مستقبل رئيس جنوب أفريقيا يتحدد خلال أيام

الرئيس جاكوب زوما (وسط) يغادر مكتب رئيس البرلمان في كيب تاون (رويترز)
الرئيس جاكوب زوما (وسط) يغادر مكتب رئيس البرلمان في كيب تاون (رويترز)
TT

مستقبل رئيس جنوب أفريقيا يتحدد خلال أيام

الرئيس جاكوب زوما (وسط) يغادر مكتب رئيس البرلمان في كيب تاون (رويترز)
الرئيس جاكوب زوما (وسط) يغادر مكتب رئيس البرلمان في كيب تاون (رويترز)

تواجه جنوب أفريقيا حالة غموض سياسي متزايدة بعد أن قرر حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم إلغاء اجتماع أمس الأربعاء كان يمكن أن يفضي إلى الإطاحة بالرئيس جاكوب زوما. وتعهد نائب الرئيس سيريل رامافوزا أمس (الأربعاء)، بتعجيل اتخاذ قرار بشأن المباحثات المتصلة بمصير زوما الذي يتوقع أن يتنحى عن السلطة مع ازدياد الضغوط عليه. وقال رامافوزا، زعيم الحزب أمس (الأربعاء)، إن نتائج المحادثات الجارية حول مستقبل رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما سيجري الكشف عنها في «الأيام المقبلة». وتجري المحادثات مع زوما على أعلى المستويات داخل المؤتمر الوطني الأفريقي على مدار عدة أيام، وينتظر سكان جنوب أفريقيا بفارغ الصبر إعلانا عن تسوية الأمر في أسرع وقت ممكن، بسبب حالة الفوضى السياسية.
وقالت باليكا مبيتي، رئيسة برلمان جنوب أفريقيا: «متفائلة بأنه سيعود إلينا اليوم (أمس)» في إشارة إلى رامافوزا، موضحة أنه سيقوم «بإطلاعنا بمدى التقدم» بينه وبين زوما. وجاء في بيان رامافوزا «هناك الكثير من التكهنات والقلق حول موقف الرئيس جاكوب زوما باعتباره رئيسا للدولة». وأضاف: «الليلة الماضية، بدأ الرئيس زوما وأنا مناقشات مباشرة حول المرحلة الانتقالية والمسائل المتعلقة بمنصبه رئيسا للجمهورية». وفي حال غادر زوما المنصب قبل انتهاء ولايته، فمن المقرر أن يخلفه فيه رامافوزا الذي يشغل منصب نائب الرئيس وزعيم الحزب.
وبدا جاكسون مثيمبو، نائب رئيس الحزب ورئيس الكتلة البرلمانية، متفائلا أيضا بشأن مشاورات الجانبين، وقال: «لسنا بحاجة إلى ارتداء قفازات الملاكمة... لأن هناك شيئا بناء، شيئا مثمرا، يحدث بينهما». وقال إنه ربما لا تكون هناك حاجة الآن إلى التصويت بحجب الثقة الذي كان مقررا في 22 فبراير (شباط). كانت رئيسة البرلمان أعلنت أول من أمس (الثلاثاء) أنه قد تم تأجيل خطاب «حالة الأمة» السنوي الذي كان من المقرر أن يلقيه زوما غدا.
و«المؤتمر الوطني الأفريقي»، الذي ينتمي له زوما، اكتسب شعبيته من قيادته الكفاح ضد حكم الأقلية البيضاء. لكن زوما والحزب الحاكم خسر جزءا كبيرا من الدعم الشعبي له منذ ذلك الحين، خصوصا بعد وفاة الزعيم نيلسون مانديلا. واتسمت رئاسته بتباطؤ اقتصادي وبطالة قياسية وقضايا فساد متعددة، كما جاء في تقرير الصحافة الفرنسية. وواجه زوما عدة قضايا بينها الاشتباه بأنه تلقى 783 دفعة مالية مرتبطة بصفقة أسلحة قبل وصوله إلى السلطة عام 2009، ورغم تعرضه لهجوم كبير وانتقادات حادة، لا يزال جاكوب زوما يتمتع ببعض الدعم داخل الحزب.
ونقلت خدمة «تايمز لايف» الإخبارية على الإنترنت في جنوب أفريقيا عن مصادر قولها إن الرئيس جاكوب زوما، 75 عاما، سيقدم استقالته بمجرد وضع اللمسات الأخيرة على قائمة من الشروط المسبقة في اتفاق مع نائبه وزعيم حزب المؤتمر الوطني الأفريقي سيريل رامافوزا. وقالت «تايمز لايف» إن إيس ماجاشول الأمين العام للحزب الذي حضر اللقاء لم يؤكد ما إذا كان زوما وافق على الاستقالة لكنها نقلت عن مسؤولين آخرين بالحزب قولهم إنه جرى التوصل إلى اتفاق سيتضمن «رحيل زوما بطريقة تحفظ كرامته».
وقال رامافوزا، 65 عاما، أمس (الأربعاء)، إن تأجيل اجتماع لكبار قادة حزب المؤتمر الوطني من شأنه تمكين «أن يتيح لي وللرئيس زوما عقد مباحثاتنا خلال الأيام المقبلة». وتابع أن «المباحثات كانت بناءة ووضعت أسس حل سريع للوضع في مصلحة البلاد والشعب».
وقال المحلل السياسي المستقل رالف ماثيكغا، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن الحزب الحاكم «أدار رحيل زوما بشكل خاطئ». وأضاف: «للأسف هم لم يواكبوا الواقع، لذا فحزب المؤتمر الوطني الأفريقي يحاول الآن استعادة زمام الأمور». وتابع أن «إلغاء اجتماع الحزب الأربعاء قد يعني أن هناك اتفاقا على رحيل» زوما. ونشرت رئاسة جنوب أفريقيا صورا للرجلين جالسين مبتسمين في اجتماع للحكومة في كيب تاون. وأعلنت رئيسة البرلمان باليكا مبيتي للتلفزيون أمس (الأربعاء) إن رامافوزا سيطلع الشعب قريبا على آخر مستجدات الوضع السياسي المضطرب. وقالت: «لا يمكن أن نستبق الأحداث، لذلك لا يزال علينا انتظار نتيجة المشاورات بين الرئيسين». ويأتي الإعلان عن تأجيل اجتماع اللجنة الوطنية التنفيذية التي تمتلك سلطة الإطاحة بالرئيس، غداة إلغاء خطاب للرئيس عن حال الأمة ويعد مناسبة رئيسية سنوية توضح أولويات الحكومة للعام المقبل. وكان من المفترض أن يلقي زوما الخطاب أمام البرلمان في الكاب (كيب تاون) اليوم الخميس قبل أن يرجئه. وبعد ضغوط من المعارضة، وافق الرئيس على تأجيل خطابه، فيما يبدو خوفا من مقاطعة نواب المعارضة له لدفعه إلى الاستقالة. ويؤكد إرجاء الخطاب التكهنات بأن زوما سيرضخ في نهاية المطاف للدعوات التي تطالبه بالاستقالة.
ويدفع كثيرون من داخل حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم باتجاه تولي سيريل رامافوزا، زعيم الحزب منذ ديسمبر (كانون الأول) السلطة فورا. لكن الموالين لزوما مصممون على أن يكمل الرئيس فترته الرئاسية الثانية والأخيرة في الحكم، التي تنتهي بإجراء الانتخابات العام المقبل. وقالت الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، جيسي دوارتي، أول من أمس (الثلاثاء): «يمكنني أن أقول إن هناك رؤى مختلفة». وأوضحت رئيسة البرلمان مبيتي أن خطاب حال الأمة أرجئ، لأنه كان هناك «احتمال قليل» أن يجرى دون مقاطعة.



إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
TT

إردوغان يعرض وساطة لحل الخلاف بين السودان والإمارات

من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)
من لقاء سابق بين إردوغان والبرهان في أنقرة (الرئاسة التركية)

عرض الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وساطة بلاده لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة على غرار ما قامت به لتسوية الأزمة بين الصومال وإثيوبيا حول اتفاق الأخيرة مع إقليم أرض الصومال على استخدام ساحلها على البحر الأحمر.

وقال إردوغان، في اتصال هاتفي، الجمعة، مع رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان، إن «بإمكان تركيا التوسط لحل الخلاف بين السودان ودولة الإمارات العربية المتحدة». وبحسب بيان للرئاسة التركية، تناول إردوغان مع البرهان، خلال الاتصال الهاتفي، العلاقات بين تركيا والسودان، وقضايا إقليمية وعالمية، وأكد أن تحقيق السلام والاستقرار في السودان والحفاظ على وحدة أراضيه وسيادته ومنع تحوله إلى ساحة للتدخلات الخارجية، من المبادئ الأساسية لتركيا.

ولفت إردوغان، بحسب البيان، إلى أن تركيا توسطت لحل الخلاف بين الصومال وإثيوبيا، وأن الاتفاق بين البلدين سيساهم في السلام بالمنطقة.

اتهامات متبادلة

ودأب قادة الجيش السوداني على اتهام دولة الإمارات العربية المتحدة، بدعم قوات «الدعم السريع» وتزويدها بالأسلحة والمعدات. وتقدم مندوب السودان في الأمم المتحدة الحارث إدريس الحارث، بشكوى رسمية ضدها، واتهمها بالتخطيط لإشعال الحرب ودعم «قوات الدعم السريع» بمساعدة من تشاد، طالباً إدانتها، بيد أن أبوظبي فندت تلك الاتهامات ووصفتها بأنها "ادعاءات لا أساس لها من الصحة، وتفتقر للأدلة الموثوقة.

وفي المقابل وجهت دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن في 21 أبريل (نيسان)، شددت خلالها على أن نشر المعلومات المضللة والروايات الزائفة، يرمي إلى التهرب من المسؤولية، وتقويض الجهود الدولية الرامية إلى معالجة الأزمة الإنسانية في السودان بعد عام من الصراع بين الجيش و«قوات الدعم السريع». وأكدت أنها «ستظل ملتزمة بدعم الحل السلمي للصراع في السودان، ودعم أي عملية تهدف إلى وضع السودان على المسار السياسي للتوصل إلى تسوية دائمة، وتحقيق توافق وطني لتشكيل حكومة بقيادة مدنية».

الشيخ محمد بن زايد وعبد الفتاح البرهان في أبو ظبي 14 فبراير (أ.ف.ب)

وفي يوليو (تموز) الماضي، بحث رئيس الإمارات، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في اتصال هاتفي، مع رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، «سبل دعم السودان للخروج من الأزمة التي يمر بها»، وأكد حرص دولة الإمارات على دعم جميع الحلول والمبادرات الرامية إلى وقف التصعيد وإنهاء الأزمة في السودان.

تعهدات تركية للبرهان

ووفقاً لنشرة صحافية صادرة عن مجلس السيادة السوداني، فإن الرئيس إردوغان تعهد للبرهان باستمرار تدفق المساعدات الإنسانية التركية للسودان، وباستئناف عمل الخطوط الجوية التركية قريباً، وباستعداد بلاده لتعزيز العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتعاون في الزراعة والتعدين.

وذكر السيادي أن البرهان أشاد بمواقف تركيا «الداعمة للسودان»، وجهودها من أجل السلام والاستقرار في المنطقة والإقليم، ودورها في معالجة الكثير من القضايا الإقليمية والدولية، ودورها في الملف السوري، مبدياً ترحيبه بأي دور تركي لوقف الحرب «التي تسببت فيها ميليشيا الدعم السريع المتمردة». ودعا البرهان لتعزيز الاستثمارات التركية في مختلف المجالات، مؤكداً ثقته في مواقف الرئيس التركي رجب طيب إردوغان وحكومته الداعمة للشعب السوداني وخياراته.

ويرى مراقبون أن الاتصال الهاتفي بين إردوغان والبرهان في هذا التوقيت يأتي في ظل متغيرات وترتيبات جديدة في المنطقة تشمل السودان، بعد سقوط نظام بشار الأسد في سوريا.

ومنذ منتصف أبريل (نيسان) 2023، يخوض الجيش السوداني البرهان، و«قوات الدعم السريع» بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، حرباً خلفت أكثر من 20 ألف قتيل، وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

حضور تركي في القرن الأفريقي

وقطعت تركيا، الأربعاء الماضي، خطوة كبيرة على طريق حل النزاع بين الصومال وإثيوبيا، بعد جولات من المباحثات بين الطرفين في إطار ما عرف بـ«عملية أنقرة»، يراها مراقبون ترسيخاً للحضور التركي القوي في منطقة القرن الأفريقي.

