في كابل... أول مباراة كروية خلال 4 عقود تتحدى هجمات طالبان

منحت إحساساً جديداً بالأمل وحضرها 5 آلاف شخص

TT

في كابل... أول مباراة كروية خلال 4 عقود تتحدى هجمات طالبان

أضيئت الأنوار داخل استاد الاتحاد الأفغاني لكرة القدم في حضور ما يقرب من 5 آلاف شخص جاءوا لمتابعة المباراة التي لم يُسمع بمثلها في البلاد منذ ما يقرب من 40 سنة. ولا تزال الأوضاع الأمنية في العاصمة الأفغانية كابل هشة وضعيفة للغاية، كما ظهر في أوقات سابقة من الأسبوع الماضي عبر كثير من محاولات تنفيذ الهجمات الانتحارية في مختلف أنحاء المدينة، بينما في أماكن أخرى من البلاد، سقط العشرات من ضباط وجنود الشرطة الأفغان قتلى وجرحى أعمال العنف العدائية من قبل عناصر طالبان.
لكن، وفي مساء الخميس الماضي، كانت هناك معركة أخرى يجري التحضير لها بين نادي دي مايواند لكرة القدم من إقليم قندهار وفريق دي سبين غار المدافع عن اللقب من إقليم ننجرهار، في المباراة على لقب العام الحالي في الدوري الأفغاني الممتاز.
وكانت هذه هي أولى المباريات المسائية في البلاد منذ الغزو السوفياتي للبلاد في عام 1979.
وبعيداً عن الموضوع الرئيسي، فلقد اقتنص فريق أبطال مايواند فوزاً رائعاً بتسجيل هدفين نظيفين في مرمى فريق «نسور الجبال البيضاء» في المباراة نصف النهائية، التي أذيعت أيضاً عبر موجات الإذاعة والتلفزيون في مختلف أرجاء البلاد.
بدلاً من ذلك، كان الرجال والنساء الذين احتشدوا خارج أبواب الاستاد - ينفخون الأبواق ويصيحون بكل حماسة عند كل تسديدة صوب المرمى - قد حصلوا على ما هو أكثر قيمة من نتيجة المباراة: الإحساس بالفرحة العامة التي طال انتظارها والتوق الشديد إليها في البلاد التي رزحت عقوداً مطولة تحت نير الاستبداد والحروب المستمرة.
يقول سيد عمر انمادي (23 عاماً)، الذي حضر بصحبة شقيقه أليوس (12 عاماً)، لمشاهدة عرض حي لفريقهما المفضل من إقليم قندهار في الاستاد، في حين كان يعلو صوت الموسيقى عبر مكبرات الصوت تحت أضواء الملعب الرائعة: «إنه لشعور مختلف ومذهل. إننا لا نخرج في العادة أثناء الليل بسبب الأوضاع الأمنية هنا. إن هذه المباراة تمنحنا إحساساً جديداً بالأمل».
وتعد المباراة، التي استغرقت عدة سنوات من التحضير، جزءاً من حملة أكبر لإعادة الإحساس بالحياة الطبيعية في الثقافة الأفغانية تحت رعاية مجموعة موبي الإعلامية من دبي، والتي، بالشراكة مع شركة روشان للاتصالات، دشنت الدوري الأفغاني الممتاز في عام 2012.
ومع بعض الدعم المقدم من جانب وزارة الخارجية الأميركية، كانت الجهود تشتمل أيضاً على برنامج «شارع سمسم» الأفغاني للأطفال الذي يُذاع على قناة «تولو تي في» التابعة لمجموعة موبي الإعلامية، بالإضافة إلى دار للإنتاج الموسيقي لرعاية الفنانين الناشئين في العاصمة كابل.
بيد أن حالة المرح والسعادة داخل استاد كرة القدم بالعاصمة كابل تحمل إشارات رمزية أخرى للملايين من المواطنين الأفغان.
إذ لم يغب عن ذكرى الكثيرين هنا عمليات الإعدام العلنية المريعة التي كانت تجري داخل استاد غازي الكبير في كابل - الذي يبعد نحو نصف الميل عن استاد الاتحاد الأفغاني لكرة القدم - وذلك إبان حكم حركة طالبان الإرهابية للبلاد في أواخر تسعينات القرن العشرين.
وقال عبد الحميد مبارز المؤرخ المحلي، إن تلك الأيام كانت تجسد حالة الخوف والفزع من انتقام حركة طالبان الإرهابية التي لا تزال تتخلل وجدان المجتمع الأفغاني، وتجبر كثيراً من الناس على لزوم منازلهم في المساء والابتعاد التام عن الحشود الكبيرة خشية وقوع الهجمات الانتحارية.
وقبل الغزو السوفياتي للبلاد، كانت الفعاليات المسائية في العاصمة كابل من روتين الحياة اليومية، كما يقول الأستاذ مبارز، الذي كان يشغل منصب نائب وزير الثقافة في عهد العاهل الأفغاني الراحل محمد ظاهر شاه.
ولقد تجمعت الحشود داخل استاد غازي لمشاهدة فريق كرة القدم الوطني الأفغاني يتنافس ضد المنتخب الإيراني أو الباكستاني. وخلال الأعياد أو احتفالات يوم الاستقلال التي تُقام في شهر أغسطس (آب) من كل عام، تملأ الموسيقى الحية الأجواء مع انتقال العائلات إلى العاصمة كابل من الأقاليم القريبة لقضاء النزهات الجميلة، والمبيت في غالب الأحيان في الهواء الطلق في المخيمات المفتوحة. أما الآن، ومع استمرار تمرد حركة طالبان الإرهابية للعام السادس عشر على التوالي، وبعد عقود ممتدة من الصراعات السابقة، يعاني كثير من المواطنين الأفغان من ضيق حالهم وحياتهم ويتوقون إلى الإحساس بالحرية، كما قال مبارز الذي بلغ من العمر 83 عاماً.
وأردف: «لقد قرر الناس مواصلة حياتهم، والاستمتاع بها ما طالما أنهم على قيد الحياة، لأننا في الوقت الحاضر كلما غادرنا بيوتنا فلسنا على يقين من العودة إليها أحياء أم نلقى حتفنا».
ومع غروب شمس اليوم على القطاع التجاري من العاصمة كابل، حيث يوجد استاد الاتحاد الأفغاني لكرة القدم، تضيء أنوار الاستاد - التي جُلبت من الصين وتم تركيبها خلال الشهر الحالي - ظلام الليل في ذلك الجزء المظلم للغاية من عاصمة البلاد. ووجد المشجعون طريقهم عبر محيط نقاط التفتيش الأمنية، مع قوات الشرطة المحلية التي تقوم بعملها من تفتيش الأمتعة وأصحابها ممن يحاولون دخول الاستاد لمتابعة المباراة هناك.
*خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ{الشرق الأوسط}



مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
TT

مصر: قرارات «ضبط أداء الإعلام الرياضي» تثير تبايناً «سوشيالياً»

أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)
أحد تدريبات منتخب مصر لكرة القدم (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

أثارت قرارات المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام في مصر لـ«ضبط أداء الإعلام الرياضي» تبايناً على «السوشيال ميديا»، الجمعة.

واعتمد «الأعلى لتنظيم الإعلام»، برئاسة خالد عبد العزيز، الخميس، توصيات «لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي»، التي تضمّنت «تحديد مدة البرنامج الرياضي الحواري بما لا يزيد على 90 دقيقة، وقصر مدة الاستوديو التحليلي للمباريات، محلية أو دولية، بما لا يزيد على ساعة، تتوزع قبل وبعد المباراة».

كما أوصت «اللجنة» بإلغاء فقرة تحليل الأداء التحكيمي بجميع أسمائها، سواء داخل البرامج الحوارية أو التحليلية أو أي برامج أخرى، التي تُعرض على جميع الوسائل الإعلامية المرئية والمسموعة والمواقع الإلكترونية والتطبيقات والمنصات الإلكترونية. فضلاً عن «عدم جواز البث المباشر للبرامج الرياضية بعد الساعة الثانية عشرة ليلًا (منتصف الليل) وحتى السادسة من صباح اليوم التالي، ولا يُبث بعد هذا التوقيت إلا البرامج المعادة». (ويستثنى من ذلك المباريات الخارجية مع مراعاة فروق التوقيت).

وهي القرارات التي تفاعل معها جمهور الكرة بشكل خاص، وروّاد «السوشيال ميديا» بشكل عام، وتبعاً لها تصدرت «هاشتاغات» عدة قائمة «التريند» خلال الساعات الماضية، الجمعة، أبرزها «#البرامج_الرياضية»، «#المجلس_الأعلى»، «#إلغاء_الفقرة_التحكيمية»، «#لتنظيم_الإعلام».

مدرجات استاد القاهرة الدولي (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وتنوعت التفاعلات على تلك «الهاشتاغات» ما بين مؤيد ومعارض للقرارات، وعكست عشرات التغريدات المتفاعلة هذا التباين. وبينما أيّد مغرّدون القرارات كونها «تضبط الخطاب الإعلامي الرياضي، وتضمن الالتزام بالمعايير المهنية»، قال البعض إن القرارات «كانت أُمنية لهم بسبب إثارة بعض البرامج للتعصب».

عبّر روّاد آخرون عن عدم ترحيبهم بما صدر عن «الأعلى لتنظيم الإعلام»، واصفين القرارات بـ«الخاطئة»، لافتين إلى أنها «حجر على الإعلام». كما انتقد البعض اهتمام القرارات بالمسألة الشكلية والزمنية للبرامج، ولم يتطرق إلى المحتوى الذي تقدمه.

وعن حالة التباين على مواقع التواصل الاجتماعي، قال الناقد الرياضي المصري محمد البرمي، لـ«الشرق الأوسط»، إنها «تعكس الاختلاف حول جدوى القرارات المتخذة في (ضبط المحتوى) للبرامج الرياضية، فالفريق المؤيد للقرارات يأتي موقفه رد فعل لما يلقونه من تجاوزات لبعض هذه البرامج، التي تكون أحياناً مفتعلة، بحثاً عن (التريند)، ولما يترتب عليها من إذكاء حالة التعصب الكروي بين الأندية».

وأضاف البرمي أن الفريق الآخر المعارض ينظر للقرارات نظرة إعلامية؛ حيث يرى أن تنظيم الإعلام الرياضي في مصر «يتطلب رؤية شاملة تتجاوز مجرد تحديد الشكل والقوالب»، ويرى أن «(الضبط) يكمن في التمييز بين المحتوى الجيد والسيئ».

مباراة مصر وبوتسوانا في تصفيات كأس الأمم الأفريقية 2025 (الصفحة الرسمية للاتحاد المصري لكرة القدم)

وكان «الأعلى لتنظيم الإعلام» قد أشار، في بيانه أيضاً، إلى أن هذه القرارات جاءت عقب اجتماع «المجلس» لتنظيم الشأن الإعلامي في ضوء الظروف الحالية، وما يجب أن يكون عليه الخطاب الإعلامي، الذي يتعين أن يُظهر المبادئ والقيم الوطنية والأخلاقية، وترسيخ وحدة النسيج الوطني، وإعلاء شأن المواطنة مع ضمان حرية الرأي والتعبير، بما يتوافق مع المبادئ الوطنية والاجتماعية، والتذكير بحرص المجلس على متابعة الشأن الإعلامي، مع رصد ما قد يجري من تجاوزات بشكل يومي.

بعيداً عن الترحيب والرفض، لفت طرف ثالث من المغردين نظر المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام إلى بعض الأمور، منها أن «مواقع الإنترنت وقنوات (اليوتيوب) و(التيك توك) مؤثرة بشكل أكبر الآن».

وحسب رأي البرمي، فإن «الأداء الإعلامي لا ينضبط بمجرد تحديد مدة وموعد وشكل الظهور»، لافتاً إلى أن «ضبط المحتوى الإعلامي يكمن في اختيار الضيوف والمتحدثين بعناية، وضمان كفاءتهم وموضوعيتهم، ووضع كود مهني واضح يمكن من خلاله محاسبة الإعلاميين على ما يقدمونه، بما يمنع التعصب».