أبرمت حكومة ميانمار مذكرة تفاهم مع بنغلاديش، أمس (الخميس)، بشأن عودة مئات الآلاف من اللاجئين الروهينغا المسلمين الذين فروا إلى بنغلاديش خوفاً على حياتهم بعد حملة للجيش ضد الأقلية المسلمة في ولاية راخين وصفتها المنظمات الأممية والإنسانية بأنها «نموذج للتطهير العرقي». لكن هناك مخاوف من أن يعرقل قادة الجيش ذوو النفوذ في ميانمار الخطة.
وتم التوصل إلى الاتفاق بعدما التقت زعيمة ميانمار أونغ سان سو تشي، أمس (الخميس) نظيرها وزير خارجية بنغلاديش أبو الحسن محمود علي، الذي وقع المذكرة مع ياو تينت سوي المسؤول في حكومة ميانمار في العاصمة نايبيداو. وقال ميينت كياينغ السكرتير الدائم في وزارة العمل والهجرة والسكان في ميانمار لـ«رويترز»: «نحن مستعدون لاستقبالهم في أسرع وقت ممكن بعد أن ترسل بنغلاديش نماذج الاستمارات إلينا»، في إشارة إلى نماذج معلومات شخصية يتعين على الروهينغا استكمالها قبل إعادتهم إلى ميانمار.
وذكرت ميانمار أن المسألة أُبرِمَت عبر محادثات ثنائية على أساس «علاقات جوار ودية طيبة». وقال مكتب سو تشي: «القضايا التي تظهر بين الدول المجاورة يجب أن تحل ودياً من خلال المفاوضات الثنائية». وقال ميينت كياينج إنه استناداً لاتفاق 1992 - 1993 ستقبل ميانمار الروهينغا الذين يقدمون وثائق هوية سبق أن أصدرتها الحكومتان.
وأضاف أنه سيتعين على اللاجئين أن يذكروا أسماء أفراد أسرهم وعناوينهم السابقة في ميانمار، وتواريخ الميلاد، وأن يقدموا إقراراً على عودتهم طوعاً في النماذج التي سيملأونها.
وتسعى ميانمار حالياً لتخفيف الضغط الدولي عليها من خلال إبرام اتفاق مبدئي بشأن عودة اللاجئين، في حين تريد بنغلاديش ضمان ألا تتحول مخيمات اللاجئين الآخذة في التضخم بمنطقة كوكس بازار إلى وضع دائم. وينص الاتفاق على أن تبدأ عودة اللاجئين في غضون شهرين، كما ذكرت «رويترز» في تقريرها.
وذكرت وزارة الشؤون الخارجية في بنغلاديش في بيان أن مجموعة عمل مشتركة ستتشكل خلال ثلاثة أسابيع، وإن ترتيباً ثنائياً محدداً بشأن العودة «سيوضع على نحو سريع»، إلا أن صحيفة «دكا تريبيون» ذكرت نقلاً عن تصريحات لوزير خارجية بنغلاديش، أمس، أن الجانبين لم يتفقا بشأن أي إطار زمني. وترفض ميانمار الموافقة على مهلة زمنية لإعادة اللاجئين، بينما تطلب بنغلاديش أن يتم استكمال عملية إعادة اللاجئين في غضون عام. وذكرت الصحيفة أن الجانبين اتفقا على تشكيل مجموعة عمل مشتركة على مستوى وزيري الخارجية.
وتتهم جماعات حقوق الإنسان جيش ميانمار التي تقطنها غالبية بوذية بارتكاب اغتصاب جماعي وأعمال وحشية أخرى ضد الأقلية المسلمة غير المعترف بها. وقالت الولايات المتحدة، أول من أمس (الأربعاء)، إن العملية العسكرية التي دفعت 620 ألفاً من الروهينغا للجوء إلى بنغلاديش المجاورة ذات الأغلبية المسلمة تصل إلى حد «التطهير العرقي»، مرددة اتهاماً سبق أن ورد على لسان مسؤولين كبار من الأمم المتحدة في الأيام الأولى من الأزمة الإنسانية.
وخلال مراسم عسكرية في داكا قالت رئيسة وزراء بنغلاديش الشيخة حسينة إنها تجري اتصالات مع ميانمار «للبدء في استقبال مواطنيها العائدين من بنغلاديش قريباً».
غير أن الاتفاق لم يلق حماساً كبيراً بين لاجئي الروهينغا في مخيمات كوكس بازار بالقرب من الحدود مع ميانمار. وقال سلام الله الذي وصل إلى بنغلاديش منذ 15 يوماً: «سنعود إلى بلدنا إذا لبيت مطالبنا». وأضاف لتلفزيون «رويترز»: «مطالبنا هي منحنا الجنسية. عليهم أيضاً أن يعيدوا لنا أرضنا». وتحرك حكومة ميانمار أفراد هذه الأقلية من الجنسية، وتقيد بشكل كبير حركة تنقلها، وكذلك حصولها على الخدمات الأساسية.
وأبدى عاملون في المجال الإنساني في تصريحات لـ«رويترز» قلقهم من بيان أدلى به قائد الجيش الجنرال مين أونغ هلاينغ بعد اجتماعه مع وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، الأسبوع الماضي، حين قال إنه «من المستحيل قبول العدد الذي تقترحه بنغلاديش». وأضاف في البيان: «يجب أن يكون الوضع مقبولاً لكل من (سكان راخين العرقيين) والبنغال ويجب التأكيد على رغبة (سكان راخين العرقيين) الذين هم فعلاً مواطنون من مواطني ميانمار».
وإشارته للروهينغا بلفظ «البنغال» تعني ضمناً أنهم من بنغلاديش، ويعارض معظم سكان راخين البوذيين وجودهم. ووفقاً لمنشور على صفحة وزارة الخارجية في ميانمار على موقع «فيسبوك»، فإن البلدين وقّعا اتفاقيات حدودية تحدد نهر ناف كحد فاصل بين الدولتين.
واعتبر بيان صادر عن مكتب سو تشي، أمس (الخميس)، أن الدول الغربية ومنظمة التعاون الإسلامي «صورت الأمر على أنه قضية دولية من خلال تمرير قرارات في الأمم المتحدة» بينما الأمر في الواقع قضية ثنائية.
وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون اتهم، أول من أمس (الأربعاء)، ميانمار بارتكاب تطهير عرقي في ولاية راخين، ما دفع السفارة الأميركية في ميانمار إلى تعليق السفر إلى المنطقة. وقال تيلرسون في بيان: «بعد تحليل وتفكير واعٍ للحقائق المتاحة، اتضح أن الموقف في ولاية راخين بشمال البلاد يرقى إلى التطهير العرقي ضد الروهينغا».
وقال متحدث باسم السفارة الأميركية في رانغون لوكالة الأنباء الألمانية هاتفياً إنه سوف يتم منع السفر لأجزاء من ولاية راخين تشمل العاصمة سيتوي كإجراء «حكيم» لمواجهة أي مظاهرات محتملة حتى ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وتأتي المحادثات بين أونغ سان سو تشي ونظيرها البنغلاديشي في نايبيداو قبل زيارة مرتقبة للبابا فرنسيس إلى الدولتين، بعدما عبر عن تعاطف كبير مع معاناة الروهينغا.
وسينضم البابا إلى مجموعة من القادة العالميين الذين زاروا نايبيداو في الأسابيع الماضية للضغط على قادتها وبينهم قائد الجيش القوي مين أونغ هلاينغ لحل هذه الأزمة.
وسيعقد البابا لقاء مع «مجموعة صغيرة من الروهينغا» في إطار «لقاء ديني ومسكوني من أجل السلام»، مساء الجمعة في الأول من ديسمبر في دكا. وخلال الجزء الأول من زيارته إلى ميانمار قرر البابا فرنسيس أن يضيف إلى برنامجه لقاء «خاصا» مع قائد الجيش البورمي الجنرال مين أونغ هلينغ.
اتفاق بين ميانمار وبنغلاديش لإعادة الروهينغا
مخاوف من عرقلة قادة الجيش الخطة
اتفاق بين ميانمار وبنغلاديش لإعادة الروهينغا
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة