تسود أجواء الترقّب في لبنان، بعد إعلان رئيس الحكومة سعد الحريري التريث في تقديم استقالته، إفساحاً في المجال أمام الحوار والمشاورات التي من المفتَرَض أن يبدأها رئيس الجمهورية ميشال عون.
وقد رحّب معظم الأفرقاء السياسيين بقرار الحريري، فيما أبدى «حزب الله» استعداده للحوار مشروطاً بتحييد سلاح المقاومة.
وتحدث مصدر لبناني واسع الاطلاع عن ثلاثة أسس وضعها الحريري لعودته عن الاستقالة، هي أولاً صون «اتفاق الطائف»، وثانياً تطبيق فعلي للنأي بالنفس، وثالثاً عدم الإضرار بالعلاقات مع الدول العربية.
وأشار المصدر إلى أن وجود الحريري في الحكم مرتبط بهذه الأسس. وأبدت كل من مصادر عون والحريري تفاؤلهما بإمكانية التوصل إلى نتيجة إيجابية وتقريب وجهات النظر بين جميع الأطراف، داعين إلى إعطاء فرصة للتشاور. وقالت مصادر عون لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعد اطلاع عون على أسباب الاستقالة وخلفياتها بحيث بات مدركاً بشكل واضح لكل الأمور، سيبدأ مشاوراته فوراً مع الجميع لتحديد آلية العمل لمعالجة الموضوع، وهو ما سيظهر في اليومين المقبلين»، وعن المعلومات التي أشارت إلى نيته الدعوة إلى طاولة حوار، قالت المصادر: «لا صورة واضحة لغاية الآن لشكل المشاورات؛ قد تكون فردية أو ثنائية أو حتى جامعة. إنما الهدف يبقى واحداً»، لافتةً إلى أنه «لم يتم الحديث عن فترة زمنية محددة للتشاور».
من جهتها، أكدت مصادر الحريري أن الحكومة ستستأنف عملها، مؤكدةً في الوقت عينه أن «التريث يعني تعليقاً مؤقتاً لاستقالة الحكومة، بعدما بحث رئيسها مع الرئيس عون خلفيات موقفه، ولمس منه جواً إيجابياً لبحث مطالبه». ولفتت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «في موازاة المشاورات السياسية التي سيتولاها رئيس الجمهورية، كما بيَّن الأطراف المعنية، ستستأنف الحكومة التي لا تزال قائمة عقد جلساتها بشكل طبيعي، وقد يحدّد موعد لجلسة في وقت قريب». وقالت مصادر مطلعة على موقف «حزب الله»، إنه مرتاح لقرار الحريري، مشيرةً إلى استعداد الحزب للجلوس على طاولة حوار للنقاش والتشاور حول التسوية السياسية وتحييد لبنان عن النزاع الإقليمي، مع تأكيدها على أن سلاح المقاومة خارج هذه المعادلة وبحثه سيكون مرتبطاً بالاستراتيجية الدفاعية.
وعلّق وزير الداخلية نهاد المشنوق على قرار رئيس الحكومة بالقول: «التريث لا يعني عدم الاستقالة، إنما فتح الباب أمام الحوار، وعندها يُبنى على الشيء مقتضاه»، مشدداً في حديث تلفزيوني أن الأولوية اليوم هي للحوار، بينما رمى النائب في كتلة المستقبل، أحمد فتفت الكرة في ملعب عون و«حزب الله»، قائلاً: «نحن في مرحلة تقويم مهمة جداً، والحريري وضع النقاط على الحروف، والطابة في ملعب رئيس الجمهورية و(حزب الله)»، وأضاف: «عندما قدّم (الحريري) استقالته، كان يرى أن هناك خللاً على المستوى الداخلي وعلى مستوى العلاقة بين لبنان بالدول العربية ومع العالم».
ورأى وزير الإعلام ملحم رياشي المحسوب على «حزب القوات اللبنانية» أن فكرة التريث بموضوع الاستقالة لا بأس بها ما دام رئيس الحكومة يصر على المبادئ الأساسية التي حصلت على أساسها الاستقالة وما دام هناك أمل «للخروج بنتائج إيجابية من صدمة الاستقالة التي نتمنى أن تكون إيجابية».
وشدد الرياشي، في تصريح له على أن «شروط الاستقالة هي موجبات ميثاقية وتلزم لبنان بالنأي بالنفس عن المشكلات في المنطقة لأن هذه الأمور هي التي تخلص لبنان»، مضيفاً: «التريث يؤكد كلامنا أن الحريري كان حرّاً في السعودية، لأنه أكد على شروط الاستقالة».
بدوره، دعا رئيس الحكومة السابق، نجيب ميقاتي، إلى أن يكون «إعلان رئيس الحريري تريثه في استقالته فرصة لمراجعة المواقف والتلاقي على ما يحمي مصالح لبنان واعتماد النأي بالنفس لحماية وطننا وإبعاده عن تداعيات صراعات المنطقة»، مضيفاً أنها «فرصة للمِّ الشمل وتبادل الآراء بقلوب مفتوحة صوناً لاستقلال لبنان الذي نحيي ذكراه اليوم».
ثلاثية الحريري للعودة... «الطائف» والنأي بالنفس والعلاقات مع العرب
عون يبدأ مشاوراته لحوار لبناني و«حزب الله» مستعد لمناقشة كل شيء... إلا السلاح
ثلاثية الحريري للعودة... «الطائف» والنأي بالنفس والعلاقات مع العرب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة