واكب أكثر من 50 ألف متفرج عرض «خضراء» الملحمي المستوحى من السيرة الهلالية، خلال الدورة 50 للمهرجان الدولي للصحراء في مدينة دوز (جنوب تونس) التي انطلقت يوم 28 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وتستمرّ لغاية 31 منه. تتخلّل هذا المهرجان مجموعة من العروض الفرجوية وهي عبارة عن لوحات من عادات وتقاليد البدو في حياتهم اليومية إضافة إلى سهرات فنية وحلقات شعرية ومعارض تخلد تاريخ هذه التظاهرة العريقة التي بلغت الآن نصف قرن وهي بذلك تعتبر من أكبر التظاهرات الثقافية الشتوية في ربوع الجنوب التونسي.
وجمع عرض «خضراء» أكثر من 500 مشارك وقرابة 55 فارساً و20 جملا إضافة إلى قرابة 15 من نجوم التمثيل في تونس الذين جسّدوا مختلف اللوحات بإتقان على الرغم من صعوبة التجسيد في فضاء مفتوح مثل ساحة «حنيش». وتعود تسمية «خضراء» نسبة لتونس الخضراء، إذ لا توجد شخصية بهذا الاسم في السيرة الهلالية، ولكنّها عبارة عن تكريم تونس التي آوت قبائل بني هلال. هو عملٌ ملحمي أعده المخرج التونسي حافظ خليفة واستلهمه مما كتبه الكاتب التونسي الكبير محمد المرزوقي على غرار «السيرة الهلالية» و«رواية الجازية الهلالية» وهو بحث اجتماعي في المأثورات البدوية وأهم خصائصها وتفاصيلها، وقدم سيرة بني هلال وموقعهم في تونس في كتابه مع «البدو في حلهم وترحالهم» تتخلّلها مجموعة من الأهازيج والأنماط الشعرية التي تعكس طبيعة حياة بني هلال في تلك الفترة من التاريخ.
وقدم حافظ خليفة لوحات عدة جمالية أثثتها مجموعة من الممثلين التونسيين من بينهم وحيدة الدريدي ودليلة المفتاحي وصلاح مصدق ومحمد كوكة وصالح الجدي وكمال العلاوي ونادرة لملوم، وتابع الجمهور لوحة المرحول والقافلة والغورة (الإغارة على القبائل) والتهليم أثناء سقي الإبل، وهو عبارة عن أهازيج يردّدها الرعاة أثناء ملئ الدلو من البئر، إضافة إلى لوحة الصيد بالسلوقي (كلب الصيد) ولوحات سباقات الإبل (المهاري) وعروض الفروسية والرقصات التقليدية.
وتروي السيرة الهلالية مراحل ما يعرف بـ«تغريبة بني هلال» وانتقالهم من نجد في الجزيرة العربية إلى صعيد مصر، ومنه إلى بلدان المغرب العربي خصوصاً تونس، وقد أرخت لحوادث هذا التنقل من مكان إلى آخر، ووقائع الحروب بين الهلاليين ومن دخل معهم إلى بلاد المغرب العربي ومن كان مستقراً في تلك الأنحاء من قبائل على غرار صنهاجة وزناتة.
وتعدّ هذه التغريبة وفق عدد من المؤرخين نحو مليون بيت شعر، وهي مزيج إبداعي يجمع بين التاريخ والأدب، وهي تاريخ لبطل (ذياب الهلالي وأبو زيد والزناتي خليفة) ومجموعة (القبيلة بأكملها)، وأدب يظهر أحوال الناس وثقافتهم وذائقتهم الفنية ومواقفهم من الحياة عامة، ويرى هؤلاء المؤرخون أنّ غايتها الأساسية التأثير في المتلقين وإمتاعهم وإبعاد الضجر عنهم، وليس إخبارهم بوقائع تاريخية كما يذهب إلى ظن الكثير من الناس.
«خضراء»... مستوحى من السيرة الهلالية في افتتاح مهرجان الصحراء بدوز التونسية
أكثر من 50 ألف متفرج واكبوا لوحات العرض الفنية
«خضراء»... مستوحى من السيرة الهلالية في افتتاح مهرجان الصحراء بدوز التونسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة