تعديل قانون هيئة أسواق المال بالكويت يتأخر وسط ترقب المستثمرين

في ظل انشغال البرلمان بقضايا سياسية أكثر إلحاحا واقتراب موعد الانتخابات

جانب  من التداولات في البورصة الكويتية («الشرق الأوسط»)
جانب من التداولات في البورصة الكويتية («الشرق الأوسط»)
TT

تعديل قانون هيئة أسواق المال بالكويت يتأخر وسط ترقب المستثمرين

جانب  من التداولات في البورصة الكويتية («الشرق الأوسط»)
جانب من التداولات في البورصة الكويتية («الشرق الأوسط»)

دخل اقتراح تعديل قانون هيئة أسواق المال نفقا مظلما، في ظل انشغال البرلمان الكويتي بقضايا سياسية وشعبية أكثر إلحاحا، واقتراب موعد الانتخابات الجزئية لعشرة في المائة من أعضاء البرلمان.
وبحسب تقرير لـ«رويترز»، يترقب الكثيرون في بورصة الكويت بشغف إقرار التعديلات لمواجهة ما يرونه قيودا فرضها القانون الأصلي على عمليات التداول والاستحواذ والمضاربات في البورصة أدت إلى عزوف المستثمرين وهبوط شديد في قيم التداول اليومية.
ويقول خبراء إن أحدث التطورات ستعني مزيدا من التأخير لتعديله، وربما الاتفاق على بقائه دون تعديل، لا سيما بعد أن بدأت هيئة أسواق المال في انتهاج سياسة جديدة تعتمد على المرونة والتجاوب مع الانتقادات الموجهة لتطبيقها للقانون.
وكان مجلس الأمة (البرلمان) الكويتي قد شرع في مطلع أبريل (نيسان) في تعديل القانون، بعد أن تقدم عدد من النواب بتعديلات شملت 37 مادة، وكلف اللجنة المالية البرلمانية بإعداد تقرير بشأن هذه التعديلات المقترحة خلال أسبوعين.
ورفض المجلس في حينها طلبا حكوميا بتمديد أجل إعداد التقرير لأكثر من ذلك، وهو ما عدّه مراقبون مؤشرا قويا على جدية المجلس في إنجاز تعديلات القانون. بيد أن التعديل لم يجرِ حتى الآن.
ويقول منتقدو قانون هيئة أسواق المال إنه يبالغ في استقلالية الهيئة ويجعل من الصعب على أي جهة أن تراقب عملها أو تراجع قراراتها، إضافة إلى وضع شروط صارمة تتعلق بما يسمى التداولات الوهمية في سوق تغلب عليها المضاربات، ولم تعتد كثيرا على تطبيق المعايير العالمية في التداول.
ويقول هؤلاء أيضا إن اللائحة التنفيذية للقانون تحتاج إلى بعض التعديلات لكي تكون أكثر توافقا مع القانون، إضافة إلى أن فرض الكثير من الغرامات والرسوم على الشركات يثقل كاهلها في فترة يعاني فيها أغلبها من ضعف الأرباح أو حتى تسجيل الخسائر.
ويرى المنتقدون أن تطبيق القانون لم يسفر حتى الآن عن إيجاد صناع سوق حقيقيين يمكنهم تشكيل قوة دافعة للبورصة.
ويتوقع نائب الرئيس التنفيذي في شركة مرابحات الاستثمارية، مهند المسباح، أن تؤدي شهور الصيف والانتخابات البرلمانية الجزئية في الكويت، إضافة للعوامل السياسية التي تكون عادة غير متوقعة، إلى مزيد من التأخير في إقرار تعديلات قانون هيئة أسواق المال. وتجري في الكويت الشهر المقبل انتخابات جزئية لخمسة مقاعد، بعد أن استقال شاغلوها من البرلمان.
وبعد الانتخابات، من المقرر أن تكون هناك عطلة الصيف التي تمتد نحو ثلاثة أشهر وتنتهي عادة في أكتوبر (تشرين الأول).
وقال جاسم السعدون مدير مركز الشال للاستشارات الاقتصادية إن الخلاف حول القانون أصبح «سياسيا وليس مهنيا»، لأن المهنية تعني أن يجري تأجيل التعديلات إلى ما بعد الصيف بحيث يجري أخذ رأي أصحاب الشأن، وفي مقدمتهم مفوضو هيئة أسواق المال.
ويرى السعدون أن أوضاع الحكومة الحالية التي استقال منها وزيران حتى الآن، وأوضاع مجلس الأمة الذي استقال منه خمسة نواب يشكلون عشرة في المائة من أعضائه، ليست مواتية لاتخاذ قرارات بتعديل قانون مهم ومفصلي مثل قانون هيئة أسواق المال.
وأسفر اجتماع للجنة المالية والاقتصادية بالبرلمان، مطلع الأسبوع، مع وزير التجارة والصناعة عبد المحسن المدعج، عن طلب الحكومة تقديم رأيها للتعديلات المقدمة مكتوبا خلال عشرة أيام، وهو ما قد يفتح الباب أمام اجتماعات أخرى لمناقشة أمور تفصيلية، أو تقديم اقتراحات جديدة.
ورفض صالح الفلاح رئيس هيئة أسواق المال الرد على استفسار «رويترز» حول رأي الهيئة في تعديل القانون.
كما لم تتمكن «رويترز» من الوصول لعضو مجلس الأمة الدكتور يوسف الزلزلة، وهو وزير تجارة سابق أخذ على عاتقه في مارس (آذار) الماضي إنجاز تعديلات القانون، خلال أسبوعين.
وكان قد تبلور رأي عام قوي بين المتداولين خلال الشهور الماضية بأن القانون الحالي هو أحد أهم أسباب تكبيل بورصة الكويت، وفشلها في القيام بدورها في تنمية وتنويع الاقتصاد الكلي للبلد النفطي.
ويدلل هؤلاء على صدق مقولتهم بأن القيم المتداولة اليومية كانت تزيد قبل الأزمة المالية العالمية في عام 2008 عن 200 مليون دينار (710 ملايين دولار) يوميا، انخفضت إلى النصف تقريبا بعد الأزمة.
وكان المتداولون يعولون على القانون الذي أقر عام 2010 وبدأ العمل به في 2011 في علاج جوانب القصور، والإسهام في تنشيط البورصة.
لكن ما حدث هو العكس، حيث انخفضت التداولات اليومية حاليا إلى حدود 20 مليون دينار، وأحيانا أقل أي نحو عشرة في المائة من قيم ما قبل الأزمة.
وعزا السعدون ضعف السيولة في البورصة إلى هبوط أسعار الأسهم واختلاط الشركات «المريضة بالسليمة»، وهو ما أدى لارتفاع مخاطر السوق وعزوف المستثمرين عنها، إضافة «للبيئة السياسية المضطربة التي لا تشجع على الاستثمار». ويرى السعدون أنه باستثناء قطاع المصارف لم تقم الحكومة بأي عمل حقيقي لمعالجة تبعات الأزمة العالمية.
وبعد أن ضربت الأزمة المالية السوق الكويتية بعنف في 2008، تدخلت الحكومة بشكل سريع لإنقاذ قطاع البنوك، وأقرت خلال ساعات قانونا ضمنت من خلاله ودائع العملاء لدى البنوك، وهو ما جعل هذا القطاع متماسكا خلال الأزمة.
لكن محللين يقولون إن الحكومة لم تقم بما ينبغي مع الشركات الأخرى التي تضررت من الأزمة، لا سيما قطاع الاستثمار الذي منيت معظم شركاته بخسائر ما زالت تعاني منها حتى الآن.
وفي المقابل، فإن هناك من يدافع عن موقف الحكومة بالقول إن الدولة تركت القطاع الخاص لمنطق السوق، وإن كثيرا من الشركات المتعثرة إنما تجني ثمار ما زرعته بأيديها من نشاطات وهمية واستثمار غير مجد في أوراق مالية معطوبة.
وأكد المسباح أن القلق من الأوضاع السياسية المتقلبة أحد أهم أسباب العزوف عن البورصة، لأن «الكل مترقب.. وهناك قضايا سياسية حساسة، والسوق حساسة تجاه الأمور السياسية».
وبعد أن تقدم النواب بتعديلاتهم، اتجهت الهيئة لاتخاذ سلسلة من القرارات شملت تيسير شروط الإدراج وتيسير شروط الاستحواذ على أسهم جديدة فوق نسبة 30 في المائة، التي كانت تشكل إحدى عقبات الاستحواذ، كما أجلت متطلبات الحوكمة عاما ونصف العام إضافية، فوق المهلة التي كانت ممنوحة سابقا.
وعدّ البعض هذه القرارات محاولة من الهيئة لتلافي الانتقادات الموجهة إليها، وتفكيك الجبهة الداعمة لتعديل القانون، التي ضمت كل خصوم الهيئة.
ويبدو أن الهيئة بدأت تجني بعض ثمار هذه القرارات، حيث تراجعت غرفة تجارة وصناعة الكويت واسعة النفوذ عن انتقاداتها المعلنة للهيئة، لا سيما فيما يتعلق بالصرامة في تطبيق قواعد الحوكمة.
وصدرت تصريحات من مسؤولين بالغرفة تؤكد وقوفها إلى جانب الهيئة ودعمها لاستقلاليتها.
وقال السعدون إن الهيئة «تصرفت بشكل صحيح، مددت آجال نفاذ مدونة الحوكمة. وبدأت مفاوضات مع الغرفة لسماع وجهة نظرها، ثم بدأت بتعديل بعض الإجراءات المتشددة، ومنها ما صدر أخيرا بتيسير شروط الإدراج. هذه الإجراءات تعني أن (الهيئة تقول) الرسالة وصلت، وإنني مرنة ومنفتحة، وإننا نريد مصلحة الجميع».
ووصف المسباح هذه القرارات بـ«الجيدة»، وقال إنها «تتسم بالمرونة والاستيعاب.. وهي وإن جاءت متأخرة، فإنها جاءت في النهاية»، لأن القرار الذي يصدر من خلال أخذ جميع الآراء يكون عادة أقوى وأكثر قابلية للتطبيق (الدولار يساوي 2817.‏0 دينار).



تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
TT

تأييد استمرار خفض الفائدة يتزايد داخل «المركزي الأوروبي» حال استقرار التضخم

مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)
مقر البنك المركزي الأوروبي في مدينة فرانكفورت الألمانية (رويترز)

أيد أربعة من صناع السياسات في البنك المركزي الأوروبي يوم الجمعة المزيد من خفض أسعار الفائدة؛ شريطة أن يستقر التضخم عند هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2 في المائة كما هو متوقع.

وخفض البنك المركزي لمنطقة اليورو أسعار الفائدة للمرة الرابعة هذا العام يوم الخميس، وأبقى الباب مفتوحا لمزيد من التيسير، على الرغم من أن بعض المحللين شعروا أن إشارة رئيسة البنك كريستين لاغارد في هذا الاتجاه كانت أقل وضوحا مما كانوا يأملون.

وبدا أن محافظ البنك المركزي الفرنسي فرنسوا فيليروي دي غالو، وزميله الإسباني خوسيه لويس إسكريفا، والنمساوي روبرت هولزمان، وغاستون راينش من لوكسمبورغ، قد أكدوا الرسالة يوم الجمعة.

وقال فيليروي دي غالو لإذاعة الأعمال الفرنسية: «سيكون هناك المزيد من تخفيضات الأسعار العام المقبل». وفي حديثه على التلفزيون الإسباني، أضاف إسكريفا أنه من «المنطقي» أن «يخفض البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة مرة أخرى في اجتماعات مستقبلية» إذا استمر التضخم في التقارب مع الهدف. وكان 2.3 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني).

وخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الذي يدفعه على احتياطيات البنوك بمقدار 25 نقطة أساس إلى 3.0 في المائة يوم الخميس، ويتوقع المستثمرون تخفيضات أخرى بقيمة 100 نقطة أساس على الأقل بحلول يونيو (حزيران) المقبل.

ورفضت لاغارد التكهن بالمسار المستقبلي للأسعار، مشيرة إلى المخاطر التي تتراوح من التعريفات الجمركية الأميركية المحتملة إلى عدم اليقين السياسي في الداخل، حيث إن فرنسا حالياً دون حكومة، بينما تواجه ألمانيا تحديات انتخابات جديدة، فضلاً عن التضخم المحلي المرتفع.

وألقى فيليروي دي غالو، الوسطي الذي أصبح مؤيداً بشكل متزايد للسياسة التيسيرية في الأشهر الأخيرة، بثقله وراء توقعات السوق. وقال: «ألاحظ أننا مرتاحون بشكل جماعي إلى حد ما لتوقعات أسعار الفائدة في الأسواق المالية للعام المقبل».

وحتى محافظ البنك المركزي النمساوي روبرت هولزمان، وهو من الصقور وكان المعارض الوحيد للتيسير، أيد عودة أسعار الفائدة إلى مستوى محايد، لا يحفز الاقتصاد ولا يكبح جماحه، عند حوالي 2 في المائة. وقال للصحافيين: «ستتجه أسعار الفائدة في هذا الاتجاه. وإذا تحققت تقييمات السوق كما هي في الوقت الحالي، فسوف تتطابق مع توقعاتنا. وإذا تطابقت توقعاتنا، فربما يتعين علينا تعديل أسعار الفائدة لدينا لتكون متسقة».

وقال راينيش من لوكسمبورغ، والذي نادراً ما يناقش السياسة في العلن، لوسائل الإعلام المحلية أنه «لن يكون من غير المعقول» أن «ينخفض ​​سعر الودائع إلى 2.5 في المائة بحلول أوائل الربيع»، وهو ما يعني على الأرجح خفض سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في يناير (كانون الثاني) ومارس (آذار) المقبلين.

بينما قلل إسكريفا من احتمال خفض سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، وهو الخيار الذي طرحه بعض زملائه وتبناه البنوك المركزية في سويسرا والولايات المتحدة. وقال محافظ البنك المركزي الإسباني المعين حديثا: «في المناقشات التي أجريناها (الخميس)، كانت الفكرة السائدة هي أنه يتعين علينا الاستمرار في إجراء تحركات هبوطية بمقدار 25 نقطة أساس، وهو الشكل الذي سيسمح لنا بمواصلة تقييم التأثيرات من حيث انكماش التضخم».

في غضون ذلك، ظل الإنتاج الصناعي في منطقة اليورو دون تغيير في أكتوبر (تشرين الأول) مقارنة بالشهر السابق، متجاوزا التوقعات بانخفاض طفيف، لكن البيانات تشير إلى عدم وجود تعافي في الأفق لقطاع غارق في الركود منذ ما يقرب من عامين. وجاء الرقم الذي لم يتغير، والذي أصدره «يوروستات»، أعلى قليلا من توقعات الاقتصاديين بانخفاض بنسبة 0.1 في المائة، ويأتي بعد انخفاض بنسبة 1.5 في المائة في سبتمبر (أيلول).

وأعلنت ألمانيا وفرنسا وهولندا عن قراءات سلبية خلال الشهر، بينما ظل الإنتاج الإيطالي راكدا، تاركا إسبانيا الدولة الوحيدة من بين أكبر دول منطقة اليورو التي سجلت قراءة إيجابية.

وعانت الصناعة الأوروبية لسنوات من ارتفاع حاد في تكاليف الطاقة، وتراجع الطلب من الصين، وارتفاع تكاليف التمويل للاستثمار، والإنفاق الاستهلاكي الحذر في الداخل. وكان هذا الضعف أحد الأسباب الرئيسية وراء خفض البنك المركزي الأوروبي لأسعار الفائدة يوم الخميس وخفض توقعاته للنمو، بحجة وجود حالة من عدم اليقين في الوفرة.

وبالمقارنة بالعام السابق، انخفض الناتج الصناعي في منطقة اليورو بنسبة 1.2 في المائة، مقابل التوقعات بانخفاض بنسبة 1.9 في المائة. ومقارنة بالشهر السابق، انخفض إنتاج الطاقة والسلع المعمرة والسلع الاستهلاكية، وارتفع إنتاج السلع الرأسمالية فقط.