جاء مؤتمر الكويت لإعادة إعمار العراق، الذي نجح في دحر تنظيم داعش وطرده من الأراضي التي احتلها منذ عام 2014، ليكشف نيات وحقيقة النظام الإيراني، وسعيه الدائم إلى التخريب والتدخل في شؤون دول المنطقة بدعم الجماعات الإرهابية بالمال والسلاح، لكنه يغيب حينما يتعلق الأمر بالإعمار.
وتعهدت الدول الحليفة للعراق بنحو 30 مليار دولار للاستثمار والتنمية في البلاد، حسبما أعلن وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، في ختام المؤتمر الذي استضافته بلاده الأسبوع الماضي.
كانت الدول الخليجية في مقدمة المساهمين في جهود إعادة إعمار العراق، حيث قررت الكويت تخصيص مليار دولار على شكل قروض واستثمارات، بينما تعهدت السعودية بتخصيص مليار دولار لمشاريع استثمارية بالعراق، و500 مليون إضافية لدعم الصادرات العراقية.
كما أعلنت الإمارات تعهدها بمبلغ 500 مليون دولار دعماً لإعادة الإعمار، تضاف إلى استثمارات القطاع الخاص في مشروع معسكر الرشيد وميناء أم القصر بقيمة 5.5 مليار دولار.
وكان من اللافت غياب إيران عن المساهمة في إعادة إعمار العراق خلال مؤتمر الكويت، وهي التي ساهمت بشكل كبير في عدم استقراره منذ الغزو الأميركي في 2003، سواء عبر ممارسة نفوذها السياسي أو تأجيجها للصراعات الطائفية أو دعمها للميليشيات المسلحة، كما اعتادت أن تفعل في كثير من دول المنطقة.
وسلط وزير الثقافة والإعلام السعودي، عواد بن صالح العواد، الضوء على الغياب الإيراني عن مؤتمر الكويت، وما يعكسه من فرق بين داعمي السلام وداعمي الإرهاب.
وغرّد العواد: «في مؤتمر المانحين لإعمار العراق الذي عقد في الكويت، تسابقت الدول، ومنها المملكة، للمساهمة في الإعمار، وغابت إيران عن دعم إعمار العراق. وهنا يظهر للعالم الفرق بين من يدعم السلام والنهضة والاستقرار وبين النظام الإيراني الذي خصص أمواله للعنف والإرهاب والدمار».
من جانبه، أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي أنور قرقاش على الفكرة ذاتها، مشيراً إلى أن النظام الإيراني يبحث عن النفوذ والتوسع عبر استغلال الفتن والأزمات.
وقال قرقاش، في تغريدة: «الانتقادات الواسعة حول إحجام إيران عن المساهمة في إعادة إعمار العراق في محلها، طالما ارتبط النموذج الإيراني بنَفَسِه الطائفي، وبالبحث عن النفوذ والتوسع عبر استغلال الفتن والأزمات».
الشيء ذاته لفت إليه الكاتب السعودي عبد الرحمن الراشد، في مقاله بعدد أمس (الخميس) من صحيفة «الشرق الأوسط»، الذي قال فيه: «ما الذي نلاحظه في قائمة الداعمين وإعادة الإعمار؟ إن الدولة الوحيدة التي غابت عن مساعدة العراقيين هي إيران! وهي أكثر دولة مسؤولة عن خرابه، ومسؤولة عن إفشال سلطته المركزية»، وتابع: «النظام في طهران قام بتفكيك مؤسسات الدولة العراقية من أجل السيطرة عليها، وأقام جيشاً موازياً سماه (الحشد الشعبي)، يماثل (حزب الله) في لبنان، ويقوم بالمهمة نفسها».
وأوضح الراشد أن نظام خامنئي عمل على دعم الجماعات الدينية العراقية على حساب الدولة المدنية، وأرسل جنراله قاسم سليماني ليملي على العراق كيف يدير مؤسساته العسكرية، ويقود حروبه، ليستخدمه لتمويل عملياته، وليكون ممراً إلى سوريا ولبنان. ولولا تدخل الحرس الثوري الإيراني، لعاش العراقيون في وضع أفضل تحت مؤسسات بلدهم السياسية، وبدعم من المجتمع الدولي، ولكان قد نجح في الاستفادة من بتروله ومياهه وشبابه في بناء دولة عظيمة.
وفي نهاية مقاله، تساءل الراشد متعجباً: «كيف يمكن للعراقيين بناء بلدهم، والميليشيات الدينية المسلحة تتحكم فيه مع الحرس الثوري الإيراني؟!».
كانت بغداد قد أعلنت انتصارها على تنظيم داعش، في ديسمبر (كانون الأول)، بعدما استعادت القوات العراقية، مدعومة من التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن، أجزاء واسعة من البلاد كان التنظيم المتطرف سيطر عليها في منتصف عام 2014.
وإلى جانب الدمار الكبير الذي خلفته الحرب، فإن النزاع تسبب في نزوح الملايين، ولا يزال هناك 2.6 مليون نازح يقيمون في مخيمات في مناطق مختلفة من البلاد الغنية بالنفط.