يقوم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بزيارة رسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة يومي الأربعاء والخميس المقبلين، للمشاركة في تدشين متحف اللوفر ــ أبوظبي، الذي أقيم بشراكة إماراتية ــ فرنسية انطلقت قبل عشرة أعوام.
وستكون الزيارة مناسبة لإجراء الرئيس الفرنسي مع ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، ومع رئيس حكومة الإمارات الشيخ محمد بن راشد مراجعة لمواقف باريس وأبوظبي من الأزمات الإقليمية الملتهبة، وبخاصة ملفا قطر واليمن، والعلاقات الثنائية في أوجهها كافة. وسيرافق ماكرون وزيرا الخارجية والثقافة، جان إيف لو دريان وفرنسواز نيسان، ووزير الدولة لشؤون الاقتصاد والمال بنجامين غريفو، وكذلك وفد من رجال الأعمال ورؤساء الشركاء ذات الوجود الفاعل في الإمارات أو الراغبة في الانغراس في السوق الإماراتية. وتحضر دوائر الإليزيه والوزارات المعنية لـ«زيارات لاحقة» لماكرون إلى الخليج في الأسابيع المقبلة، علما بأن الرئيس الفرنسي ينوي زيارة إيران مطلع العام 2018، في حين وزير خارجيته «يتهيأ» بطلب من الرئيس الفرنسي لزيارة طهران «قبل نهاية الشهر الحالي».
وتعتبر باريس أن علاقاتها مع دولة الإمارات، وفق ما عرضتها مصادر رئاسية فرنسية بمناسبة تقديمها الزيارة وهي الأولى للرئيس الفرنسي إلى منطقة الخليج، تتسم بـ«الثقة» و«التميز» و«التنوع»، وأن الإمارات «شريك مهم» لفرنسا و«قطب استقرار» في منطقة الخليج. وعلى الصعيد الثنائي، فإن باريس وأبوظبي ترتبطان بمعاهدة دفاعية، ولفرنسا وجود عسكري في الإمارات من خلال قاعدتها الجوية في الضفرة والبحرية في ميناء الشيخ زايد، كما أن لها حضورا لقواتها الأرضية هناك. وسيستفيد الرئيس الفرنسي من المناسبة لتفقد القوات الفرنسية الموجودة في القاعدة البحرية حيث سيصادف وجود الفرقاطة جان بارت. ويرابط في القاعدة البحرية بشكل دائم ما بين 300 و800 رجل في حين تنطلق الطائرات الفرنسية الحربية من القاعدة الجوية لضرب مواقع «داعش» في سوريا والعراق في إطار انخراط باريس في التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية. وتؤكد المصادر الفرنسية، أن قواتها تؤدي ثاني أكبر طلعات بعد سلاح الجو الأميركي.
قبل أسبوع زارت وزيرة الدافع فلورانس بارلي أبوظبي، والتقت الشيخ محمد بن زايد. ومن جملة الأمور الدفاعية قيد البحث بين الطرفين، موضوع شراء الإمارات لطائرات رافال فرنسية الصنع. وأشارت المصادر الفرنسية إلى أن الزيارة لن تشهد توقيع عقود دفاعية أو غير دفاعية، وأن المحادثات مستمرة بشأن الرافال، وهي انطلقت قبل سنوات وما زالت تواجه عقبات. أما في الجوانب الاقتصادية، فسوف يتم الإعلان عن عقود جديدة قبل نهاية العام الحالي وبدايات العام المقبل. ويسعى الطرفان لتعزيز التعاون والشراكة في قطاعات الطاقة المتجددة والنقل والكهرباء... كما تريد الشركات الفرنسية أن يكون لها موقعها في المشروعات الإماراتية الجديدة لإقامة «المعرض العالمي» في دبي في العام 2020. من هنا، تبرز أهمية انتقال ماكرون، في اليوم الثاني من الزيارة، إلى هذه الإمارة من أجل لقاء الشيخ محمد بن راشد وإلقاء كلمة الختام في المنتدى الاقتصادي الفرنسي ــ الإماراتي الذي تستضيفه دبي بهذه المناسبة. وقالت أوساط الإليزيه: إن الإمارات سوق مهمة لفرنسا وهي توفر لها رابع أكبر فائض تجاري، في حين يقيم 30 ألف فرنسي بشكل دائم في هذه الدولة.
رغم أهمية التعاون الاقتصادي والمشروعات المشتركة، فإن الملفات السياسية ستكون حاضرة بقوة في محادثات الطرفين، وأولها ستكون الأزمة القطرية الناشئة منذ يونيو (حزيران) الماضي. وفي هذا السياق، قالت المصادر الفرنسية: إن الرئيس ماكرون «منخرط» في البحث عن مخارج لها، وإن باريس «مستمرة في توجيه الرسائل الداعية إلى التهدئة مع تأكيد الدعم للوساطة الكويتية». وتعتبر باريس أن من الأهمية بمكان أن تنجح الأطراف المعنية في إعادة وصل خيوط الحوار. ورغم استمرار الأزمة، فإن المصادر الرئاسية لفتت الانتباه إلى «وجود بعض الإشارات الإيجابية التي يمكن أن تدل على أن الأزمة ذاهبة في طريقها إلى الانفراج» في المستقبل القريب. بيد أنها امتنعت عن الكشف عن تفاصيل ما تملكه الدبلوماسية الفرنسية من معطيات بشأنها. وكانت الحكومة الفرنسية قد كلفت السفير الفرنسي السابق في الرياض برتراند بيزانسينو بمهمة متابعة هذه الأزمة التي ترى أن إيجاد حلول لها «ليس في مصلحة الأطراف نفسها فقط إنما في مصلحة فرنسا أيضا».
بالإضافة إلى الأزمة الخليجية، سيكون ملف الإرهاب أحد الموضوعات الرئيسية للبحث في أبوظبي. وأشارت المصادر الرئاسية أمس إلى أن التعاون بين أبوظبي وباريس «قائم ومكثف»، ويتم التشاور بشأنه باستمرار منذ انتخاب ماكرون في الربيع الماضي، وسبق أن بحثه مع محمد بن زايد خلال زيارته لفرنسا في شهر يونيو من العام الحالي. وتعمل باريس على التحضير لمؤتمر حول تمويل الإرهاب من المنتظر أن يعقد في الفصل الأول من العام المقبل وتريد فرنسا «مشاركة إماراتية فاعلة» في التحضير للمؤتمر وأثناء عقده. وبشكل عام، فإن الطرف الفرنسي يهدف إلى دعوة الجهات كافة من دول ومنظمات «مثل منظمة التعاون والتنمية الأوروبية وهيئة محاربة غسل الأموال «Gafi» لحضور المؤتمر الذي تريده «دوليا» بالمعنى الكامل للكلمة.
ماكرون في الإمارات الأربعاء... وقطر واليمن يتصدران محادثاته
يشهد تدشين متحف اللوفر ــ أبوظبي... والإليزيه يحضّر لزيارات جديدة إلى الخليج
ماكرون في الإمارات الأربعاء... وقطر واليمن يتصدران محادثاته
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة