قاذفات أميركية تجري تدريبات تثير غضب بيونغ يانغ

الصين تقول إنها بذلت ما في وسعها بشأن كوريا الشمالية

قاذفات أميركية تحلق قرب سيول (أ.ب)
قاذفات أميركية تحلق قرب سيول (أ.ب)
TT

قاذفات أميركية تجري تدريبات تثير غضب بيونغ يانغ

قاذفات أميركية تحلق قرب سيول (أ.ب)
قاذفات أميركية تحلق قرب سيول (أ.ب)

قبل أيام من زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لكوريا الجنوبية قامت قاذفات أميركية بالتحليق فوق شبه الجزيرة الكورية، الأمر الذي اعتبرته بيونغ يانغ استفزازا. وأجرت قاذفتا «بي - 1 بي لانسر» أميركيتان أسرع من الصوت تدريبا مشتركا الخميس مع مقاتلات يابانية وكورية جنوبية حسبما ذكرت القوات الجوية الأميركية. واحتجت كوريا الشمالية أمس الجمعة على التدريب الذي أجرته المقاتلات الأميركية، وذكرت وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية أن المقاتلات قامت بـ«تدريب على شن هجوم نووي مفاجئ، يستهدف كوريا الشمالية»، متهمة واشنطن بالسعي لـ«إشعال حرب نووية». ومع ذلك، فإنّ هذه المناورة تأتي بعد أقل من شهر من استعراض ليلي للقوة شاركت فيه مقاتلات تابعة لليابان وكوريا الجنوبية. وعادة ما تدين كوريا الشمالية تحليق قاذفات «بي - 1 بي» وتعتبر ذلك بمثابة الاستعداد لشن هجمات.
وأكد سلاح الجو الأميركي التدريب في بيان قائلا إن قاذفات أميركية أقلعت من قاعدة أندرسون الجوية في جزيرة غوام بالمحيط الهادي وانضمت إلى طائرات يابانية وكورية جنوبية. ونقلت شبكة «سي.إن.إن» الإخبارية الأميركية عن المتحدثة باسم سلاح الجو الأميركي قولها إن «المهمة المتواصلة لنشر القاذفات» تم التخطيط لها مسبقا و«ليست ردا على أي حدث حالي». وأضاف البيان أنّ القاذفتين «حلّقتا لاحقاً فوق كوريا الجنوبية للانضمام إلى المقاتلات الكورية الجنوبية في البحر الأصفر»، مشيرا إلى أن كل المقاتلات عادت فيما بعد إلى قواعدها.
وتوجه ترمب إلى جزيرة هاواي أمس الجمعة في مستهل زيارته الآسيوية، التي سيقوم خلالها بزيارات إلى اليابان وكوريا الجنوبية والصين وفيتنام والفلبين.
وتتصاعد التوترات في شبه الجزيرة الكورية هذا العام، في أعقاب سلسلة من التجارب الباليستية والنووية، التي أجرتها كوريا الشمالية، والتي أثارت حربا كلامية بين ترمب والزعيم الكوري الشمالي، كيم يونغ - أون. ومن المتوقع أن يستخدم ترمب زيارته الآسيوية، والتي تبدأ في اليابان يوم غد الأحد، لتعزيز العلاقات مع الحلفاء الإقليميين، وحث الصين للقيام بالمزيد لكبح جماح البرنامج النووي لكوريا الشمالية.
وكان قد حذر في الأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الرئيس ترمب من أنه إذا اضطرت الولايات المتحدة للدفاع عن نفسها أو حلفائها، فإنه «لن يكون لديها أي خيار سوى تدمير كوريا الشمالية بشكل كامل».
وبعد التدريبات التي جرت الخميس، كتبت كوريا الشمالية، كما نقلت عنها الوكالة الألمانية، أن «الحقيقة تظهر بشكل واضح أن الإمبرياليين الأميركيين، الذين على شاكلة رجال العصابات، هم الوحيدون الذين يفاقمون الوضع في شبه الجزيرة الكورية».
يأتي ذلك في وقت رجحت تقارير إعلامية الخميس نقلا عن وكالة التجسس الكورية الجنوبية أن تكون بيونغ يانغ بصدد إجراء تجربة صاروخية جديدة قبل أيام فقط من زيارة ترمب إلى شبه الجزيرة الكورية المقسمة. وناقض ترمب تصريحات وزير خارجيته بشأن إجراء اتصالات مباشرة مع بيونغ يانغ، ووجه عددا من الرسائل المبهمة «سنقوم بما ينبغي القيام به» حيال كوريا الشمالية، مما ترك المراقبين في حيرة حول نواياه الحقيقية تجاه الملف الكوري الشمالي. وكان كيم يونغ أون توعد بأن يجعل ترمب «المختل عقليا» يدفع «ثمنا غاليا» نظير تهديداته لكوريا الشمالية وذلك بعد ساعات فقط على إعلان واشنطن تشديد عقوباتها على بيونغ يانغ. كما استخف وزير خارجية كوريا الشمالية في وقت سابق بتهديد ترمب بتدمير بلاده ووصفه بأنه «نباح كلب»، مؤكدا أن بيونغ يانغ لن ترد على هذا الخطاب.
ومن جانب آخر قال نائب وزير الخارجية الصيني تشنغ تسه غوانغ أمس الجمعة إن بلاده بذلت ما في وسعها لحل القضايا المتعلقة بشبه الجزيرة الكورية قبل زيارة الرئيس الأميركي
دونالد ترمب حيث من المتوقع أن يضغط على بكين كي تفعل المزيد بشأن بيونغ يانغ. وأضاف، في تصريحات أوردتها رويترز، أن المسألة النووية الكورية الشمالية ستكون موضوعا مهما خلال المناقشات بين ترمب والرئيس الصيني شي جينبينغ. وقال تشنغ في إفادة صحافية ببكين إن الصين تعارض بشدة أي صراع في شبه الجزيرة الكورية وتعتقد أن استخدام القوة ليس الطريقة الصحيحة لحل الأزمة. وأضاف أن الصين والولايات المتحدة لديهما مصلحة مشتركة في تحقيق السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية. كما اعتبر تشنغ أن بحر الصين الجنوبي ليس قضية نزاع بين الصين والولايات المتحدة وأن بكين تنتظر أن تقدم واشنطن مساهمة إيجابية في النزاعات بشأن المنطقة بدلا من إثارة المتاعب.
في خضم التحديات التي تواجهه في الداخل يقوم الرئيس ترمب بأطول رحلة آسيوية لرئيس أميركي خلال أكثر من ربع قرن وتستمر حتى 14 الجاري وستبعده قليلا عن عدة قضايا تشغله في واشنطن. ومن بين هذه القضايا تحقيق مكثف فيما يتعلق بالتدخل الروسي في الانتخابات التي جرت العام الماضي وهجوم نيويورك الذي أودى بحياة ثمانية أشخاص وجدال حول خطة لخفض الضرائب والتي إذا وافق عليها الكونغرس ستكون أول انتصار تشريعي كبير له. وكانت آخر مرة زار فيها رئيس أميركي آسيا لفترة طويلة في أواخر عام 1991 وأوائل 1992 عندما أصيب الرئيس جورج بوش الأب بحالة إعياء خلال عشاء رسمي في اليابان.
وقال مستشار لترمب تحدث لـ«رويترز» شريطة عدم الكشف عن هويته «إنها رحلة طويلة للغاية وستضر بأهم أولوياته المتمثلة في إقرار أجندته التشريعية في الكونغرس... الذهاب إلى آسيا لن يجدي شيئا في برنامجه لخفض الضرائب ولن يساعده في جهوده لإعادة انتخابه».
وهون المسؤولون بالبيت الأبيض من هذه المخاوف وأكدوا أن بإمكان ترمب الإبقاء على تركيزه على العديد من القضايا وهو في أي مكان. وتأتي جولة ترمب بعد أيام فقط من اتهام مدير حملته السابق بول مانافورت في تحقيق حول التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأميركية عام 2016.
وقال ترمب لصحيفة «نيويورك تايمز» يوم الأربعاء إنه ليس «غاضبا من أحد» فيما يتعلق بالقضية وإنه ليس هناك ما يشير إلى أي تواطؤ من جانب حملته وروسيا في الانتخابات.
وسيحضر ترمب قمة التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي في دانانج في فيتنام ويقوم بزيارة دولة لهانوي وينهي جولته بحضور قمة رابطة دول جنوب شرقي آسيا في مانيلا.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».