يمنيون يشترون حياة أطفالهم من الميليشيات الحوثية

وقعوا بين كماشتي «توفير المقاتلين» أو دفع رواتب لمقاتلي الانقلاب

أطفال يمنيون يحملون أسلحة في صنعاء (غيتي)
أطفال يمنيون يحملون أسلحة في صنعاء (غيتي)
TT

يمنيون يشترون حياة أطفالهم من الميليشيات الحوثية

أطفال يمنيون يحملون أسلحة في صنعاء (غيتي)
أطفال يمنيون يحملون أسلحة في صنعاء (غيتي)

أصدر الحوثيون أوامر تعسفية جديدة ضد المواطنين اليمنيين الذين لا علاقة لهم بالعمل العسكري، تقضي بوضعهم أمام خيارين؛ إما توفير مجندين من أبنائهم دون النظر إلى كونهم من القاصرين أو الراشدين، وإما دفع راتب لعسكري واحد على الأقل وبصورة شهرية تحت مسمى المجهود الحربي.
وأوضح اللواء سمير الحاج قائد قوات الاحتياط في الجيش اليمني لـ«الشرق الأوسط»، أن الحوثيين يفرضون إتاوات على جميع الفئات باسم المجهود الحربي، وألزموا الجهات الحكومية والمديريات بدفع جزء من ميزانياتها، كما أجبروا المتاجر على دفع نسبة تقدر بنحو 15 في المائة من الأرباح، وما يعادل 10 في المائة من مبيعات محطات النفط والغاز إضافة إلى الجبايات العينية والنقدية التي تفرض على المواطنين.
وأضاف أن موارد الدولة بالكامل يعتبرها الحوثيون حقاً خاصاً يحتفظون به كاحتياطي، وما يدفع من رواتب هو ما يؤخذ من أموال المواطنين، مشيرا إلى أن الغرض مما يقومون به هو تجميع أكبر قدر ممكن من المبالغ المالية كاحتياطي لهم.
وقال الحاج إن «الحوثيين تمادوا في طغيانهم وسطوتهم على حقوق المواطنين واستحدثوا نظام بدل التجنيد تحت مسمى عام (المجهود الحربي) القاضي باستقطاع نسبة من رواتب الموظفين، فأي موظف يبلغ راتبه 400 ألف ريال يمني (1600 دولار) يستقطع من راتبه ما يقارب ألف ريال (أربعة دولارات) بمسمى (بدل تجنيد) عنه وعن أبناء أسرته سواء كان ابنه أو أخاه، وأيضا يؤخذ من الابن أو الأخ إذا كانوا موظفين، وهكذا يستمر مسلسل السطو على أموال المواطنين». ولفت إلى أن الحوثيين لم تسلم منهم القبائل الموالية لهم، إذ إن أبناء هذه القبائل وجدوا أنفسهم أمام خيارين إما إرسال أبنائهم للتجنيد أو مساهمتهم من مدخولات المزروعات التي لديهم كبديل عن التجنيد، كما أن الجهات الحكومية الواقعة في مناطق سيطرة التمرد تم إجبارهم على إنشاء حسابات مصرفية خصوصا في البنوك التجارية لتوريد الإيرادات عوضا عن البنك المركزي، في إشارة واضحة لمخالفة القانون الذي ينص على عدم القيام بهذه الخطوة إلا بموافقة وزير المالية.
وأكد مواطنون يمنيون تحفظوا على ذكر أسمائهم خشية الاستهداف، أن المدنيين في المناطق غير المحررة يواجهون ضغوطاً كبيرة من أجل الحصول على مجندين بالإكراه أو المشاركة في دفع رواتب المنضمّين إلى صفوف الحوثي، ما أدى إلى فوضى واحتقان بين المدنيين والميليشيات العسكرية التابعة للتمرد التي عمدت للزج بغير المتعاونين في المعتقلات دون محاكمة.
وتسببت التصرفات الحوثية غير القانونية في زيادة مصاعب الاقتصاد اليمني بسبب مباشرة التعاملات المصرفية بعيدا عن الأطر المعمول بها من قبل البنك المركزي من ناحية، ونهب الاحتياطي النقدي من البنك المركزي والعبث بالمؤسسات الحكومية من ناحية ثانية طبقا لتصريحات مسؤولين في الحكومة اليمنية الشرعية، وعبر التعدي على ممتلكات وأموال المدنيين ومداخيل أبناء القبائل من ناحية ثالثة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».