«أعتقد أنّه لا شيء يقارن بالمتعة البسيطة لركوب الدراجة»، هذا ما كان يؤمن به الرئيس الأميركي الراحل «جون كينيدي» الذي كان عاشقاً لركوب الدراجة، وشاركه أيضاً الرأي عدد من الرؤساء والزعماء، سواء في الماضي وفي الوقت الحالي، منهم رئيس وزراء هولندا، مارك روتيه، الذي يذهب لمقر عمله بالدراجة.
وفي كثير من دول العالم، لم تعد الدراجة مجرد رياضة أو هواية؛ بل أصبحت وسيلة الانتقال الرئيسية، في هولندا مثلاً يستخدم غالبية شعبها الدراجة للذهاب إلى العمل. أمّا في مصر فكان التنقل بالدّراجات أمراً مألوفاً في خمسينات وستينات القرن الماضي، وكانت الأفلام العربية القديمة تُظهر مشاهد كثيرة لفتيات وشبان يذهبون لمدارسهم وجامعاتهم أو لمقر عملهم بالدراجة؛ ومع مرور السنوات اختفت هذه العادة، وبات مشهد ركوبها يقتصر فقط على بعض أحياء القاهرة الراقية، مثل الزمالك والمعادي والقاهرة الجديدة.
أخيراً حاول بعض الشباب المصري إحياء وتشجيع فكرة ركوب الدراجات مرة أخرى، وكانت وسيلتهم في ذلك وسائل التواصل الاجتماعي، حيث أنشأوا صفحات على «فيسبوك»، ومن خلالها ينظمون فعاليات أسبوعية لركوب الدراجات، اجتذبت آلاف المصريين من مختلف الفئات والأعمار، ولم تقتصر فقط على الشباب، إذ تضمّ كثيراً من كبار السن الذين يشاركون بفعالية في مثل هذه الأنشطة.
يقول جوني لـ«الشرق الأوسط»، وهو واحد من مؤسسي فريق «إيجي بايك» الرياضي، الذي يهدف لنشر ثقافة ركوب الدراجات في مصر: «بدأنا منذ نحو ثلاث سنوات، وكان هدفنا الأساس بالطبع، تشجيع المصريين على استخدام الدراجات للتنقل مرة أخرى، بالإضافة لهدف آخر أكثر أهمية، وهو تشجيع مرضى السرطان تحديداً على ركوبها، فمن المعروف أن الرياضتين الوحيدتين اللتين يستطيع المصاب بهذا المرض ممارستهما، هما السباحة وركوب الدراجة، لذا قرّرنا أن يكون (إيجي بايك)، إحدى وسائل الدّعم النفسي للمرضى، من خلال تشجيعهم على المشاركة في الأنشطة والفعاليات الخاصة بركوب الدراجات، جنباً إلى جنب مع المواطنين الأصحاء».
الجمعة من كل أسبوع، هو موعد الجولة أو «Ride» كما يُطلق عليها، فجميع الفرق التي تنظم فعالياتها وأنشطتها الخاصة بركوب الدراجات، تختار الجمعة صباحاً، والسّبب - كما يقول جوني - أنه «يوم عطلة لدى المصريين، والكثافة المرورية تكون في أفضل حالاتها في هذا التوقيت»، لذا، بات من المعتاد في شوارع القاهرة أن تجد مشهداً لعشرات الشباب والفتيات من مختلف الأعمار، يتجمعون في مكان يُتّفق عليه مسبقاً، في هذا التوقيت، استعداداً للمشاركة في الجولة.
يشرح جوني كيفية الإعداد للجولة: «نحدّد مسارها في بداية الأسبوع، وندعو الأعضاء في صفحتنا الذين وصلوا حتى الآن لأكثر من 30 ألفاً للمشاركة، بعد تحديد مكان التجمع، ومسار الجولة من البداية إلى النهاية»، مضيفا: «نختار في كل أسبوع مكاناً جديداً للذهاب إليه، وفي بعض الأحيان نذهب إلى بعض المتاحف أو الأماكن الأثرية، ففي الأسبوع الماضي كان مسار الجولة من وسط البلد حتى شارع المعز الأثري. كانت تجربة رائعة استمتع بها جميع المشاركين».
للمشاركة في الماراثون يدفع المشاركون ثمن التذكرة 50 جنيهاً (نحو 3 دولارات)، وتشمل إيجار الدراجة، وتوفير المياه، والإسعافات الأولية، بالإضافة لوجود مصور محترف طوال الجولة. ولتشجيع ثقافة ركوب الدراجات يمكن للمشترك الذي يملك دراجته الخاصة المشاركة مجاناً من دون دفع أي رسوم.
يتجمع المشاركون يوم الجمعة نحو السابعة صباحاً، استعداداً للمشاركة وتوزيع الدراجات، ويعطي المنظمون أهم تعليمات السلامة والأمان، وشرح مسار الجولة بدقة. وعادة ما تستغرق الرحلة من ساعتين لثلاث ساعات حسب المسار، ويقطع المشاركون نحو 20 كيلومتراً.
أمّا المشكلة في رأي جوني، فهي أنّ كثيراً من فئات المجتمع لم تتقبل بعد فكرة أن يكون لدى الفتاة دراجة خاصة بها تستخدمها في تنقلاتها، ويضيف: «هذا ما نحاول التغلب عليه، من خلال تشجيع أكبر عدد من الفتيات على المشاركة في الأنشطة والفعاليات التي نقدمها، حتى يعتاد المجتمع بشكل كامل على هذه الفكرة». دفع هذا السبب هبة السيد، التي تعمل في قسم خدمة العملاء بإحدى شركات الاتصالات، للمشاركة في هذه الأنشطة. وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «أعشق ركوب الدراجات، ولكنّني لا أمتلك واحدة خاصة بي، مما يدفعني للمشاركة في الفعاليات لممارسة هوايتي المفضلة، وأرى أنّ مثل هذه الأنشطة مهمة جداً، ليعتاد المجتمع على فكرة ركوب الفتاة للدراجة، خصوصاً أنّه لا يزال هناك بعض الأحياء التي يطلق عليها شعبية، ترفض مثل هذا الأمر، وأنا أسكن في واحد منها».
«الأمر قد يكون أسهل أكثر بالنسبة للشباب»، هذا ما يؤكده المحامي علي محمود، الذي يشارك بانتظام في هذه الفعاليات، ويقول: «لا بد من تغيير الثقافة الخاصة بركوب الدراجات في مصر، وهو ما تفعله الفرق الرياضية حالياً».
وعلى الرغم من أنّ علي لا يمتلك دراجة خاصة به، فإنّه يشجع أصدقاءه على اقتناء واحدة، ويوضح أنّ طبيعة عمله لا تسمح له باستخدام دراجة أثناء تنقلاته، لذا يرى في هذه الأنشطة تعويضاً عن عدم امتلاكه واحدة.
مبادرات شبابية لترويج قيادة الدراجات في القاهرة
تنشط في أيام الجمعة... وتستخدم في حملات الدعم للمرضى
مبادرات شبابية لترويج قيادة الدراجات في القاهرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة