المحكمة العليا الإسرائيلية ترفض إطلاق سراح أسيرة مصابة بحروق خطيرة

TT

المحكمة العليا الإسرائيلية ترفض إطلاق سراح أسيرة مصابة بحروق خطيرة

رفضت محكمة العدل العليا الإسرائيلية، أمس الخميس، الاستئناف الذي قدمته الأسيرة الفلسطينية المقدسية الجريحة، إسراء جعابيص، لإطلاق سراحها أو حتى تخفيض مدة حكمها البالغة 11 سنة، على الرغم من وضعها الصحي والنفسي المتدهور وإصابتها بحروق خطيرة. وبناء عليه، قررت عائلتها تقديم التماس آخر للمحكمة تطالب فيه بالسماح بإدخال طبيب جراح متخصص بمعالجة الحروق وطبيب نفسي لمعاينتها. والأسيرة جعابيص اعتقلت في شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2015، لإصابتها بحروق شديدة في جميع أنحاء جسدها، بعد انفجار أسطوانة غاز داخل سيارتها قرب حاجز عسكري شرق القدس، وصدر حكم بسجنها لمدة 11 سنة، بعد أن وجّهت لها تهمة محاولة تنفيذ عملية. وشكت جعابيص أمام المحاكم طول الوقت من أنها لا تتلقى علاجا ولا أي مساعدة جدية لتخفيف آلامها أو لإشفاء جروحها طيلة العامين الماضيين. وفي مرحلة معينة يئست من القضاء الإسرائيلي، وتوجهت برسالة عاجلة من داخل سجن الشارون إلى المحافل الدولية ومنظمات حقوق الإنسان تطلب التدخل العاجل لتوفير العلاج لها، ومتابعة حالتها الصحية في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي تعاني منها.
وتعاني الأسيرة جعابيص من آلام وارتفاع درجات الحرارة بشكل دائم، ويحتاج علاجها لسنوات من التأهيل الجسدي والنفسي، كما تعاني من تشنجات في اليدين والقدمين، الأمر الذي يمنعها من القيام بأبسط الأمور الحياتية، مما يشعرها بالإهانة والخجل، لأنها أصبحت بحاجة دائمة للمساعدة.
وتجدر الإشارة إلى أن إحصاءات «هيئة شؤون الأسرى» و«نادي الأسير الفلسطيني» وغيرهما من المؤسسات الحقوقية، تبين أن عدد الأسرى والأسيرات المرضى في سجون الاحتلال الإسرائيلي يصل إلى 1007 سجناء، يعانون من أمراض ومشكلات صحية مختلفة، وأن 140 أسيرا من بين هؤلاء في حالة صحية صعبة، نظرا لطبيعة الأمراض التي يعانون منها، وعدم تلقيهم العناية الطبية اللازمة. ويقيم 20 أسيرا منهم بشكل دائم في مستشفى سجن الرملة لخطورة أوضاعهم الصحية، ويعاني 25 أسيرا من مرض السرطان، و11 أسيرا من الشلل، بينما يوجد أكثر من 20 أسيرا يعانون من أمراض نفسية؛ وبعضهم يقبعون في زنازين العزل الانفرادي.
وتحذر هيئات شؤون الأسرى الفلسطينيين في الضفة الغربية باستمرار من خطر وفاة أسرى بسبب الإهمال الطبي في السجون الإسرائيلية، لكن مصلحة السجون لا تكترث. وفقط في مطلع الأسبوع، توفي الأسير حسين عطا الله (57 عاما)، المحكوم بالسّجن 32 عاماً، قضى منها 21 عاماً، لأنه لم يتلق العلاج اللازم من مرض السّرطان، الذي اكتشف أنه يعاني منه فقط قبل أربعة أشهر، في خمسة مواقع في جسده، هي: الرئتان، والعمود الفقري، والكبد، والبنكرياس، والرأس.
وكان ذووه وجمعيات حقوق الإنسان في إسرائيل تقدموا بعدة طلبات للإفراج المبكّر عنه إلا أن المحكمة الإسرائيلية المركزية رفضتها جميعاً، رغم تسلّمها تقارير من طاقم لجنة الصليب الأحمر الطبي، وطبيب السّجن، تفيد بخطورة وضعه الصّحي، وصولا إلى استشهاده في مستشفى «أساف هروفيه» الإسرائيلي.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».