البشير يعين نائبه في الحزب الحاكم مساعداً له في الرئاسة

السودان يتجاهل تقارير عن إبعاد «الإخوان المسلمين» المصريين من أراضيه

TT

البشير يعين نائبه في الحزب الحاكم مساعداً له في الرئاسة

بعد ساعات من تعيينه نائبا لرئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، أدى فيصل حسن إبراهيم اليمين الدستورية، مساعدا للرئيس عمر البشير، خلفا لسلفه إبراهيم محمود، الذي أطيح به في اجتماع المكتب القيادي للحزب الحاكم ليلة أول من أمس.
واتخذ الرئيس البشير عدة قرارات بالإعفاء والتعيين، بدأت بإعادة تعيين رئيس جهاز الأمن الوطني والمخابرات السابق صلاح عبد الله قوش، مجددا رئيسا للجهاز الذي غادره قبل أعوام، كما صدرت مراسيم لاحقة بإعفاء نائب رئيس الجهاز أسامة مختار، وتعيين جلال الدين الشيخ بدلا منه الاثنين الماضي.
واختار المكتب القيادي للمؤتمر الوطني، أعلى سلطة حزبية، في وقت متأخر من ليل الثلاثاء فيصل حسن إبراهيم، الذي يشغل وزير ديوان الحكم الاتحادي، نائبا للرئيس البشير في الحزب الحاكم، إثر الإطاحة بالنائب السابق إبراهيم محمود بعد ثلاث سنوات من توليه المنصب.
وتنص لوائح الحزب الحاكم على تعيين نائب رئيس الحزب في منصب مساعد الرئيس السوداني، وهو النص الذي أتى بإبراهيم مساعدا للبشير في القصر الرئاسي، علما بأن للرئيس نائبين وأربعة مساعدين، واحد منهم على الأقل نائبه في الحزب.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية «سونا» عن إبراهيم، عقب تأديته اليمين الدستورية أمس، تأكيده على «الالتزام بالقيم والمعاني العظيمة التي وردت في القسم، من حيث احترام الدستور والديمقراطية والحكم اللامركزي، والحفاظ على وحدة البلاد وسيادتها».
ووفقا للوكالة فقد تعهد إبراهيم بالعمل الجاد لتنفيذ مقررات حكومة «الوفاق الوطني»، واستكمال السلام، والعمل على تعافي اقتصاد البلاد واستقراره.
وكان مساعد البشير إبراهيم يشغل منصب وزير ديوان الحكم الاتحادي، وعمل قبلها حاكما (والي) لولاية شمال كردفان، ثم وزيرا للثروة الحيوانية، وهو حاصل على شهادة الدكتوراه في العلوم البيطرية.
من جهة أخرى، لم ينف أو يؤكد وكيل وزارة الخارجية السوداني عبد الغني النعيم، تقارير تحدثت عن إبلاغ «إخوان مسلمين مصريين» بمغادرة البلاد إلى بلد ثالث، أو تسليمهم إلى السلطات المصرية، واكتفى بالقول بأنها لم تصدر عن الحكومة السودانية، وفي الوقت ذاته لم يقطع بموعد عودة السفير السوداني إلى القاهرة، الذي استدعي قبل أكثر من شهر للتشاور على خلفية توتر علاقات البلدين.
ونقلت تقارير صحافية الأسبوع الماضي، ناسبة إلى مصادر أمنية، أن السلطات السودانية طلبت من أعضاء وقيادات «حركة الإخوان المسلمين المصرية»، زعمت أنهم موجودون في السودان، مغادرة البلاد فورا دون إبطاء إلى دولة ثالثة، أو أنها ستضطر إلى إعادتهم إلى بلادهم.
ودأبت الخرطوم على نفي وجود أي معارضين مصريين في السودان من الإخوان المسلمين أو غيرهم، بيد أن البلدين دأبا على اتهام كل منهما بإيواء معارضي الدولة الأخرى.
وقال النعيم أمس في إجابة عن سؤال صحافي: «كل ما يقال أشياء لم تصدر عن الحكومة، وفيها كثير من التكهنات والاحتمالات والمآلات»، وتابع موضحا «نحن نحرص على علاقاتنا بدول الجوار، لأننا لا يمكن أن نغير التاريخ والجغرافيا». وأوضح أن وزارته تعتمد دبلوماسية «المعابر» الحدودية مع دول الجوار.
ووفقا لوكيل الخارجية، فإن الوزارة ستعقد الأسبوع المقبل مؤتمر «سفراء السودان» السابع، بهدف تحديد استراتيجيات الدبلوماسية السودانية، مشيرا إلى أنها ستقوم على تمتين العلاقات الاقتصادية والسياسية بين السودان وبلدان العالم عبر بعثاته الدبلوماسية.
وفي السياق ذاته، لم يقطع النعيم بموعد عودة سفيره إلى مصر مكتفيا بالقول إن «عودة سفير السودان إلى مصر أمر سيعلن عنه في حينه»، مشيرا إلى أن حكومته تتعامل مع التوترات الحدودية انطلاقا من حقها السيادي بالطريقة التي تراها مناسبة، واستدرك بالقول: «لكن دول الجوار أولاً».
واستدعت الخارجية السودانية في الخامس من يناير (كانون الثاني) الماضي سفيرها في القاهرة عبد المحمود عبد الحليم للتشاور، دون أن توضح أسباب الاستدعاء، بيد أن تصريحات حكومية لاحقة ذكرت أن السفير لن يعود للعاصمة المصرية قبل حل القضايا العالقة بين البلدين.
وعقد الجانبان المصري والسوداني مؤخرا اجتماعا رباعيا في القاهرة، شارك فيه وزيرا الخارجية ورئيسا أجهزة الأمن والمخابرات في البلدين، تنفيذا لاتفاق بين الرئيسين عمر البشير وعبد الفتاح السيسي عقد على هامش القمة الأفريقية بأديس أبابا الشهر الماضي.
واتفق الجانبان على تمتين علاقات الدولتين، وحل القضايا العالقة بينهما، بيد أن السفير عبد المحمود عبد الحليم لا يزال في الخرطوم ولم يعد للقاهرة، ولم تحدد السلطات السودانية موعد عودته، فيما تحتفظ القاهرة بسفيرها في الخرطوم.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».