منازل جاهزة تشيد في يوم واحد.. بالطباعة المجسمة

الصينيون يوفرونها بأسعار رخيصة والهولنديون يجهزونها بأثاث إضافي

منازل جاهزة تشيد في يوم واحد.. بالطباعة المجسمة
TT

منازل جاهزة تشيد في يوم واحد.. بالطباعة المجسمة

منازل جاهزة تشيد في يوم واحد.. بالطباعة المجسمة

طورت شركة «وين صن» الصينية للهندسة والتصاميم والديكور التي مقرها شنغهاي، علوم الطباعة ثلاثية الأبعاد، وذلك بطباعتها لجميع الأجزاء والقطع التي يحتاجها تشييد المنازل، وبالتالي استخدامها لبناء عشرة مساكن في يوم واحد. وصنعت غالبية هذه المساكن الجاهزة من الإسمنت، مع مواد أخرى مضافة إليها لأغراض أخرى.

* «طباعة» المنازل
هذه الطباعة بالأبعاد الثلاثة أصبحت من الأمور الشائعة، إذ يقوم طلاب الكليات والجامعات في جميع أنحاء البلاد بطباعة أجسام صغيرة، سواء للأغراض الثقافية والتعليمية، أو لمجرد التسلية. وعلى الرغم من أن الوقت شرع يقترب لحاجة غالبية المستهلكين إلى طابعات ثلاثية الأبعاد في منازلهم لإنتاج ما يحتاجونه، إلا أن الحاجة الحقيقية تكمن في مشاريع البناء والعمران. وكان البعض قد ارتأى أن منازل المستقبل قد تستغرق طباعتها ساعة واحدة تقريبا، مما يخفض من الكلفة وأجور العمالة إلى لا شيء تقريبا. وفي هذا المجال يبدو أن هذا الفريق في الصين، شرع يحولها إلى حقيقة ثابتة اليوم وليس غدا.
ولا تقوم «وين صن» بطباعة المنزل كله، بل بطباعة الأجزاء الأساسية، مستخدمة الإسمنت كالحبر في المطابع العادية، وتجف هذه القطع بسرعة، ليمكن استخدامها في تجميع منزل كامل بمساحة 2100 قدم مربعة. والنتيجة هنا قليل من العمالة، ومواد منخفضة الكلفة، ومنازل بسعر متدن جدا لا يتعدى سعر الواحد منه عن 4800 دولار.
وهذه المنازل التي تشيد في الصين هي نقيض ما يجري في أمستردام تماما، حيث يقوم طاقم بتنفيذ مشروع يرمي إلى طباعة منزل كامل مؤلف من 13 غرفة، بما فيها بعض المفروشات والأثاث، كل ذلك بعملية واحدة، والجدول الزمني لذلك ثلاث سنوات، والمنتج النهائي قد يكلف الملايين.
ولطباعة أجزاء المنزل وأقسامه تستخدم «وين صن» طابعة عملاقة بطول 490 قدما، وعرض 33 قدما، وارتفاع 20 قدما، ومن غير المحتمل أن تخطط الشركات الأخرى في استخدام هذه الطابعة للشروع بطباعة أجزاء لمنازل لبيعها للمستهلكين.
لذا، فقد أعلنت الشركة عن نيتها فتح 100 مصنع للتدوير، لتحويل الردم والنفايات والمتبقيات إلى مواد مناسبة لإضافتها إلى الإسمنت، الذي يقوم هنا بمقام الحبر في المطابع العادية.
ويعتقد المسؤولون الصينيون أن بالإمكان استخدام نظامهم هذا لإنتاج عدد كبير من المنازل بأسعار معقولة لحساب الفقراء الذين لا يستطيعون شراء المنازل التقليدية.



«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً