دخلت القوى السياسية في لبنان عملياً، في مخاض معركة الانتخابات البرلمانية المقررة في السادس من مايو (أيار) المقبل بمسارين متوازيين، الأول إطلاق الماكينات الانتخابية الخاصة بكلّ منها، والثاني البدء بعملية نسج التحالفات السياسية وتشكيل اللوائح مع الحلفاء المفترضين، وإن كانت تلك اللوائح قابلة للتبدّل قبل موعد تسليمها إلى وزارة الداخلية، أي قبل 40 يوماً من فتح صناديق الاقتراع أمام الناخبين.
وتتهيّب الأحزاب والقوى كافة المواجهة الانتخابية غير المعروفة النتائج سلفاً هذه المرّة، بسبب القانون النسبي الذي يعتمده لبنان لأول مرّة في تاريخه، وبفعل الصوت التفضيلي الذي يزيد من تعقيداته، وتعدّ دائرة بيروت الأولى التي تضمّ مناطق الأشرفية والرميل والصيفي والمدوّر، ذات الغالبية المسيحية، واحدة من أكثر الدوائر صعوبة وتعقيداً، نظراً لوجود أحزاب وشخصيات معارضة للقوى الممثلة في الحكومة، مثل حزب «الكتائب اللبنانية» وحزب «الوطنيين الأحرار» والقوى المستقلة، ولأن حزب «القوات اللبنانية» لم يحسم حتى الآن أمر تحالفه مع فريق السلطة، بالإضافة إلى عمل مهم، يتمثّل بالوجود المؤثر للمجتمع المدني، الذي أثبت حضوره القوي في الانتخابات البلدية في عام 2016.
ويسعى وزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون، إلى تفكيك التعقيدات التي تصعّب التحالفات في دائرته (بيروت الأولى)، عبر لقاءات واتصالات يجريها مع الأحزاب الفاعلة في المنطقة، ونسج أوسع تفاهم يجنّب المنطقة معركة سياسية قد تكون لها انعكاسات سلبية لمرحلة ما بعد الانتخابات، وأكد أنه «سيتشاور مع القوى التي تتشكل منها اللائحة الانتخابية للدائرة الأولى في العاصمة»، معترفاً بأن ذلك «يحتاج إلى عمل كبير وإلى تعاون مقرون بتوفر النيات الصادقة».
وأوضح فرعون في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «العلاقة السياسية بين القوى الفاعلة في دائرة بيروت الأولى غير واضحة حتى الآن». وقال: «بدأت جولة تشاور لجسّ النبض والنيات حول إمكانية نسج تحالف انتخابي، بتشجيع من رئيس الجمهورية (ميشال عون) والدكتور سمير جعجع (رئيس حزب القوات اللبنانية)، وسأكون على تواصل مع رئيس الحكومة سعد الحريري قريباً». لكنّه لفت إلى أن «طبيعة قانون الانتخابات تصعّب المهمة، بخلاف القانون الأكثري الذي يسهل معه تأليف لائحة متوازنة».
ولأن التناقضات كبيرة في هذه الدائرة، ما يجعل مهمة جمع كل الأضداد في لائحة واحدة أقرب إلى المعجزة، شدد الوزير ميشال فرعون على أن مهمته «لها هدفان الأول معرفة واقع الأحزاب واستكشاف توجهاتها، والثاني التواصل مع المجتمع المدني والبحث في إمكانية بلورة أفكار مشتركة معه»، مؤكداً إمكانية التفاهم مع المجتمع المدني سواء بالنسبة إلى مشروعه السياسي أو الإنمائي». وتوقع أن «تتبلور الصورة في الأسابيع القليلة المقبلة».
ولا تخفي بعض أحزاب السلطة اتفاقها المبدئي، على التحالف في بيروت الأولى كما في مختلف الدوائر ذات النفوذ المشترك، ويتجه تيار «المستقبل» إلى التحالف مع التيار «الوطني الحرّ» وحزب «الطاشناق» الأرمني، والوزير ميشال فرعون بانتظار نتائج المشاورات مع «القوات اللبنانية»، ويبقى لهذه القوى التأثير الأكبر في حسم النتائج وحصد الحصة الأكبر من عدد المقاعد فيها، إلا إذا جاءت النتائج مفاجئة.
ورغم تقدير الكثيرين للجهود التي يبذلها فرعون، شكك النائب سيرج طورسركيسيان، نجاحه في «جمع كل القوى السياسية في لائحة واحدة كما حصل في الانتخابات البلدية، لأن الأجواء لا توحي بذلك». ولفت طورسركيسيان في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «بلدية بيروت تتألف من 24 عضواً بينهم 12 مسيحياً من الدائرة الأولى، بخلاف الانتخابات النيابية، حيث تضمّ هذه الدائرة ثمانية نواب بينهم أربعة من الأرمن، حيث تكون المعركة الأساسية فيها على المقاعد الأربعة (المسيحية) الأوائل».
وكشف سيرج طور سركيسيان، وهو نائب أرمني أن «تحالفه في الدائرة الأولى سيكون مع النائب نديم الجميل، أي مع حزب (الكتائب) ومع المجتمع المدني»، مؤكداً أن لائحته «ستكون مكتملة». ولفت إلى أن «التيار الوطني الحرّ» سيكون متحالفاً مع تيار «المستقبل»، لأن الأخير بات له تأثير قوي بعد ضمّ منطقة المدوّر إلى هذه الدائرة، ووجود أصوات لا يستهان بها من الطائفة السنيّة في منطقة الكرنتينا». لكنه لفت إلى أن «لا أحد يعرف ما إذا كانت (القوات اللبنانية) جزءاً من تحالف قوى السلطة أم لا».
مساعٍ لتوحيد «بيروت الأولى»... انتخابياً
مساعٍ لتوحيد «بيروت الأولى»... انتخابياً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة