أنقرة مستعدة لـ {اتصالات استخباراتية} مع دمشق

TT

أنقرة مستعدة لـ {اتصالات استخباراتية} مع دمشق

عبّرت أنقرة عن استعداداتها لإجراء اتصالات مباشرة أو غير مباشرة بين أجهزة استخباراتها ونظيرتها في النظام السوري فيما يعد خطوة على تطوير الاتصالات مع نظام الأسد فرضتها ضرورة التطورات في عملية «غصن الزيتون» العسكرية في عفرين. وأكدت في الوقت نفسه أنها لن تتردد في ضرب أي قوات أو ميليشيات تحاول الدخول إلى عفرين لتقديم الدعم لوحدات الشعب الكردية.
وأكد المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم كالين، أن عملية عفرين، التي دخلت يومها الثالث والثلاثين أمس، ستتواصل بالقوة نفسها، وأن الجيش التركي سوف يتصدى لأي محاولات لمساعدة «الإرهابيين»، في إشارة إلى مسلحي «وحدات حماية الشعب الكردية» هناك.
وعن وجود اتصالات مع نظام الأسد بشأن التطورات في سوريا، قال كالين في مؤتمر صحافي أمس: «ليست لدينا اتصالات رسمية مباشرة مع النظام السوري، لكن يمكن لمؤسساتنا المعنية، وأقصد هنا أجهزتنا الاستخباراتية، الاتصال بشكل مباشر أو غير مباشر معه في ظروف استثنائية لحل مشكلات معينة عند الضرورة، وهذا يندرج ضمن وظائف أجهزتنا الاستخباراتية».
وطالبت أحزاب معارضة تركية بفتح حوار مباشر بين أنقرة ودمشق لحل المشكلات العالقة بين البلدين والتعاون في القضاء على الإرهاب، وطالب كمال كليتشدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة التركة، الحكومة بإجراء اتصالات مع نظام الأسد إن كانت راغبة في حل مشكلة الإرهاب على الحدود التركية قائلا إنه قد يزور دمشق قريبا.
وقالت رئيسة «الحزب الجيد» المعارض ميرال أكشينار، إنه «ليس من الصائب أن تتخذ الحكومة التركية مظهراً عدائياً من نظام الأسد في وقت تجري فيه اتصالات دبلوماسية سرية معه، ومن الأفضل أن تكون هذه الاتصالات في العلن». ونفى مسؤولون أتراك مراراً وجود اتصالات مباشرة مع سوريا. وقال رئيس الوزراء التركي بن على يلدريم إنه «كان هناك اتصال مع النظام (السوري) قبيل انطلاق عملية عفرين عن طريق روسيا».
ورأى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في تصريحات، أول من أمس، أن حل مشكلة عفرين يكمن في الحوار المباشر بين أنقرة ودمشق.
وبشأن الأنباء حول وجود اتفاق بين قوات الأسد ووحدات حماية الشعب الكردية لدخول عفرين، قال كالين: «ليس لدينا ما يؤكد ذلك، لكن أي محاولات لمساعدة (الإرهابيين) ستكون لها نتائج جادة».
وعن محاولات دخول ميليشيات موالية للنظام السوري إلى عفرين مساء أول من أمس، ذكر كالين أن: «قافلة تضم من 40 إلى 50 عربة تقل مسلحين حاولت الوصول من حلب إلى عفرين، واضطرت إلى العودة عقب إطلاق قذائف مدفعية تحذيرية من الجيش التركي المتمركز في المكان»، مضيفاً: «وفي حال عاودوا المحاولة للوصول سيواجهون النتائج ذاتها». وشدد على أن «عملية غصن الزيتون سوف تتواصل بقوة حتى القضاء على آخر (إرهابي) في عفرين».، على حد قوله.
وفيما يخص الخلاف بين بلاده وواشنطن بشأن الدعم الأميركي لوحدات الشعب الكردية، قال كالين: «منذ البداية قلنا إن على الولايات المتحدة وقف تزويد الوحدات الكردية بالسلاح وإنهاء تعاونها معها وإخراج عناصرها من منبج وإرسالهم إلى شرق نهر الفرات». وتابع: «أصررنا على إنهاء واشنطن تعاونها مع الوحدات الكردية من أجل الحفاظ على وحدة الأراضي السورية وإنهاء المخاوف الأمنية لتركيا». معتبراً أن الوحدات الكردية تحاول توسيع رقعة المساحات الخاضعة لسيطرتها في الشمال السوري، داعياً إلى إخراجها من المناطق والبلدات التي تقطنها أغلبية عربية.
وواصلت القوات التركية والجيش السوري الحر، أمس، تقدمها في محيط عفرين وسيطرت على قرية «كارا بابا» الواقعة شمال غربي عفرين والتابعة لناحية «راجو»، كما سيطرت على قرية فيركان الواقعة شمال شرقي عفرين ليرتفع عدد النقاط التي حررتها «غصن الزيتون»، إلى 91 نقطة، بينها مركز ناحية، و63 قرية، و6 مزارع، و20 جبلا وتلة استراتيجية، وقاعدة عسكرية واحدة.
وأعلن الجيش التركي، أن عدد المسلحين الذين جرى تحييدهم منذ انطلاق عملية «غصن الزيتون» في عفرين بلغ 1780 مسلحاً. وكان الجيش التركي دفع مساء أول من أمس بـ1200 من عناصر الوحدات الخاصة إلى عفرين للمشاركة في معارك «غصن الزيتون».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».