إردوغان يتوسط الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي خلال مؤتمر صحافي في أنقرة مساء الأربعاء الماضي (الرئاسة التركية)

وأعلن الرئيس الصومالي، حسن شيخ محمود، ورئيس الوزراء الصومالي، آبي أحمد، في مؤتمر صحافي مع إردوغان مساء الأربعاء، أعقب 8 ساعات من المفاوضات الماراثونية سبقتها جولتان من المفاوضات في أنقرة في الأشهر الماضية، أنهما قررا بدء المفاوضات الفنية بحسن نية بحلول نهاية فبراير (شباط) 2025 على أبعد تقدير، والتوصل إلى نتيجة منها والتوقيع على اتفاق في غضون 4 أشهر، بحسب ما ورد في «إعلان أنقرة». وقبل الطرفان العمل معاً على حل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي تسببت في زيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وقال إردوغان إن البلدين الجارين توصلا، في ختام مفاوضات جرت بوساطته في أنقرة، إلى اتفاق «تاريخي» ينهي التوترات بينهما.

وبحسب نص إعلان أنقرة، الذي نشرته تركيا، اتفق البلدان على «التخلّي عن الخلافات في الرأي والقضايا الخلافية، والتقدّم بحزم في التعاون نحو رخاء مشترك، والعمل باتجاه إقرار إبرام اتفاقيات تجارية وثنائية من شأنها أن تضمن لإثيوبيا وصولاً إلى البحر «موثوقاً به وآمناً ومستداماً تحت السلطة السيادية لجمهورية الصومال الفيدرالية».

وأعرب إردوغان عن قناعته بأنّ الاتفاق سيضمن وصول إثيوبيا إلى البحر، قائلاً: «أعتقد أنه من خلال الاجتماع الذي عقدناه سيقدّم أخي شيخ محمود الدعم اللازم للوصول إلى البحر لإثيوبيا».

إردوغان مع الرئيس الصومالي ورئيس الوزراء الإثيوبي عقب توقيع إعلان أنقرة (الرئاسة التركية)

وتدخلت تركيا في النزاع بطلب من إثيوبيا، التي وقعت في الأول من يناير (كانون الثاني) الماضي اتفاقية مع منطقة «أرض الصومال»، التي أعلنت انفصالها عن الصومال عام 1991، لكن لم تحظ باعتراف المجتمع الدولي، وتشمل النقل البحري واستخدام ميناء بربرة على البحر الأحمر، واستغلال 20 كيلومتراً من ساحل أرض الصومال لمدة 50 عاماً مقابل الاعتراف باستقلالها عن الصومال، مع منحها حصة من شركة الخطوط الجوية الإثيوبية.

ترحيب دولي

ورحب وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، خلال لقائه إردوغان في أنقرة، ليل الخميس – الجمعة، بنجاح تركيا في التوصل إلى اتفاق بين الصومال وإثيوبيا. كما رحب الاتحاد الأوروبي بالاتفاق، وأشاد بدور الوساطة الذي لعبته تركيا بهذا الخصوص.

وترتبط تركيا بعلاقات قوية بإثيوبيا، كما أصبحت حليفاً وثيقاً للحكومة الصومالية في السنوات القليلة الماضية. وافتتحت عام 2017 أكبر قاعدة عسكرية لها في الخارج في مقديشو، وتقدم تدريباً للجيش والشرطة الصوماليين.

وبدأت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أنشطة المسح الزلزالي للنفط والغاز الطبيعي في 3 مناطق مرخصة في الصومال تمثل كل منها مساحة 5 آلاف كيلومتر مربع، بموجب مذكرة تفاهم وقعت بين البلدين في مارس (آذار) الماضي، لتطوير التعاون في مجال النفط والغاز الطبيعي.

وجاء توقيع المذكرة بعد شهر واحد من توقيع اتفاقية إطارية للتعاون الدفاعي والاقتصادي، تقدم تركيا بمقتضاها دعماً أمنياً بحرياً للصومال، لمساعدته في الدفاع عن مياهه الإقليمية لمدة 10 سنوات.