بمجرد أن يعتاد المرء رؤية مشاركة ناديه في الدوري الإنجليزي الممتاز وتتلاشى النشوة المصاحبة للانضمام إلى زمرة أندية هذا القسم، وترى فريقك المفضل وهو يتراجع ويمنى بالهزائم على امتداد معظم أسابيع الموسم، تتملكك مشاعر الإحباط والحزن، ويتضح للمشجعين أن الصعود للدوري الممتاز في حد ذاته ليس بالأمر الممتع، وربما الهبوط هو الحل الأفضل.
هل سعدت بنجاح «سوانزي سيتي» في الفرار من شبح الهبوط واستمرار النادي داخل الدوري الممتاز؟ بالطبع نعم، فلا أحد يرغب في الهبوط؛ فهو عملية مؤلمة ومثيرة للإحباط، وعادة ما تسفر عن فقدان موظفين أكفاء بالنادي عملهم ورحيل لاعبين ماهرين، مع عدم وجود ما يضمن العودة إلى صفوف الدوري الممتاز من جديد. والمؤكد أن التحسر على عدم المشاركة في الدوري الممتاز يعد بمثابة الشكوى الأولى والأكثر مرارة في صفوف مشجعي الأندية الـ72 التي عاشت تجربة اللعب بالممتاز، بجانب بعض المنافسين السابقين مثل ليتون أورينت وهارتلبول وترانمير وريكسهام. والمؤكد أن جماهير سوانزي سيتي في المستقبل ستنظر إلى العصر الحالي بوصفه الحقبة الذهبية في تاريخ النادي، وسيتملكهم الإعجاب والفخر إزاء تحول ناديهم من مشارك في صفوف الدور الأدنى من الدوري إلى عنصر في منظومة الدوري الممتاز.
ومع ذلك، نجد على الجانب الآخر أن الصراع الذي خاضه الفريق الموسم الماضي للهروب من الهبوط كان تجربة مريرة بجميع المقاييس وحملت للجماهير شتى صنوف العذاب. وصدرت النتيجة النهائية أمام وستهام يونايتد في أعقاب مباراة هيمن عليها الأداء الرديء اللائق باستاد سيئ لا يصلح لكرة القدم ولا يبشر سوى بالهبوط إلى دوري الدرجة الأولى؛ لكن هل كان هذا المصير بذلك السوء الذي يظنه كثيرون بالفعل؟ في حقيقة الأمر، يتميز دوري الدرجة الأولى بمعظم المميزات التي يدعيها الدوري الممتاز كذباً لنفسه؛ فهو بطولة تنافسية ومن المتعذر التكهن بنتائج منافساتها، ودائماً ما يطرح في النهائي منافسين غير متوقعين يتصارعون على اللقب. وربما يكمن النجاح الحقيقي للموسم الماضي في الإثارة الشديدة التي حملتها مباريات دوري الدرجة الأولى، وليس إثارة معارك الهروب من شبح الهبوط في الدوري الممتاز.
وطرح الموسم الماضي من دوري الدرجة الأولى أماكن جديدة لارتيادها؛ بيرتون وكذلك فليتوود التي بدت وجهة محتملة لبعض الوقت، بجانب أماكن أخرى طال اشتياق الجماهير إليها مثل إبسويتش. وبالطبع، كانت لتكون هناك زيارات لمناطق أخرى مثل كارديف وميلوول، لكن على الأقل فرق هذه المدن كانت ستصبح منافسة بالمعنى الحقيقي في الدوري، بدلاً من دوري المشاركة «الشرفية» الحالي في الدوري الممتاز. إلا أنه بدلاً من ذلك، عاد سوانزي إلى الدوري الممتاز للموسم السابع على التوالي للمشاركة على استادات ذائعة الصيت مثل «الإمارات» و«أولد ترافورد» و«أنفيلد»، وللاضطلاع بدور مرسوم لنا بدقة ولا يحمل أهمية كبيرة.
وبالفعل، نتابع سوانزي عبر المباريات التي يجري بثها تلفزيونياً لنجده باستمرار قرب القاع، وصولاً إلى حالة الفوضى الدفاعية التي عصفت به الموسم الماضي وأدت إلى سيل من الأهداف انهمر في شباكه. أما دور الفرق الجديدة الواعدة داخل الدوري الممتاز؛ فقد انتقل جنوباً منذ أمد بعيد؛ في البداية لحساب ساوثهامبتون، ثم إلى بورنموث.
