليمن خلال أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهو ما يشير إلى استمرار تدفق المهاجرين رغم تلك التحديات بغرض الوصول إلى دول الخليج.

وأوضح رئيس بعثة منظمة الهجرة في اليمن، عبد الستار إيسوييف، أن المهاجرين يعانون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء والرعاية الصحية والمأوى الآمن. وقال إنه ومع الطلب المتزايد على خدمات العودة الإنسانية، فإن المنظمة بحاجة ماسة إلى التمويل لضمان استمرار هذه العمليات الأساسية دون انقطاع، وتوفير مسار آمن للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل في جميع أنحاء البلاد.

توقف رحلات العودة الطوعية من اليمن إلى القرن الأفريقي بسبب نقص التمويل (الأمم المتحدة)

ووفق مدير الهجرة الدولية، يعاني المهاجرون من الحرمان الشديد، مع محدودية الوصول إلى الغذاء، والرعاية الصحية، والمأوى الآمن. ويضطر الكثيرون منهم إلى العيش في مأوى مؤقت، أو النوم في الطرقات، واللجوء إلى التسول من أجل البقاء على قيد الحياة.

ونبه المسؤول الأممي إلى أن هذا الضعف الشديد يجعلهم عرضة للإساءة، والاستغلال، والعنف القائم على النوع الاجتماعي. وقال إن الرحلة إلى اليمن تشكل مخاطر إضافية، حيث يقع العديد من المهاجرين ضحية للمهربين الذين يقطعون لهم وعوداً برحلة آمنة، ولكنهم غالباً ما يعرضونهم لمخاطر جسيمة. وتستمر هذه المخاطر حتى بالنسبة لأولئك الذين يحاولون مغادرة اليمن.

دعم إضافي

ذكر المسؤول في منظمة الهجرة الدولية أنه ومع اقتراب العام من نهايته، فإن المنظمة تنادي بالحصول على تمويل إضافي عاجل لدعم برنامج العودة الإنسانية الطوعية للمهاجرين في اليمن.

وقال إنه دون هذا الدعم، سيستمر آلاف المهاجرين بالعيش في ضائقة شديدة مع خيارات محدودة للعودة الآمنة، مؤكداً أن التعاون بشكل أكبر من جانب المجتمع الدولي والسلطات ضروري للاستمرار في تنفيذ هذه التدخلات المنقذة للحياة، ومنع المزيد من الخسائر في الأرواح.

الظروف البائسة تدفع بالمهاجرين الأفارقة إلى المغامرة برحلات بحرية خطرة (الأمم المتحدة)

ويقدم برنامج العودة الإنسانية الطوعية، التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الدعم الأساسي من خلال نقاط الاستجابة للمهاجرين ومرافق الرعاية المجتمعية، والفرق المتنقلة التي تعمل على طول طرق الهجرة الرئيسية للوصول إلى أولئك في المناطق النائية وشحيحة الخدمات.

وتتراوح الخدمات بين الرعاية الصحية وتوزيع الأغذية إلى تقديم المأوى للفئات الأكثر ضعفاً، وحقائب النظافة الأساسية، والمساعدة المتخصصة في الحماية، وإجراء الإحالات إلى المنظمات الشريكة عند الحاجة.

وعلى الرغم من هذه الجهود فإن منظمة الهجرة الدولية تؤكد أنه لا تزال هناك فجوات كبيرة في الخدمات، في ظل قلة الجهات الفاعلة القادرة على الاستجابة لحجم الاحتياجات.