ومع أن لكل ناد تجربة مختلفة، لكن ليس من الصعب تخيل أصداء هذه المشاعر داخل وستهام يونايتد وستوك سيتي ووست بروميتش ألبيون، والتي تعززها الذكريات التي لا تزال حية في الأذهان بخصوص المواسم التي شكلت خلالها هذه الفرق منافساً حقيقياً داخل الدوري الممتاز ولاقى أداؤها استحساناً واسعاً. ورغم أن ساوثهامبتون يشعر بالعذاب لتميزه بإمكانات واضحة تؤهله لتحقيق نجاح حقيقي، فإن كلا من بيرنلي وواتفورد وبورنموث وكريستال بالاس لا يزالون يستمتعون بهذا الوضع الذي أصبح مألوفاً على ما يبدو.
ومع هذا، فإن جميع هذه الفرق تسكن التيه ذاته، وتعيش دوماً في مواجهة خطر محدق تحاول الفرار منه. في الواقع، هذه مشكلة كامنة في منظومة الدوري الممتاز الهرمية، والتي تدفع الأندية رغماً عنها لمنح البقاء الأولوية الأولى قبل أي شيء. وبالنظر إلى مدى تأثير ذلك على الحياة المهنية لأفراد هذه الأندية، فلا يبدو الأمر مثيراً للدهشة.
ولا يؤدي هذا الوضع إلى حالة من الرتابة، ولا يخلو في الوقت ذاته من مخاطر.
يذكر هنا أن التداعي الذي تعرض له سوانزي سيتي في الفترة الأخيرة جاء عندما أصبح البقاء في الدوري الممتاز الهدف الوحيد أمام النادي، بدلاً من أن يصبح مجرد نهاية سعيدة لسلسلة من الخطوات الصحيحة. وأسفر ذلك بطبيعة الحال عن اتباع النادي سياسات قصيرة الأمد وتعاقب 3 مدربين على النادي وتدهور مستوى أداء اللاعبين والتناغم بينهم.
ومع هذا، ثمة بصيص من أمل اليوم، ذلك أن بول كليمنت يبدو، مثل روبرتو مارتينيز وبريندان رودجرز، مدرباً شاباً وذكياً. وتجلى ذكاؤه في إعادته ليون بريتون إلى صفوف النادي وضم أيضا روك ميسا، الأمر الذي يعكس توجهاً براغماتياً من جانب ناد يتسم بمحدودية موارده بصورة نسبية.
ومع هذا، تبقى حالة التيه قائمة. وعليه، فإن تحقيق الإثارة، بعيداً عن معارك الفرار من الهبوط، يعني ضرورة التعامل مع بطولات الكأس بجدية. واللافت أنه رغم كل الإنجازات التي تحققت عبر 6 مواسم في الدوري الممتاز، فإن اللحظات الفارقة في مسيرة سوانزي سيتي خلال تلك الفترة ارتبطت ببطولات الكأس (فوزه في دور قبل النهائي أمام تشيلسي في إطار كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة والفوز بالبطولة والفوز في فالنسيا في إطار بطولة دوري أوروبا) وجميعها كانت عام 2013. وبصورة عامة، تميز أداء الفريق خلال بطولات الكأس بنجاحات غير متوقعة وكسر للروتين.
من ناحية أخرى، فإنه مثلما سوف يستغل البعض فوز ليستر سيتي ببطولة الدوري في الموسم قبل الماضي بوصفه دليلاً سيظل يلقى على أسماعنا طيلة الباقي من حياتنا على التنافسية داخل الدوري الممتاز، فإن الأمر ذاته ينطبق على الدرس المزعوم من وراء هبوط ويغان خلال العام ذاته الذي فاز فيه ببطولة كأس الاتحاد الإنجليزي. إلا أن الحقيقة أن ويغان لم يهبط لفوزه بكأس الاتحاد، وإنما تحدد مصير النادي على أساس نتائج سلسلة من مباريات خاضها هرباً من الهروب. وفي النهاية، خرج النادي ببطولة وذكريات تفوق في أهميتها وقيمتها أي حزن يحمله الهبوط من الدوري الممتاز.
وعليه، من الضروري على الأندية جميعاً التفكير على المدى البعيد، وأن تضع نصب أعينها حل الفوز ببطولات الكأس، لأن كرة القدم وجماهيرها أكبر بكثير من مجرد ميزانيات مالية.
لذا، فإنه إذا كان السؤال: هل أنت سعيد ببقاء سوانزي سيتي داخل الدوري الممتاز؟ فسيكون الجواب: نعم؛ لكن بصورة نسبية، وليست مطلقة.
هل الهبوط أفضل من البقاء في «الممتاز» من دون أهداف؟
فرق صعدت للعب مع الكبار لكنها أصابت جماهيرها بالحسرة بسبب الخسائر المتوالية
هل الهبوط أفضل من البقاء في «الممتاز» من دون أهداف؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة